لم يعد يفصل الجزائر عن تاريخ استدعاء الهيئة الناخبة للاستحقاق الرئاسي المقبل إلا 70 يوما ومع ذلك لا تكاد تشهد الساحة السياسية حتى إعلان نية عن الترشح من قبل الأوزان الثقيلة المعهودة من أمثال عبد الله جاب الله أو لويزة حنون، إضافة إلى طالب الابراهيمي وغيرهم من الذين يملكون في رصيدهم تجربة أو تجربتين في السياق نحو قصر المرادية ولا حتى إبداء اهتمام بالرئاسيات كما سبق أن حدث مع رئيس حكومة الإصلاحات مولود حمروش سنة 2004 عندما كان أحد الفاعلين في مجموعة العشرة الشهيرة التي تحولت إلى عشرة زائد واحد قبل أن ينفرط عقدها كما هو معروف. كل هذا كما سبقت الإشارة إليه يأتي في ظل اقتراب حول المهلة القانونية الفاصلة بين استدعاء الهيئة الناخبة وموعد الانتخابات من اكتمال دورته فضلا عن الزخم السياسي والإعلامي الكبير الذي عرفه هذا الموعد عندما بدأت تهب رياح التغيير العربي، سواء من تونس أو مصر وحديث الساسة والمحللين على أهمية موعد 2014 وضرورة العمل على جعل هذه المحطة فرصة لتأكيد روح التغيير التي جاءت بها حزمة الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها الرئيس بوتفليقة في خطابه الشهير منتصف أفريل من سنة 2011، ومع ذلك يجد محرك الآلة الانتخابية صعوبة في التحرك لأسباب كثيرة منها التي تقع على عاتق السلطة من جانب المشروعية دون جانب الشرعية باعتبار أن السلطة لازالت مطابقة للقانون ومنها التي تقع على عاتق الطبقة السياسية في الجزائر التي تتحمل الجزء الأكبر لافتقارها رؤية واضحة تسمح لها بحسم قرارها من موعد الرئاسيات دون الالتفات إلى هذا المرشح أو ذاك بما في ذلك الرئيس بوتفليقة إن هو أراد الترشح أو الإحجام عن ذلك، علما أن الرئيس عادة ما كان يحتفظ بقراره إلى اللحظات الأخيرة قبل أن يعلن ترشحه للرئاسيات، الأمر الذي جعل الأحزاب السياسية أشبه ما تكون بالمتسابق الذي يشترط لرفع تحدي الفوز بالسباق أن يخوضه وحده. حالة لم يسبق أن شهدتها الجزائر من قبل بما في ذلك الانتخابات الرئاسية لسنة 2009 التي على الرغم من أنها شهدت هي الأخرى انسحاب البعض قبل انطلاق السباق لاعتقادهم الجازم أن منافسة الرئيس بوتفليقة ضرب من الخيال، إلا أن مشاركة الباقي أضفى عليها تنافسية وإن محتشمة، إلا أنها تبقى تنافسية حركت الساحة السياسية والإعلامية ولو على استحياء المؤكد أن النواب الفرنسيون لم يكتشفوا سرا عندما اعتبروا في تقرير الحال الذي أوردوه أن غموضا ما يكتنف المشهد السياسي لأن هؤلاء لم يوردوا في حقيقة الأمر وواقعه غير حالة مقررة وقائمة أربكت الطبقة السياسية وأثقلت خطى المرشحين المفترضين بشكل أثار شيئا من الاستياء والإحباط لدى قطاع محترم من الجزائريين الذين وإن تعددت محاولات قراءتهم لهذا التثاقل والإحجام، إلا أن هذه القراءات بدأت تتحول إلى رياح بقدر ما تهب في غير أشرعة هؤلاء المترشحين المفترضين المترددين بقدر ما تهب في أشرعة غيرهم ممن فضل السكوت على عادته.