زيادة تعداد القوات البرية والأنظمة الرقمية وتوسيع المراقبة بالطائرات العمودية يتجه الجيشان الجزائريوالتونسي للقيام بعمليات أمنية مشتركة على الشريط الحدودي الفاصل بين البلدين لتطهير المنطقة من البؤر الإرهابية الجديدة خاصة بمرتفعات الشعانبي التونسية التي تظهر مباشرة من جهة جبل بودرياس والحويجبات، انطلاقا من الأراضي الجزائرية. وفي صورة تختصر مشهد الانفلات الأمني على الحدود الشرقية قال الوزير الأول، عبد المالك سلال لنظيره التونسي، مهدي جمعة خلال جلسة عمل مطوّلة احتضنها مقر ولاية تبسة أمس لخمس ساعات، وسط تحليق مكثف للطائرات العسكرية، إن "المصالح الأمنية بين البلدين ماضية في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود وهي تشتغل على التنسيق العملياتي وتبادل المعلومات الاستخباراتية وعنصر الثقة متوفر لدى حكومتي البلدين الشقيقين لتحقيق الأهداف المتوخاة". وكان سلال قد استقبل رئيس الحكومة التونسي مهدي جمعة، الذي حل بمطار تبسة عند الساعة العاشرة صباحا، وكان سلال مرفوقا بوزير الخارجية رمطان لعمامرة وقيادات أمنية وسفير الجزائربتونس، والسلطات المحلية بالولاية، فيما حل الضيف التونسي مرفوقا بوزيري الدفاع والخارجية، وبعد الاستقبال البروتوكولي، توجه الوفدان إلى قاعة الضيوف بمقر الولاية التي احتضنت جلسة عمل واجتماعات ماراطونية دامت أكثر من 5 ساعات، وتمحورت أساسا حول"القضايا والمسائل ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها الملف الأمني الذي حاز على أكبر قدر من البحث والدراسة في ضوء تطورات الوضع الأمني المتدهور قياسا بتنامي النشاط الإرهابي خاصة بعد مقتل 15 عسكريا تونسيا بولاية القصرين التي تشهد اشتباكات محتدمة بين الجيش التونسي وخلية جبل الشعانبي". وذكرت مصادر "البلاد" أن رئيس الحكومة التونسي طلب، أمس، صراحة من الجزائر مساعدة مستعجلة لبلاده لمواجهة الخطر الإرهابي المتعاظم ونقص إمكانات المنظومة الأمنية التونسية لمواجهته وفلوله النائمة في وقت تشهد فيه الولاياتالتونسية القريبة من جبل الشعانبي خاصة القصرين وكاف وقفصة نشاطا مكثفا لخلايا تجنيد جهادية، فيما أشار وزير خارجية تونس إلى أن "التطورات الأمنية في بلاده فرضت أعباء مالية باهظة في بلد يعاني أصلا من أزمة اقتصادية وزيارة رئيس الحكومة التونسي إلى الجزائر جاءت لغرض توسيع مجالات التعاون ودعم طارئ للميزانية التونسية". واعتبر الحامدي "الزيارة الثالثة من نوعها لرئيس الحكومة التونسي مهدي جمعة فرصة خرى لتوثيق التعاون المشترك في جميع المجالات خاصة المجال الأمني الذي فرضته التطورات الأخيرة ومناسبة جديدة للارتقاء بمستوى العلاقات بين البلدين لوضع مخطط لتنمية المناطق الحدودية". وفي الملف الأمني، تباحث سلال مع جمعة حول جل المسائل والتعقيدات بالمنطقة وتدارس الجانبان حسب مصادر "البلاد" خطة لإطلاق عملية عسكرية مشتركة يشتغل وفد أمني جزائري- تونسي رفيع المستوى على ضبط تفاصيلها بموجب الاتفاقية الأمنية المشتركة بين البلدين والموقعة في شهر ماي الأخير. وتمحورت الاتفاقية أساسا حول ضرورة تنسيق العمل الميداني وإرساء تعاون عملياتي في مجال تأمين الحدود المشتركة لمكافحة الإرهاب والتهريب والجريمة العابرة للحدود، وإنشاء شراكة في مجالات تبادل المعلومات والاستعلامات، إضافة إلى تبادل التجارب في مجالات تأمين الحدود ومكافحة الجريمة بجميع أشكالها. واعترف سلال أن "التعاون في مجال مكافحة الإرهاب يجب أن يحضى بالأولوية مادام عنصر الثقة والإخلاص متوفر لدى سلطات البلدين لتحقيق أهدافهما الأمنية". وعلى الصعيد الميداني، ذكر مصدر أمني رفيع المستوى أن السلطات الأمنية تلقت قبل عدة أسابيع معلومات بأن إرهابيين قياديين في تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" يركزون نشاط مجموعات صغيرة تابعة لهم في بعض مسالك وشعاب ووديان منطقة جبل الشعانبي الحدودية بين تونسوالجزائر، بغرض السيطرة على بعض المنافذ الحيوية في هذه المنطقة التي تعد نقطة الاتصال الأهم بين الجماعات الإرهابية في الجهة الشرقية، وبين سلفيين جهاديين تونسيين انخرطوا مؤخرا في العمل المسلح ضد الجيش التونسي. وأفاد مصدر عليم في تصريح ل"البلاد" بأن قيادة الجيش الوطني ستقترح زيادة تعداد القوات البرية، وتجهيزات إضافية تشمل طائرات عمودية ووسائل أخرى لتأمين كل الحدود البرية التي باتت تعاني من اضطراب غير مسبوق. وتتخوّف مصالح الأمن الجزائرية المتابعة لملف الجماعات الإرهابية، من تطور الأوضاع في تونس لعدة أسباب، أهمها أن تجنيد الجهاديين أكثر سهولة في تونس مقارنة مع الجزائر. بالإضافة إلى أن الدعم الذي تتلقاه الجماعات السلفية الجهادية التونسية من داخل ليبيا عن طريق شحنات السلاح والمال، وهو ما يرشح الأوضاع في الحدود الشرقية للجزائر إلى المزيد من الاضطراب.