تنطلق اليوم الحملة الانتخابية للرئاسيات الخامسة بعد الانفتاح السياسي لدستور 89 في الجزائر في ظرف سياسي غير مسبوق بكل الأوصاف. وستستمر الدعاية الانتخابية للمترشحين الستة على مدار ثلاثة أسابيع كاملة ورهانها الأكبر على الإطلاق ألا تبقى رئاسيات 17 معركة إقناع انتخابي بين مترشحين من جهة، ومناضلين مهيكلين أو شبه مهيكلين من جهة أخرى في قاعات مغلقة، لن تستقطب بكل تأكيد إلا جمهورا غير مهيكل حزبيا من الجزائريين وإن حدث فلن يكون إلا على سبيل الفضول لا غير حسب ما يرى المتتبعون دون أن يجزم هؤلاء بإمكانية تحول هذا الفضول الى فعل انتخابي فعال بإمكانه التأثير في نتيجة العملية الانتخابية، خاصة أن ثقافة الحملات الجوارية ولقاءات المواجهة النوعية في اتجاه عموم الشعب من غير الأتباع أو المريدين من جهة وفي اتجاه النخب من جهة أخرى على غرار الطلبة، فضلا عن شريحة المقاطعين الذين يشكلون اليوم في الجزائر أكبر تنظيم سياسي غير معتمد قانونا وإن كان معتمدا اجتماعيا تبقى غائبة أو مغيبة عند المترشحين. من ناحية أخرى لم يسبق أن توسعت جبهة رفض الانتخابات الرئاسية في الجزائر كما يقع مع انتخابات 17 أفريل المقبل، ذلك أن الرئاسيات المقبلة سيتجاذبها سياسيا المشاركون من جهة والمقاطعون ومعهم الرافضون من جهة أخرى وإن كان هؤلاء يلتقون عند نقطة مقاطعة الفعل الانتخابي يوم 17 أفريل على الأقل. وإذا كان المشاركون سيخوضون حملة إقناع مقتنعين بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة فإن السؤال يبقى مطروحا حول مدى قدرة دعاة المقاطعة على توسيع جبهتهم أم أنهم سيستفيدون من موقف اجتماعي وسياسي مقاطع للفعل الانتخابي أصالة في الجزائر. ما يدعو الى الجزم مع شيء من التحفظ بأن الانتخابات الرئاسية المقبلة لم تعد رهانا شعبيا واسعا بالنظر لافتقار مشروع الانتخابات كمحطة سياسية تحمل بوادر تغيير برأي الرافضين والمقاطعين وربما بنسب متفاوتة حتى عند المشاركين. وإذا كانت نسبة المشاركة في انتخابات شكلية بالنسبة للرئيس بوتفليقة في رئاسيات 2009 لم تتجاوز 74.54 بالمائة فمن الصعب الجزم بوصول هذه النسبة في الانتخابات الرئاسية المقبلة ولا يستبعد أن تشذ عن سابقتها من حيث ضعف نسبة المشاركة، وربما لا يستبعد مراقبون أن تثار قضية جدل دستوري حول ما إذا كانت نسبة نجاح هذا المرشح أو ذاك كافية من حيث المشروعية لا الشرعية الصرفة في تتويجه رئيسا لكل الجزائريين .