حذرت نقابات التربية من احتمال التلاعب بنتائج البكالوريا لهذا العام من خلال رفع نسبة النجاح للتغطية على حالة الضعف التي عاشها القطاع خلال الموسم المنصرم، وأكدت النقابات المستقلة أن إبعاد وزارة التربية للأساتذة عن الأمانة ومنعهم من المشاركة في عملية المداولات الخاصة بالنتائج، وكذا اعتمادها على مركز تجميع يشرف عليه بعض الإداريين والمؤطرين من غير الأساتذة، الهدف من ورائه التحكم في نتائج البكالوريا وتحديد النسب المئوية التي تناسب الحكومة بعيدا عما يفرضه واقع المستوى العلمي. وانتقد المكلف بالإعلام على مستوى ''كنابست'' مسعود بوديبة النظام الذي اعتمدته الوزارة الوصية على مدار السنوات الأخيرة فيما يخص امتحانات البكالوريا، مؤكدا أن التهميش الذي طال المشرفين على العملية التربوية خلال مرحلة البكالوريا منذ التحضير لها إلى الاعلان عن النتائج مبرمج للتلاعب والتحكم في النتائج والتحكم بالنسبة المئوية، حسب السياسة التي تريدها الوصاية. وقال المتحدث أمس في تصريح ل''البلاد'' إن تهميش وتغييب الأستاذ عن الأمانة والمداولات وحصر مهامه في عملية التصحيح فقط له تفسير واحد هو التلاعب بالنتائج، داعيا بن بوزيد إلى ضرورة العودة للنظام القديم، أي إشراك الأساتذة في الأمانة ثم المداولات وتفعيل دوره الفعال مثلما كان معتمدت في السابق، حفاظا على مصلحة التلاميذ والابتعاد عن حصر كل هذه المراحل المهمة في مركز التجميع، خاصة إذا علمنا -حسبه- أن العديد من الأخطاء تقع خلال المداولات يمكنها رهن مصير التلاميذ، بالرغم من أن وجود الأساتذة هناك بإمكانه حل الإشكال. من المنتظر أن تجد وزارة التربية الوطنية نفسها أمام مأزق حقيقي هذا العام خلال عملية تصحيح أوراق الممتحنين لشهادة البكالوريا التي ستنطلق اليوم، وذلك بسبب الأخطاء التي تم ارتكابها خلال هذه الدورة، خاصة فيما يتعلق بمركز ولاية قسنطينة الذي تم توزيع موضوع اللغة الانجليزية الخاص بشعبة الآداب لمترشحي شعبة العلوم التجريبية وكذا المترشحين الأحرار الذين وزعت عليهم مواضيع الامتحانات في اللغة الألمانية التي لم يسبق لهم دراستها، بالإضافة إلى الخلط في الخرائط الذي وقع في مادة الجغرافيا. وتنطلق اليوم عملية تصحيح مواضيع امتحانات البكالوريا عبر 48 مركز تصحيح على المستوى الوطني يشرف عليها 637,33 أستاذ لتصحيح 10 ملايين ورقة امتحان لما يقرب نصف مليون تلميذ وفق سلم تنقيط وطني موحد على كافة المراكز، من المفروض أن يمنح نفس الفرص لجميع المترشحين، وهوالإجراء الذي سيصعب تحقيقه هذا العام في ظل الأخطاء المرتكبة في حق بعض المترشحين. وكان أول خطأ قد شهده مركز قسنطينة الذي سلم المرشحين فيه بشعبة العلوم الدقيقة امتحان اللغة الانجليزية الخاص بشعبة الآداب، حيث ستجد الوزارة الوصية صعوبة في التعامل مع الطلبة الذين غادروا المركز بعد إنهاء الامتحان، أي أن إجاباتهم كانت على موضوع شعبة الآداب، ثم جاء الخطأ في مادتي التاريخ والجغرافيا حين اختلطت الخرائط، بالإضافة إلى منح مترشحين أحرار بولاية قسنطينة موضوع امتحان في مادة الألمانية، مع أنهم درسوا مادة الإسبانية. وبالنسبة لشعبة الهندسة المدنية تضمن الموضوعين الاختياريين درس الخرسانة المسلحة، وهودرس خارج عتبة الدروس المحددة بامتحانات البكالوريا، بالرغم من أن أخطاء مثل هذه قد تعد بسيطة -بنظر الوزارة- إلا أن لها تأثيرا كبيرا على التلاميذ أيام الامتحانات وخلقت ارتباكا وشكا لدى كثير منهم. ويبقى التساؤل مطروحا في الوقت الراهن حول كيفية تعامل الوزارة مع الأخطاء المسجلة فيما يخص المترشحين ومدى قدرتها على إنصافهم، وماهي التعليمات التي سيتم إعطاؤها للأساتذة المصححين بهذا الشأن. من جهته، قال مزيان مريان، المنسق الوطني للنقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، إنه يتعين على الوزارة الوصية إعادة تنظيم امتحان اللغة الانجليزية لمترشحي شعبة العلوم التجريبية الذين امتحنوا في موضوع الانجليزية الخاص بشعبة الآداب، في ظل استحالة تمكن الوزارة من إنصافهم بعد هذا الخطاء الفادح. وأكد المتحدث أمس في تصريح ل''البلاد'' أن الوزارة غير قادرة على اعتماد حل آخر غير هذا لمراعاة مصلحة التلاميذ، حيث أنه من غير القانوني تقييمهم على موضوع لم يمتحنوا فيه أو منحهم أي نقطة تقريبية، خاصة وأن الأمر يتعلق بشهادة ذات قيمة دولية. في حين دعت نقابة ''كنابست''، على لسان المكلف بالاعلام مسعود بوديبة، إلى ضرورة تحمل الوزارة الوصية مسؤوليتها واتخاذ الإجراءات اللازمة لإنصاف التلاميذ الذين لا يجب تحميلهم مسؤولية أخطاء لم يرتكبوها.