تفاصيل مثيرة عن رشاوى بقيمة 112 مليون دولار فتحت، أمس، محكمة جنايات مجلس قضاء العاصمة، ملف فضيحة الفساد التي هزّت مشروع القرن الطريق السيار شرق- غرب وسط في أجواء فاترة في ظل غياب الدفاع الأجنبي المرتقب حضوره في ال 48 ساعة القادمة، فيما اقتصر اليوم الأول من المحاكمة في تلاوة قرار الإحالة الذي ضم 150 صفحة بطلب من الدفاع، كشفت عن تجاوزات خطيرة ارتكبها إطارات بعدة قطاعات حساسة على رأسها الأشغال العمومية لتمكين شركات أجنبية من الظفر بمشاريع إستراتيجية مقابل تلقيهم رشاوى ومزايا غير مستحقة بلغت 112 مليون دولار أمريكي. وتم استئناف الإجراءات القانونية للمحاكمة في حدود الساعة العاشرة والربع صباحا من خلال تعيين التشكيلة القانونية لمناقشة الملف والتأكد من هويات المتهمين، فضلا عن المناداة على الشهود الذين تغيب غالبيتهم عن الحضور بما فيهم "أسامة سلطاني" نجل وزير الدولة السابق "أبو جرة سلطاني" الذي تعذر عليه الحضور لأسباب مرضية و"م. عبد الحميد" مدير إقامة الدولة بالصنوبر البحري اللذين ورد اسماهما بإسهاب في طيات الملف كوسيطين مع بعض المتهمين في هذه الفضيحة التي جاء أبرز المتورطين فيها رجل الأعمال، شاني مجدوب، صاحب شركة العطور ومستحضرات التجميل "أوريفلام" من أصل 22 متهما بينهم 7 مؤسسات أجنبية وآخر في حالة فرار، ويوجد إلى جانب المتهم الرئيسي "ب. محمد" الأمين العام لوزارة الأشغال العمومية و"خ. محمد" مدير المشاريع الجديدة فضح ملايين الدولارات التي تم إيداعها ببنوك بسنغافورة والنمسا في إطار تبييض عائدات الرشاوى التي بلغت قيمة 112 مليون دولار أمريكي استلمها المعنيون مقابل تسهيل العراقيل التي واجهها المجمعان الصيني "سيتيك سي آر سي سي" والياباني "كوجال" في إطار إنجاز مشروع القرن الذي استنزف 4,5 ملايير دولار أمريكي من ميزانية خزينة الدولة. وهي الفضيحة التي اكتشفتها مصالح الضبطية القضائية لدائرة الاستعلام والأمن التابعة لوزارة الدفاع الوطني، لتباشر تحرياتها بتاريخ 06 أكتوبر 2009 انطلاقا من علاقة مشبوهة بين رجل الأعمال، شاني مجدوب، والمجمع الصيني "سيتي كسي آر سي سي" المكلف بإنجاز مشروع الطريق السيار وأنه مكن هذه الشركة بطرق غير قانونية من الاستفادة من تسهيلات إدارية، مستغلا علاقاته بإطارات بوزارة الأشغال العمومية، وكان ذلك مقابل الحصول على مزايا غير مستحقة، حيث كشفت التحريات عن أن علاقة شاني مجدوب، بالمجمع الصيني انطلقت سنة 2007، عقب توقيعه على عقد استشارة مع المجمع الصيني "سيتيك" ببكين، مستعينا بعلاقته الحميمية مع ابنة المدير العام للمجمع المسماة "لاي زينق" ومستغلا علاقاته مع شخصيات نافذة في الدولة مما مكنه التكفل بحل جميع العراقيل والمشاكل الإدارية التي كان يواجهها المجمع الصيني مقابل ضخ أرصدته بأموال الرشاوى. ليربط اتصاله في بادىء الأمر بمدير إقامة الدولة بنادي الصنوبر "م. عبد الحميد" وبطلب منه قدم له الأمين العام للأشغال العمومية المدعو "ب. محمد" وكذا العقيد "و. محمد" المكنى "خالد" الذي عرفه عليه بأنه قريبه، مما فتح الباب أمام "شاني مجدوب" لتسوية عقبات الصينيينبالجزائر، ليستفيد من عمولة كدفعة أولية قيمتها 350 ألف أورو. كما ورد أن المدعو "خ" رتب له موعدا مع الأمين العام لوزارة الأشغال العمومية مقابل 10 ملايين دج لتسهيل ما يعترض نشاط المجمع الصيني مع جعل "شاني" يحظى بنسبة 1,25 بالمائة من إجمالية قيمة شطر الطريق السيار وسط - غرب تم إيداعها بحساب شركة "آس آر آش آم" وهي شركة مختصة في تسيير رؤوس الأموال وخلق شركات محاسبة وهمية مسيرة من طرف الشركة الانتمائية "سبيريت أوف إيغل" الكائن مقرها بهونغ كونغ، قبل أن ينتفع المتهم الرئيسي، حسب ما ورد في قرار الإحالة، من عمولته بنسبة 0,97 بالمائة إضافية تم إيداعها بحساب شركة وهمية تسمى "شوفيوت" أحد فروع الشركة الانتمائية السالف ذكرها. 