الجيش يمنع تسلل إرهابيي "عقبة بن نافع" في تونس و"أنصار الشريعة" في ليبيا شنت وحدات من الجيش مدعومة بمروحيات عملية تمشيط واسعة في المرتفعات الجبلية المشتركة بين أقاليم 8 ولايات في شرق ووسط البلاد، وتزامنت الحملة العسكرية الواسعة التي تستهدف أساسا خنق تنظيم "جند الخلافة" المتحصن بين جبال البويرة وتيزي وزو وإغلاق كل منافذ التواصل مع شبكات دعم محتملة في المنطقة وعلى نقاط التماس الحدودية في الجهة الشرقية مع التزام الشرطة والدرك بإجراءات أمن مشددة في نقاط للتفتيش عبر ولايات تبسة وخنشلة والوادي وباتنة برج بوعريريج وسطيف وبجاية وجيجل وتيزي وزو والبليدة وبومرداس. وكشف مصدر أمني مأذون أن قيادة أركان الجيش الوطني الشعبي أمرت الوحدات المرابطة في منطقة القبائل شرقي العاصمة، وعلى الحدود، بتشديد مراقبة أكثر من ألف هدف محتمل استهدافه بهذه المناطق، التي تتحرك فيها مجموعات مسلّحة صغيرة العدد تتبع تنظيم "جند الخلافة"، وذلك بالتزامن مع دعوة زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية"، أبوبكر البغدادي المجموعات المسلّحة الموالية له في الجزائر، بتنفيذ عمليات "إرهابية" جديدة في البلاد. ففي منطقة آيت أوعبان في تيزي وزو، التي شهدت إعلان ولادة تنظيم "جند الخلافة في أرض الجزائر"، نفّذ التنظيم أولى عمليّاته الإرهابيّة، بخطفه في 22 سبتمبر، الرعية الفرنسي هرفي بيار غوردال، وإعدامه بعد يومين. ويبدوأن التنظيم، أراد لهذه العمليّة أن تشكّل منعطفاً جديداً في مسار نشاط الجماعات الإرهابيّة في البلاد، ومحاولة جديّة لتمدّد تنظيم "داعش"، فعلياً، إلى الجزائر. وكان الأخير قد أعلن الجزائر من ضمن خريطة الدول المشمولة بنشاطاته، والتي يشدّد التنظيم في بياناته وتسجيلات زعيمه أبوبكر البغدادي، على أنّ له فيها أتباعاً، ودعاهم في أكثر من مرّة، إلى تنفيذ عمليات إرهابيّة. وبعد انتهاء تلك العمليّة بشكل مأساوي، منذ ما يقارب الشهرين، اختفى التنظيم كلياً من المشهد الأمني، ويبدو أنه عجز عن القيام بأي تحرّك ميداني أواستقطاب مجندين جدد، في مؤشّر أوّلي على اجتياز الجزائر الشوط الأكبر من مرحلة مكافحة الإرهاب، بعد أن تمكّنت من القضاء على معظم المجموعات المسلحة، الناشطة في المشهد الأمني الجزائري. ويشارك مئات العسكريين المعززين بقوات من الدرك والمروحيات منذ يوم الجمعة الماضي في تمشيط عدة مواقع حدودية وأخرى جبلية تتقاسمها ولايات تبسة وخنشلة وباتنة وبرج بوعريريج وبجاية والبويرة وتيزي وزو. وحصرت وحدات الجيش، التي كانت مرفقة بخبراء في تقفي الأثر، نشاطها في مسالك جبلية اعتاد رعاة المنطقة وحتى الإرهابيين اختراقها للعبور من منطقة القبائل نحو ولايات الشرق الجزائري وتحديدا بالقرب من المنافذ الحدودية. وعلى صعيد متصل تُخضع قوات الجيش والحرس، نقاط التماس الحدودية لسيطرة محكمة، بما يغلق الأبواب أمام أي محاولات تسلّل مسلحين أوعناصر، على صلة بتنظيمات "أنصار الشريعة" في ليبيا، أو "كتيبة عقبة بن نافع" في تونس، أو تنظيم "داعش" في سورية والعراق، في إطار محاولاتهم تشكيل صلة وصل مع "جند الخلافة" في الجزائر. وتأتي هذه الإجراءات لمنع تكرار تجربة تنظيم "الجماعة السلفيّة للدعوة والقتال"، الذي كان على تواصل مع تنظيم "القاعدة"، عبر شخص يمني تمكّن من دخول البلاد، وهو ما سمح للتنظيم بمبايعة القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن، والتحوّل إلى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وتبنّي نهج التفجيرات الانتحاريّة التي شهدتها الجزائر قبل سنوات. ويبدوأنّ السياق الذي أتاح لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، إعادة تفعيل النشاط الإرهابي، ليس هو نفسه المتوفّر أمام تنظيم "جند الخلافة"، إذ أتاح قانون المصالحة الوطنيّة في الجزائر، للمئات من الإرهابيين، بالنزول من الجبال ووضع السلاح. كما سمح للمئات من عناصر شبكات دعم وتمويل الإرهاب بتسليم أنفسهم للاستفادة من تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية التي يقرّها القانون. وفي هذا السياق تفيد مصادر أمنية بأن أجهزة الأمن أفشلت مجموعة أخرى من الكمائن حضّرتها عناصر إرهابية، بمناطق وادي قصاري وسيدي علي بوناب، وواد بني عمران وهي مناطق تشهد نشاطا لافتا للمسلحين الذين ينسبون أنفسهم للتيار السلفي الجهادي. وقد تم إحباط العمليات الإرهابية، حسب مصادر عليمة، في جزء منها بفضل معلومات دقيقة حصلت عليها مصالح الأمن من مدنيين ينسّقون معها منخرطون في الحرب على الإرهاب. وينتمي هؤلاء إلى شبكة موازية لخلايا التي تحشد الدعم للجماعات الارهابية وتمدَها بمعلومات عن تنقلات رجال الأمن. أما نجاحها في إحباط جزء آخر من الكمائن، فيعود إلى الاعتقالات التي تعرض لها حوالي 60 شخصا من بومرداس والبويرة وتيزي وزو مشتبه في تعاونهم مع الإرهاب، حيث كشف الموقوفون أثناء خضوعهم للتحقيق عن التخطيط لأعمال إرهابية تستهدف الدوريات الأمنية. واضطر الإرهابيون إلى وقف التحضير لكمائنهم بعد فقدانهم حلقات الربط.