غياب التنمية ومشاريع حبر على ورق لبلدية خارج مجال التغطية الزائر لمدينة عين بوسيف الواقعة جنوب شرق المدية، يتبين له من الوهلة الأولى أن هذه المدينة عريقة ولها تاريخ طويل يصل الى العهد الروماني، حيث تجد آثار قبور وقطع نقدية رومانية بمنطقة عين التوتة مرورا بالحضارة الفاطمية وقلعة زيري ابن مناد الذي اتخذ من جبال الكاف لخضر سندا ومن أهلها حليفا له ضد أعدائه، إلا أن هذه المدينة التي بلغ تعداد سكانها 40 الف نسمة لاتزال تراوح مكانها في ظل غياب تنمية حقيقية، ومشاريع تتماشى ومطالب السكان والتي من شأنها أن تخرج مدينة عين بوسيف التي مر على عمرها كبلدية القرن والعشر سنوات من غياهب جب العزلة والفقر. عين بوسيف وعطالله بن كحول والضيف غول لم يقتصر ماضي مدينة عين بوسيف المشرف في تاريخها الغابر وفقط، بل كانت لها قصص طويلة مع أبنائها من شيوخ تربوا في الزوايا والكتاتيب فلايزال لسان سكانها يروي قصصا لرجال صنعوا لأنفسهم أسماء في الثمانينيات والتعسعينيات، فالحاج عطالله بن كحول الذي بات اسمه يتداول في ايامنا هذه هو الاخر معلم من معالم هذه المدينة كونه كان يتسم بالحكمة والرد السريع والمدوي، وأصبح مضربا للمثل وكلامه العادي في حياته صار حكما تتداول بين السكان ولسان حالهم يقول كما قال الحاج عطالله بن كحول. وما حال المصفى بن الدراجي والحاج الضيف غول ولخضر بلحاج وعيسى بن سليمان ومن عايشوهم ورافقوهم إلا نموذج لرجال طالموا سعوا للم شمل ابناء عرش أولاد علان وتوحيد كلمتهم. عين بوسيف ماضٍ عريق وحاضر مرير الناظر إلى حال مدينة عين بوسيف يصاب بالأسى والألم لما آلت اليه أوضاع هذه المدينة التاريخية، فلا مصانع اسست ولا مشاريع ضخمة بنيت ولا سكنات كافية وزعت، فقد بات حال مدينة عين بوسيف أشبه ما يكون ببلدية اسست بالأمس القريب كون جل الحصص التي استفادت منها لا تتعدى المئات في حين تم توزيع آلاف السكنات ببلديات مجاورة وفي مختلف الصيغ، مما دفع بالسكان وعلى خلفية توزيع اي حصة سكنية للاحتجاج على حرمانهم من السكن، في حين يرجع السبب الحقيقي الى قلة الحصص وكثرة الطلب الذي فاق4000 في مختلف الحصص. استثمار على طريقة الاستعمار... استفادت هذه الدائرة في إطار الاستثمار ببعض المشاريع التي وزعت على بعض من أودعوا الملفات، غير أن العارف بحال هذه المشاريع وبعض من استفادوا منها يعلم أن هذه المشاريع لن تتعدى حبر الورق الذي كتبت به وأن مبتغى بعض أصحاب هذه المشاريع كان ولايزال يقتصر على قطع الأراضي التي سيشيد افتراضا عليها هذا المشروع أو ذاك كون هذه المشاريع وزعت بمنطقة الكلخة واولاد امعرف وهي المناطق التي سيكثر عليها الطلب مستقبلا في ظل إنجاز المدينة الجديدة ببوغزول التي ستمس حدودها هذه الحصص من الأراضي. كما أن إقدام أحد النافذين على اقتطاع اجزاء من هذه الحصص حال دون توزيعها كاملة مما تسبب في تحول بعض هؤلاء المستثمرين الى ضحايا وتتحول قضيتهم من الاستثمار الى القضاء. ولم يقتصر مشروع الاستثمار هذا على أراض وزعت على أناس طالما تمنى أبناء عين بوسيف أن يكونوا مستثمرين حقيقيين لا مستعمرين جاؤوا لاحتلال أراض سيقومون ببيعها في يوم ما على شكل حصص للبناء، بل تعداه الى مشروع استثماري قيل عنه في وقته إنه ضخم وهو مشروع سيشغل مئات الأيادي العاملة وسيعيل أسرا طالما عانت الفقر، وقد تم اختيار الارضية بمنطقةعين فكيرين بسيدي دامد لإنجاز مركب يعنى بتربية الدواجن واعداد اللحوم البيضاء وأغذية الانعام وإنتاج البيض وبيع الصيصان، غير أن هذا المشروع الافتراضي لايزال حبرا على ورق ويراوح مكانه في أدراج المكاتب. الرياضيون في رحلة بحث عن ملعب لإجراء مبارياتهم حال الرياضة بهذه المدينة لا يكاد يختلف عن حال باقي المجالات، فعلى الرغم من أن مدينة عين بوسيف أنجبت أبطالا في الرياضة على غرار سمير الزاوي وعبد القادر ابراهيمي وشبان طالما نافسوا في القسم الوطني في كرة اليد إلا أنهم اليوم في رحلة بحث عن ملعب أو من يدفع