مفارقة عجيبة وقف عليها مواطنو الشلف أو عاصمة ''البرتقال''، نسبة إلى بساتين الحمضيات التي تغطي أراضيَ واسعة، أمام غلاء أسعار المنتوج في أسواق الولاية من دون استثناء، حيث أصبح هذا الأخير بعيدا عن قفف المستهلكين ومادة يصعب اقتناؤها في الوقت الراهن بسبب قفز سعرها إلى سقف 140دج للكلغ الواحد، في وقت تم تسويقه قبل شهر واحد بسعر 50 دج للكلغ الواحد من قبل مالكي حقول الحمضيات في مهرجان عيد البرتقال الذي احتفت به الولاية في أواخر شهر جانفي الفائت. وأوعز مراقبون لسوق البرتقال في الشلف أو متيجة الثانية، حسب الوصف الذي يطلقه إخصائيو الحمضيات على الشلف، هذا الارتفاع الفاحش في إسعار البرتقال إلى الاحتكار الطفيلي الذي تسبب فيه التجار والوسطاء في التعامل مع المنتوج من خلال تخفيض مستويات تسويقه والعمل على رفع أسعاره بالطريقة التي تضمن لهم أرباحا واسعة، وهو ما دفع بالعديد من أصحاب الحقول في الولاية لاسيما في الأرض البيضاء وبوقادير ووادي الفضة، إلى التخلي عن زراعة المنتوج لغياب مقاييس شفافة في تسويقه وانعدام آليات رقابية من قبل الجهات المختصة في ضمان سلامة المنتوج الذي بات في غير متناول العديد من المستهلكين. هذا الواقع الذي بلغته سوق البرتقال أرغم فئة واسعة من المراقبين على التأكيد على إسهام العوامل المناخية كانخفاض درجات الحرارة في وقت ازدهار المنتوج، بقدر محسوس في تراجع مساحات الحمضيات، وأوضح أحدهم في حديث ل''البلاد'' أن المناخ ليس وحده المسؤول عن هذه الحالة، بل أرجع ذلك إلى فشل مزارعي الحمضيات في جني الرصيد الوافر من المنتوج بسبب عدم احترامهم ثقافة الاستثمار في ''البرتقال'' وجهلهم تقنيات صيانة الشجرة. علما أن هناك مساحة إجمالية قدرها 5700 هكتار من بساتين الحمضيات في سهل الشلف، تم تسجيلها من أجل تعزيز برنامج غرس منتوج البرتقال وفقا لمخطط تسيير الخدمات الزراعية المعد من قبل وزارة الفلاحة. وهو برنامج يرتقب أن يدعم مساحة 500 هكتار التي تم رصدها العام الماضي لتدعيم حقول الحمضيات في الشلف، في انتظار إيجاد حلول نهائية لسهل اليسرية ببئر صفصاف شرق بلدية وادي الفضة، الذي يبقى على الدوام عائقا في وجه التنمية المحلية وخاصة في مجال زراعة الحمضيات أمام بقاء قرابة 5000 هكتار عرضة للإهمال والفيضانات، رغم الزيارات الماراطونية التي قادت عدة وزراء تعاقبوا على وزارة الفلاحة إلى سهل اليسرية. ويبقى سعر المنتوج غير معقول في معقل ''البرتقال'' بشهادة خبراء الزراعة.