المصالح الفرنسية تلقي بظلالها على أطوار المحاكمةرضوان سكلوليانطلقت ظهيرة أمس الأربعاء بالغرفة الجزائية لدى مجلس قضاء عنابة محاكمة المتهمين في قضية تهريب التونة الحمراء من السواحل الجزائري· وهي القضية التي توبع فيها ستة بحارة أتراك، والأمين العام السابق لوزارة الصيد البحري والموارد الصدية، ومدير مركزي بالهيئة نفسها، إضافة إلى صيادين جزائريين، مثلوا أمس أمام الجهات القضائية بعد الاستئناف المقدم من طرف دفاعهم في الأحكام الابتدائية الصادرة ضد المتابعين التي أصدرتها محكمة عنبة الابتدائية في أواخر شهر مارس المنصرم، والتي تم من خلالها إدانة الأمين العام لوزارة الصيد البحري والموارد الصيدية (ف·ب) بتهمة سوء استغلال الوظيفة بخرق القوانين، مع طلب مزية غير مستحقة والمشاركة في التهريب والحكم عليه بثلاث سنوات سجنا نافذا، وكذلك الشأن بالنسبة للمدير المركزي المكلف بالصيد البحري على مستوى الوزارة (ك·ع) الذي صدر في حقه حكم نافذ بالمدة نفسها مع تبرئة إطاري الوزارة من تهمة استعمال النفوذ، في الوقت الذي تمت فيه إدانة البحارين الجزائريين (م·س) صاحب باخرة ''الجزائر ''2 و(ح·ه) قائد سفينة ''الشهيد حسني'' بجنحة المشاركة في التهريب والصيد دون رخصة، وحكم عليهما بثلاث سنوات حبسا نافذا، بينما قررت هيئة المحكمة الحكم على البحار التركي حسين شريف أوغلو صاحب شركة ''أكواي داي'' للصيد بثلاث سنوات حبسا نافذا· وهو الحكم نفسه الذي صدر في حق أفراد طاقم باخرته المتشكل من خمسة بحارة يحملون كلهم الجنسية التركية، كما قضت هيئة المحكمة بمنح تعويض مادي للخزينة العمومية ومصالح الجمارك يمثل 10 أضعاف قيمة التونة التي تم اصطيادها، وهو ما يعادل قيمة 832 مليار سنتيم، إضافة إلى إصدار أمر يقضي بحجز الأسطول البحري المتكون من السفينة التركية ''أكواي دام ''2 والساحبتين ''أحمد سارتر''1 و''عبدي بابا ,''2 والباخرتين ''الشهيد حسني'' و''الجزائر ''2 التابعتين لصيادين جزائريين، مع فرض غرامة مالية بمبلغ 20 مليون سنتيم في حق كل واحد من المتهمين العشرة·هذه القضية طفت على السطح في شهر جوان من السنة المنصرمة، عندما تمكنت وحدات حراس السواحل التابعة للمجموعة الإقليمية بعنابة في الثاني عشر من الشهر ذاته من ضبط سفينة تركية مجهزة بكاميرات رقمية تستعمل في صيد ''التونة'' وكذا أقفاص كبيرة للإبقاء على السمك المصطاد حيا أطول فترة ممكنة، إضافة إلى اكتشاف مجموعة من شباك الصيد غير مشمعة، ولم يصرح بها طاقم الباخرة سواء على مستوى مصالح الجمارك أو بمديرية ميناء عنابة· وقد أمرت الجهات القضائية، بالموازاة مع ذلك، بإجراء تحقيق تكميلي على ذمة التحقيق الابتدائي، خاصة بعد التصريحات التي كان قد أدلى بها الأمين العام للوزارة والتي فجر من خلالها فضيحتين جديدتين تندرجان في إطار استنزاف الثروة السمكية من السواحل الجزائرية دون ترخيص قانوني من الوزارة، الأولى نفذها بحار إيطالي اصطاد أزيد من 550 طنا من التونة الحمراء ولاذ بالفرار نحو مالطا، والثانية قام بها بحار تونسي استولى على نحو 240 طنا من التونة قبل أن يعود إلى بلده· وكان الأمين العام للوزارة قد صرح أثناء المحاكمة بأن اصطياد أزيد من 210 أطنان في ظرف زمني لا يتجاوز 24 ساعة يعد أمرا مستحيلا، وأن البحار الجزائري سعدون معمر حظي بدعم البحارة الأتراك في العملية التي قام بها على مستوى سواحل عنابة والقالة في جوان من سنة ,2009 لأن البواخر العملاقة لا تصطاد سوى 100 طن من التونة الحمراء في ظرف يومين، والبواخر الجزائرية تفتقر للتجهيزات الكفيلة باصطياد كمية معتبرة في يوم واحد· كما أنه أرجع الإشكال القائم إلى التناقض المسجل في المراسيم، ولو أنه اعترف بأن البحار التركي شريف حسين أوغلو، صاحب مزرعة ''أكواي دام'' لتربية الأسماك، كان قد اتصل به في منتصف شهر ماي من العام الماضي وطلب منه الحصول على ترخيص لاصطياد التونة الحمراء من السواحل الجزائرية، لكنه رفض منحه أي رخصة طبقا لتعليمات الوزارة، فاقترح عليه إبرام اتفاق مع البحار الجزائري معمر سعدون صاحب باخرة ''الجزائر ''2 يتم بموجبه تحويل الكمية المصطادة من سمك التونة إلى إسطمبول ومالطا· ورغم هذا كله فقد أشار الأمين العام للوزارة إلى أن الإشكال الذي طرح يبقى سببه التناقض في القوانين المعمول بها، خاصة المرسوم الوزاري رقم 03/481 الصادر في ديسمبر ,2003 والمحدد لشروط ممارسة نشاط الصيد في مواده 16 ,15 و24 وكذا المرسوم رقم 367/06 المؤرخ في 19 أكتوبر2006 والمحدد لشروط حصول الأجانب على الرخص، من دون التمييز بين التراخيص التي تمنح للبحارين الجزائريين والرخص الواجب الحصول عليها بالنسبة للصيادين الأجانب، وشروط تسليمها· هذا وقد تواصلت أطوار المحاكمة إلى غاية ساعة جد متأخرة من سهرة أمس الأربعاء بالاستماع إلى أقوال وتصريحات المتهمين وكذا بعض الشهود والذين هم من إطارات ومسؤولي الوزارة·