مثل استدعاء الهيئة الناخبة من قبل رئيس الجمهورية الضوء الأخضر لانطلاق المنافسة رسميا بين الراغبين في الترشح للرئاسيات القادمة، الذين توجهوا أمس إلى وزارة الداخلية لسحب استمارة الترشح في انتظار الفصل فيها من قبل المجلس الدستوري، لتبدأ الخطوة التالية والمتمثلة في جمع التوقيعات، إذ يفترض على المترشح الحصول على 60 ألف توقيع أو 600 توقيع بالنسبة للمنتخبين على مستوى 25 ولاية. هذه الحملة التي ظهرت معالمها لدى البعض منذ مدة، حيث بدأت شخصيات أعلنت ترشحها للاستحقاقات القادمة في التعبئة الشعبية وتجنيد الموارد البشرية للوصول إلى العدد المطلوب، وغالبا ما يرتبط جمع التوقيعات بسلوكيات قد تكون غير أخلاقية ولا قانونية في علاقتها بالفساد والرشوة. مناصب، تسهيلات، إعفاءات ضريبية وغيرها هو المقابل الذي يحصل عليه الشخص مقابل توقيع يمنحه لأحد المترشحين، هكذا جرت العادة في الانتخابات، حيث يكون المال هو السيد، وصاحبه هو الأقوى، فبمجرد انطلاق سباق الرئاسيات، يصبح شراء الذمم وتقديم الرشاوى والوعود جزءا من الحملة، ويغيب الضمير الأخلاقي والمهني عنها إلى حين بلوغ الهدف المنشود. والغريب أن جميع السياسيين يتحدثون عن غياب النزاهة والشفافية عن المواعيد الانتخابية في الجزائر، إلا أن بعضهم يغوص في الفساد عند أول فرصة من باب الضرورات تبيح المحظورات، والجميع يتبادل التهم خلال الحملة الانتخابية ليبرئ ذمته ويتهم الغير. ويعتبر خبراء وسياسيون أن عملية شراء الأصوات عن طريق تقديم رشاوى، لاأخلاقية من شأنها المساس بمصداقية هذا الحدث المصيري، متسائلين عن مدى مطابقة الأشخاص الذين ينتهجون هذا السبيل للمعايير التي يجب أن يتمتع بها شخص الرئيس. وقد أشار القانوني عمار خبابة إلى أن "الفساد طغى على الحملة الانتخابية" وتغلب منطق "الشكارة" على الحياة السياسية، داعيا العدالة إلى التحقيق في مثل هذه الممارسات لتطهير الساحة السياسية. وأوضح السياسي لخضر بن خلاف أن مرشح النظام يكون أوفر حظا من غيره في مسألة جمع التوقيعات، لأن الإدارة هي التي تقوم بهذه المهمة عنه، ويبقى التنافس شديدا بين المترشحين الآخرين الذين يبذلون قصارى الجهود لجمع أكبر عدد منها. وبالنسبة للرشاوى التي تقدم بالمقابل تبقى مجرد أقاويل بالنظر إلى غياب الأدلة، وغالبا ما يتم التركيز على المنتخبين لأن رشوة 600 شخص أسهل من 60 ألفا. وحذر من أن مثل هذه الممارسات تطعن في شرعية ومصداقية الانتخابات، وتعد مظهرا من مظاهر الديمقراطية المظهرية.