رأت صحيفة "وورلد سوشياليست" الأمريكية، أن الأزمة التي وقعت في مدينة برج باجي مختار هي أعقد من أن نحصرها في قضية خلاف بين قبيلتين، بل هي نتيجة وضع إقليمي مهد الطريق لضرب الانسجام والتعايش الذي عرفته مكونات منطقة الساحل والصحراء الكبرى منذ زمن طويل. فقد اعتبرت أن حل أزمة المدينة المحاذية للحدود مع مالي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار إعادة سيطرة سلطة باماكو على الأقاليم الشمالية وفرض القانون عليها، كي لا تستغل الميليشيات المسلحة التي لا تزال تنشط هناك في العودة إلى ممارسة نفوذها وإحياء حلمها السابق في إقامة دولة مستقلة، عبر أحياء توترات عرقية في دول الساحل. وهو ما دفع الصحيفة إلى التساؤل عن قدرة الرئيس المنتخب حديثا ابراهيم أبوبكر كايتا على التعامل مع هذه التحديات، ولا يخيب أمل دول الجوار في إيجاد حل قريب للأزمة في بلاده، لإنهاء تواجد الجماعات الانفصالية من جهة وعدم إعطاء فرصة لتدخل الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا في المنطقة بركوبها موجة التوترات الحاصلة للتحكم في الموارد الطبيعية الموجود فيها. وطالبت "وورلد سوشياليست" من السلطة الجديدة في مالي بالعمل السريع للرفع من مستوى معيشة مواطنيها الذين يعيشون بأقل من 1.25 دولار في اليوم، حيث يعتبر الفساد الشامل الذي ضرب مختلف القطاعات في الدولة هو أهم العوامل التي تسببت في هذا الوضع الذي في حال استمراره فإنه ينذر بإعادة الاضطراب مجددا. هذا الجانب الخارجي في الأزمة الحاصلة حاليا في أزمة مدينة برج باجي مختار، كان موضع تلميحات من أعلى المسؤولين الجزائريين، وعلى رأسهم الوزير الأول عبد المالك سلال، الذي صرح الخميس الماضي لدى زيارته إلى ولاية المسيلة "بأن أحداث العنف التي عرفتها مدينة برج باجي مختار، بولاية أدرار، مؤخرا بين قبيلتين تم التحكم فيها، وأن الدولة واقفة لكل من سوّلت له نفسه التعدي على أمن استقرار هذا الوطن، وأن هؤلاء الخارجون على القانون سيعاقبون طبقا لقوانين الجمهورية والعدالة. لكن سلال أوضح الضوابط التي تتحكم في سياسة الدولة للتعامل مع مثل هذه التهديدات بالقول "لدينا قوة كبيرة لكن نستعملها لأمن واستقرار الجزائر"، مضيفا "أن الجزائر لا تتدخل في شؤون البلدان الأخرى، فنحن دعاة خير وسلام، و"ما كان حتى جندي جزائري يخرج من الجزائر، ولا نتدخل في شؤون الغير"، مؤكدا "وهذه هي سياسة الجزائر الخارجية". وهو ما يشير بوضوح إلى أن الجزائر لا تسعى إلى الانجرار إلى حرب إقليمية لطالما تجنبتها منذ بدأ التوترات في شمال مالي، ولكنها تضع كل ثقلها وقوتها في مكافحة كل التهديدات التي تأتيها من خلف الحدود، والتي تحاول استثمار الخلافات البسيطة التي يمكن أن تحصل في أي مكان آخر من أجل إشعال فتنة تقوض تعايشا دام قرونا طويلة بين مختلف مكونات المنطقة.