800 مليون سنتيم لإحياء حفل "الشاب خالد" من عائدات الرشاوى كما ورد في طيات ملف القضية، بناء لما تضمنه قرار الإحالة الذي استمرت تلاوته إلى وقت متأخر من مساء أمس، أن مدير شركة "أوريفلام" وسعيا منه لحل مشاكل المجمع الصيني التي تفاقمت، واصل اتصالاته، حيث التقى المتهم "ع. س. تاج الدين" بفندق الجزائر وطلب منه التوسط له لدى مدير المشاريع الجديدة بوزارة الأشغال العمومية، غير أنه أخفق في ذلك في البداية، إلى حين التقى بالأمين العام لوزارة الأشغال العمومية، على رأس وفد جزائري قصد الصين لإجراء تربص، وبفعل احتكاكه به برز أمام الصينيين أنه يتمتع بعلاقات وطيدة مع المسؤولين الجزائريين مما رفع من شأنه وجعله يستفيد من عمولة نسبتها 1,87 بالمائة أودعت في رصيد شركة وهمية أخرى اسمها "أي بي أم" وكان الهدف من إنشاء تلك الشركات الوهمية، هو تبييض الأموال التي كان يتحصل عليها والمقدرة ب30 مليون دولار تم إيداعها ببنوك في سنغافورة والنمسا على مرحلتين، هذا دون العمولة التي استلمها نقدا المقدرة ب 11 مليار سنتيم على دفعتين، أولها تم جلبها على متن سيارة خاصة واستلمها المعني على مستوى مكتب شركة "أوريفلام" بدالي براهيم وكانت مقدرة ب 4 ملايير سنتيم ذهبت منها 800 مليون سنتيم للشاب خالد مستحقات إقامته حفلات متعلقة بالإشهار لمنتجات شركته في كل من سيدي يحيى ورياض الفتح، وفتح فرع لشركته بالقبة بمبلغ تراوح ما بين 500 و600 مليون سنتيم، أما الدفعة الثانية من الأموال التي استلمها في صائفة 2008 تقدر ب7 ملايير سنتيم صرف منه 6.5 ملايير سنتيم في شراء فيلا. أما بخصوص علاقته بالعقيد "خالد" فقد عرفه عليه المدير العام لوكالة الأنباء الجزائرية "ن. م" ورئيس الغرفة التجارية "ش. م" وقد منح للمدعو"خ" مبالغ مالية تراوحت ما بين 80 مليون و2 مليار سنتيم مقابل خدماته خلال سنتي 2007 و2008، فضلا عن نفس الفترة ليتمكن هذا الأخير من شراء فيلا بالسانية وهران، و120 مليون سنتيم لثأثيثها، ومبلغ 140 مليون سنتيم ليقتني سيارة لزوجته ومبلغ مليار و700 مليون سنتيم لدفع ما تبقى من فيلا اقتناها ببئر خادم، وأودع في حساب أبنائه مبلغ 2000 أورو لقضاء العطلة الصيفية بإسبانيا ونفس المبلغ سنة 2009. وقد ورد في قرار الإحالة أن المتهم الرئيسي استلم رشوة قيمتها 30 مليون دولار من المجمع الصيني، غير أن التحقيقات كشفت عن أنه استلم 107 مليون دولار على الأقل، زيادة على 5 ملايين دولار بغرض انطلاق قناة تلفزيونية بالخارج، إلا أن المشروع تم تجميده على خلفية التحقيق في قضية الحال. أمين عام وزارة الأشغال العمومية يمكّن الصينيين من التأشيرات مقابل هدايا ومن ضمن التسهيلات التي قدمها الأمين العام لوزارة الأشغال العمومية "ب. محمد" للصينيين، تمكينهم من الظفر يوميا ب 10 تأشيرات، فضلا عن تسهيل عراقيل تسوية نزع الملكيات التي تعيق إنجاز الطريق السيار وكذا عراقيل التزفيت والتربة المستعملة لتجهيز الطرق "TUF" وذلك مقابل استلامه بعض الهدايا تمثلت مواد تجميل من علامة "أوريفلام"، جهاز "آيباد"، قلادة ذهبية ثمنها 500 أورو، وقلم من النوع الرفيع. هذه أسباب غياب الدفاع الأجنبي كشف، أمس، محند الطيب بلعريف، أحد دفاع المتهم الرئيسي، شاني مجدوب، أنه قد تم عقد اجتماع مغلق يوم الإثنين الفارط، بمعية زميله، محمد أمين سيدهم والثنائي الأجنبي، الفرنسي، فيليب بينينج، واللوكسمبورغي وليام بوردون، خلص بقرار اكتفاء الأخيرين بالمرافعة في حق موكلهم دون تقديم أي تدخلات أو ملاحظات خلال سير المحاكمة، كردة فعل منهما عما وصفاها ب "الإهانة" في حقهما إثر تدخل النقيب، عبد المجيد سليني الذي هددهما بسحب رخصة المرافعة منهما في حال تجاوزها للقانون الجزائري ومسهما بأي شكل من الأشكال السيادة الوطنية، مضيفا أن حضورهما للمرافعة مؤكد خلال ال 48 ساعة القادمة. فيما تبقى القضية للمتابعة.