صور"إرهابية" وكاميرا "مخفية" لم تبث حتى في العشرية السوداء شهدت القنوات التلفزيونية الجزائرية الخاصة والعامة، خلال شهر رمضان الكريم، تنوّعا كبيرا في البرامج، سواء الترفيهية أو الدينية أو حتى التثقيفية منها، وتنوّعت هذه البرامج كذلك من حيث مضامينها وأهدافها، غير أن العديد من هذه البرامج، طغى عليها الطابع التجاري أكثر منه الفكاهي أو التثقيفي أو التربوي، وبعضها انقاد حول التقليد الأعمى لبرامج عرضت في قنوات أخرى، لم يراعى من خلالها الطابع الأخلاقي للمجتمع ولا لحتى الأعراف والعادات والتقاليد. واعتاد المشاهد الجزائري في عهد أحادية القناة، على برامج تلفزيونية متكرّرة مطلع كل شهر رمضان، بنفس الشخصيات وبنفس الأسلوب والمضمون، وكانت تتطرق في مجملها لقضايا اجتماعية وإنسانية بطريقة ساخرة مهذّبة وراقية، تراعي في سياقها طرق تلقي المشاهد لهذه المضامين، فلم تكن خادشة للحياء ولا منفّرة وداعية إلى الانحلال الخلقي، ولا حتّى محرّضة على تطرّف و تمذهب، رغم عرض هذه البرامج في وقت ما كان يعرف بالعشرية السوداء، غير أن المتمعّن في البرامج الرمضانية المعروضة في قنواتنا اليوم، يرى مضامين بلا هدف، وسيناريوهات تفتقد لحبكة متقنة، وابتذال وسقوط في القيم لم يشهد له مثيل. برامج تهتك ستر البيوت وحرمة الأسر لا يخفى عن عاقل أن شهر رمضان هو شهر التوبة والغفران والرجوع إلى الله، والنصيحة والتوعية والإرشاد، هي من مهام الدعاة والأئمة عن طريق القنوات التلفزيونية، غير أن الأمر يختلف عما تمّت ملاحظته، فأغلب القنوات اهتمّت بالجانب الديني والروحاني بطريقة سطحية، وكان للبرامج الفكاهية والترفيهية حصّة الأسد، وما يعاب فيها أنّها لم تراع الطابع الاجتماعي وعرف العادات والتقاليد التي تميّز المجتمع، فطريقة العرض لم تخلُ من مواقف تخدش الحياء وتهتك الستر، فلا يمكن في أي حال من الأحوال أن تشاهد هذه البرامج في جوّ عائلي. مضامين خالية من الحبكة وسيناريوهات مبتذلة تناقلت العديد من صفحات الفيسبوك، صورا ومقاطع فيديو لبرامج تلفزيونية عرضت على قنوات تلفزيونية خاصة وعمومية، وشهدت هذه المقاطع تدني في المستوى الأخلاقي لم يراع فيه أبسط أبجديات العمل التلفزيوني، كما كانت هناك لقطات ساقطة سواء من حيث الألفاظ او من حيث الحركات أو حتى من حيث طبيعة الحوار، والملاحظ أن أغلب هذه البرامج خصوصا الترفيهية والفكاهية، لم تستند إلى سيناريو واضح يؤسس لرسالة اجتماعية أو سياسية أو حتى دينية هادفة، بل جل ما تمّ تواتره، مصطلحات تخدش الحياء ولغة حوار مبتذلة خرجت عن إطارها الاجتماعي، ناهيك عن الكاميرا الخفية التي اتّسمت بالعنف والقوّة على الأسلوب الداعشي، تمّ من خلالها ترويع الضيف أكثر من إضحاك المشاهد. برامج تجارية والشباب الضحية رقم واحد وما يعاب على جل البرامج المعروضة في شهر رمضان الكريم، أنّها لم تراع مسألة الرسالة وطبيعة من يتلقّاها، ولم تأخذ بعين الاعتبار أنّ مشاهد اليوم لم يعد كمشاهد أمس، وحتى المجتمع قد أسس لعادات وتقاليد جديدة كان على منتجي البرامج أخذها بعين الاعتبار، خصوصا في فئة الشباب والأطفال، هذه الفئة التي تعاني اليوم من حملات تستهدف أخلاقهم ومبادئهم وقيمهم، غير أنّ هذه البرامج في كل مرّة تحث على مزيد من العنف وتعلّم ألفاظ نابية وغريبة عن قاموس ألفاظ المجتمع، وهو ما أكّد عليه وزير الاتصال حين دعا القنوات التلفزيونية إلى اتّخاذ تدابير صارمة وسريعة من أجل إفراغ شبكات البرامج من مظاهر العنف والمشاهد المنافية لتقاليد وقيم المجتمع.