عادت إلى الواجهة مسألة حضور إيران إلى مؤتمر "جنيف 2" الموعود، الذي غابت عن نسخته الأولى في جوان من العام الماضي. وسارعت المعارضة السورية، ممثلة بالائتلاف الوطني السوري، إلى إعلان رفضها حضور إيران، باعتبارها "جزءا من المشكلة، وليست جزءا من الحل"، غير أن مصادر دبلوماسية في باريس لم تغلق الباب أمام حضور إيران، الذي عارضته بشدة العام الماضي، وذلك بعد وصول حسن روحاني إلى رئاسة الجمهورية الإسلامية، والانفتاح الذي أبداه خلال إقامته في نيويورك، والرسائل التي أوصلها إلى الولاياتالمتحدة والغرب بشكل عام، والرهان على أن تلعب إيران مستقبلا دور إيجابيا في الملف السوري. كل ذلك قلب الأوراق، ونسف القناعات السابقة، وأعطى لإيران دورا مؤكدا في المرحلة المقبلة. وقالت المصادر إن طهران "عادت إلى المسرح السياسي الدولي" من باب ملفها النووي، وخطابها المعتدل، وابتعاد روحاني عن خط سلفه محمود أحمدي نجاد. لكنها ترى أنه "من المبكر"، على الرغم من المؤشرات الصادرة عن طهران، الحديث عن ضم إيران إلى مسار "جنيف 2"، الذي تبقى دونه "عقبات" يتعين على القادة الإيرانيين اجتيازها قبل أن يجلسوا إلى طاولة الحوار المنتظرة. وتتمثل العقبة الأولى في ضرورة أن "تقبل" إيران بأن الغرض من "جنيف 2" هو الوصول إلى إنشاء "حكومة انتقالية" في سوريا تعود إليها كل السلطات التنفيذية، بما فيها الإشراف على المخابرات والجيش السوري وكل الصلاحيات الأخرى. وفي هذه الحال، وإذا قبلت واشنطن والحلفاء الغربيون والمعارضة السورية بقاء الرئيس بشار الأسد في منصبه حتى نهاية ولايته أواسط العام المقبل، فإنه "سيكون منزوع الصلاحيات". ويعني مطلب اعتراف طهران ببنود "جنيف 1" أن الطرف الإيراني "قبل خروج الأسد من السلطة". لكن المسؤولين الإيرانيين الجدد الذين أجروا لقاءات واسعة في نيويورك، الأسبوع الماضي، بما فيها لقاء روحاني الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند واجتماع وزيري خارجية فرنساوإيران، "لم يقدموا التزامات واضحة". من ناحية أخرى، يراهن الغربيون كذلك على حدوث "نقلة" في الموقف الروسي "المستقبلي" من النظام السوري. وكشفت هذه المصادر أن البحث يدور اليوم بين العواصم المعنية على إيجاد شخصية سورية تكون مقبولة من الغرب والمعارضة وروسيا وإيران، وقادرة على تحمل مسؤولية الحكومة الانتقالية التي من المفترض أن ترى النور، على الرغم من التصلب الذي تبديه الحكومة السورية.