لهم ثمن كرات وألبسة رياضية تميزهم عن غيرهم خلال المنافسات، في حين استفادت بعض البلدياتمن ملاعب معشوشبة طبيعيا ومسابح شبه أولمبية، بينما يبقى رياضيو هذه المدينة يتنقلون الى البيرين وأولاد امعرف لإجراء مباريات لا تتعدى القسم المحلي، ويسبح أبناء هذه المدينة في برك ماء لطالما أزهقت أرواحا. رؤساء فروع ومدراء منذ عهد الحزب الواحد دون تغيير أرجع الكثير من العارفين بحال التنمية بهذه المدينة وركودها الى بقاء العديد من رؤساء الفروع التقنية ومدراء مؤسسات عمومية على رأس إداراتهم لفترات فاقت العشرين سنة، حيث أكد هؤلاء أن بقاء رؤساء فروع ومسؤولين على رأس قطاعاتهم لأزيد من خمس سنوات ساهم في نشوء لوبيات بهذه الإدارات والتي باتت هي الأخرى تسير هذه القطاعات مما أدخل هذه المدينة في حالة ركود تنموي، متسائلين في الوقت ذاته عن سر إبقاء عدد من المسؤولين بهذه المدينة على الرغم من أنهم حقق نتائج مخزية لطالما عرقلوا التنمية بهذه البلدية. في حين تشهد فيه الإدارة بشتى قطاعاتها حركات تغيير لا تتعدى الخمس سنوات سعيا من الدولة لإعطاء نفس جديد لهذه القطاعات. الماء والهواء قصة مر عليها الزمن لطالما كان سكان عين بوسيف الواقعة على علو يتعدى 1280 مترا على سطح البحر يتغنون بماء ينابيع مدينتهم الحلو والعذب وهوائها العليل لارتفاع موقعها ووجود غابة على ضفافها ساهمت في تلطيف الجو، غير أن ذلك الماء صار قصصا تروى للأطفال في ظل غياب الماء والعطش الذي يضرب سكان هذه المدينة التي ازداد تعداد سكانها دون ان يتم انشاء منقبات جديدة ولا خزانات مائية تتماشى والتعداد السكاني، كما أن إنشاء الدولة لمجمعات مائية بكل من الكاف لخضر وحرملة ساهمت في تعكير الهواء العليل وكذا غياب استثمار حقيقي بغابة عين بوسيف على غرار إنشاء مجمع سياحي أو منتجع رياضي ساهم في تسيب هذه الغابة التي بات ينخز جسدها ديدان الصنوبر وتحولت إلى مرتع للسكارى ومتعاطي المخدرات. محلات الرئيس.. صورة تسيء إلى الرئيس استفادت عين بوسيف وكغيرها من باقي البلديات بحصة محلات الرئيس التي تم إنجازها منذ خمس سنوات خلت إلا أن حال هذه المحلات التي وزع بعضها فيما لم تسلم مفاتيحها لإصحابها لغياب شبكتي الماء والكهرباء، تحولت هذه المحلات الى خراب بعد تكسير نوافذها وأبوابها لتصير ملاذا للمنحرفين بدل ملجأ للمهنيين والحرفيين، وفي ظل غياب التهيئة المفترضة ومنافذ لهذه المحلات صار حال هذه المحلات كحال جل المنشآت بها التي لم يتم فتح ابوابها في وجه ابناء المدينة على غرار دار الحضانة. ا العقار "طابو" لا يجب التطرق إليه.. العقار بعين بوسيف صار اشبه باللؤلؤ او المرجان فارتفاع ثمن الآر الواحد الذي بلغ 500 مليون سنتيم جعل الكثير من ذوي النفوذ والمعارف يسعون للاستحواذ على اغلب عقارات البلدية من منشآت قديمة واراض شاغرة ومساكن تابعة للبلدية. فبعيدا عن السكن الفوضوي الذي صار نموذجا في جل البلديات، تشهد احدى البنايات الشاغرة المتواجدة وسط عين بوسيف سعي الكثير من ذوي النفوذ للاستحواذ عليها في ظل صمت الكثيرين وعدم تحديد هوية هذا المسكن الذي قيل إنه تابع للدرك الوطني لإخماد أصوات الكثير من الفضوليين في حين هو تابع للبلدية. الصحة... سيارات إسعاف من القرن العشرين في ظل غياب جناح للعمليات بمستشفى عين بوسيف الذي يشهد إقبال عشرات المرضى من ثلاث ولايات مجاورة وعدم تجديد حظيرة المؤسسة الصحية التي اهترأت سيارات الإسعاف بها لمرور أزيد من 15 سنة عليها وهي في الخدمة ساهم في إبقاء الصحة مريضة بهذه المدينة وجعلها في حاجة إلى عناية مستعجلة قد يرى بعض المتفائلين أن عدم ذكرنا ربط السكان بغاز المدينة أو تعبيد الطريق الوطني رقم 61 أ الذي اهترأ أو منح بعض الحصص السكنية، تقصير منا أو نكران للحقيقة، غير أن واقع الحال يؤكد أن جل بلديات المدية صارت معنية بغاز المدينة بل تعدتها الى ربط سكان الأرياف بالغاز بينما تعبيد الطريق او تخصيص بعض الحصص السكنية، فهي مشاريع قطاعية.