9 أشهر مرت على اعتناق الألماني "بيتر شميت" الإسلام, ولا يزال يشعر بأنه يعيش حلماً جميلاً لا يريد أن يصحو منه إطلاقاً, بعد أن تأثر بصديقه المغربي المسلم الذي أدهشه بحسن معاملته وأخلاقه الرائعة. بيتر ذو ال52 عاماً يعمل في قطاع الطيران والسفر, وجاء إعلان إسلامه بعد نصف قرن من الغيّ حسب وصفه, تنقل خلالها بين فرانكفورت الألمانية وإحدى المدن البرازيلية، وعاش حياة متقلِّبة؛ نصفها الأول هادئ, ونصفها الآخر مليء بالأسئلة العديدة التي لم تجد حلاً مرضياً حتى مطلع العام الميلادي الجاري 2014م. الانتقال للبرازيل فبعد 7 سنوات من ولادته في إحدى القرى الألمانية قرر والداه الانتقال إلى البرازيل بسبب الظروف العملية, وعاش هناك حتى بلغ الثامنة عشر من عمره, وعاد إلى بلاده برفقة أسرته دون أن يكون هناك شيء يشغل تفكيره أو يعكر صفو حياته الجيدة. يقول "بيتر": كنت أعيش حياة متوازنة, ولم أشعر بفراغ كبير, ولكنني لم أكن مسيحياً بمعنى الكلمة؛ فهناك العديد من الأشياء التي جعلتني لا أعتقد بواقعية الدين المسيحي. ويضيف- بعد أن يقطب حاجبيه الأشهبين-: كنت لا أستوعب دور عيسى كابن لله "تعالى الله وتنزه عما يقولون", وأيقنت في داخلي أن هناك طريقاً مباشراً إلى الله دون المرور بالعباد سواء الأنبياء أو الصالحون, وأمنت بوجوده ولكنني لما أقتنع إطلاقاً بالثالوث المسيحي المزعج. مساعدة السيدات كانت الأسئلة تحوم أمامه كلما دار النقاش الديني داخل أسرته أو بين أصدقائه, ورغم اقتناع الأغلبية بالمسيحية إلا أنه كان يحمل عقلاً رشيداً؛ رفض تصديق تلك الأفكار المسيحية وآمن بأن هناك ديناً حقيقياً، ودعى ربه أن يرشده للطريق القويم قبل أن ينتقل للحياة الآخرة. من حسن حظ "بيتر" أنه تعرف على صديق مغربي مسلم كان يراه برفقة أصدقاء آخرين, وأعجب بتعامله الراقي مع النساء, وبعده عنهم, وكرهه للخمر والربا؛ ما جعله يقترب منه أكثر فأكثر.. "كنت مندهشاً من تصرفاته الراقية وتعامله الإنساني مع السيدات المسنَّات, فقد كان يساعدهن خلال نزولهن من الدرج, ويحمل أشياءَهن الثقيلة دون أن يعرفهن, والأدهى أنه كان لا يعاقر الخمر ولا يمارس الربا, فراقبت تصرفاته عن كثب وشعرت بأن هذا الشخص هو الأكثر مثالية بين كل من عرفهم خلال الخمسين عاماً الماضية. اقترب بيتر من صديقه المغربي وسأله: لماذا تفعل ذلك؟ فردَّ عليه ببساطة أن ديننا الإسلام يحضُّنا على مساعدة المسكين والصدقة على الفقير, ويحرِّم الخمر والربا لضررهما الصحي والاقتصادي على الإنسان, وانطلق يشرح له تعاليم الإسلام حتى أوصل الصورة المشرقة لدينه في عقل الألماني الخمسيني خلال فترة وجيزة. اختلاف المسلمين عاد بيتر إلى منزله وبدأ يبحث في الإنترنت عن هذا الإسلام الذي يحمل تلك الصفات الحميدة, وكان متعجباً بعد قراءته المتمعنة مما يراه من تصرفات للمسلمين لا تمثل حقيقة دينهم العظيم .. ويفند رأيه قائلاً: "اقتنعت بالإسلام بعد أن علمت بأنه الحق, وعندما قررت أن أنطق بالشهادتين في أحد المراكز الإسلامية, فجعت بسبب حجم الكراهية بين المسلمين داخل المدينة, والرمي بالتهم فيما بينهم وكأنهم أعداء, واخترت أحد المراكز الإسلامية بعد أن لمست وسطيته وبعده عن المهاترات التي تسيء لسمعة الإسلام والمسلمين". ويضيف: "تأثرت كثيراً بحجم الاختلاف, ولكن صديقي المغربي شرح لي ما يحدث وأوضح أن الوسطية هي الدين الحق, واطمأن قلبي لكلامه ودخلت الإسلام بعد نطقي للشهادتين. غضب زوجته لم تستسغ زوجة "بيتر شميت" فكرة إسلامه ودخلت في حرب شرسة معه لإقناعه بترك الإسلام, ولكن الألماني الخمسيني كان مقتنعاً بتصرفه مؤمناً بأنه على حق, وطلب من زوجته النصرانية الملتحقة بفرقة "شهداء ياهوفا الشهيرة" أن تنضم إليه في الإسلام ولكن محاولات الطرفين لم تنجح, فأصبحا يتجاهلان الأمر تماماً داخل المنزل. خلال الأشهر التسعة الماضية بدأ المسلم الجديد في الشعور بالراحة الغائبة, وأصبح يتعلم كل يوم شيئاً جديداً عن الإسلام ولكنه لازال غاضباً من تصرفات المسلمين في أوروبا أو في الشرق الأوسط "الدعوة للإسلام لا يجب أن تكون في المنابر فقط, بل على المسلمين أن يطبقوا الإسلام الحقيقي في حياتهم اليومية، وستجدون أوروبا تندفع اندفاعاً شديداً نحو هذا الدين العظيم". شميت، والذي بدأ هذا العام صيام رمضان لأول مرة؛ يشعر بسعادة بالغة لأنه يثق تماماً بأن شعوره بالجوع سيجعله متأثراً بالفقراء والمعدومين ويحثُّه على تقديم العون والصدقة لهم؛ مما يؤكد سماحة دين محمد عليه الصلاة والسلام. المصدر: صحيفة "سبق" السعودية