أعاد صالون الجزائر الدولي للكتاب طرح العديد من الأسئلة المتعلقة بواقع نشر كتاب الطفل في الجزائر والعالم العربي، خصوصا أن التظاهرة عرفت توافدا غير مسبوق للأطفال على مختلف أجنحة العارضين التي وفرت عشرات العناوين مخصصة للأطفال، كما أن أجنحة أخرى، على غرار ''منشورات الشهاب'' الجزائرية، لم تكتف بعرض كتب للأطفال، بل خصص فضاء للترفيه واللعب لهؤلاء الذين يأتون رفقة أوليائهم. وشهدت الطبعة الخامسة عشرة عودة الاهتمام بكتاب الطفل وحتى كل ما تعلق بعالمه الخاص على غرار الألعاب والرسوم المتحركة الشهيرة التي وفرتها بعض الأجنحة في شكل أقراص ''دي في دي''. ومن بين الدور العربية التي عرضت بعض العناوين الخاصة بالطفل، ''دار سحر التونسية'' التي استعرضت لنا ممثلتها جملة من الأرقام الخاصة بالنشر للطفل في العالم العربي، حيث قالت إن متوسط قراءة الطفل في العالم العربي لا يتجاوز 6 دقائق سنويا وأن مجموع ما تستهلكه كل الدول العربية مجتمعة من ورق ومستلزمات الطباعة أقل من استهلاك دار نشر فرنسية واحدة، وإلى جانب أن أكثر من عشرة ملايين طفل خارج المدرسة في العالم العربي، فإن الأرقام المتعلقة بالقراءة لدى الطفل مخيفة جدا، حيث لا يوجد له تصنيف إذا ما قورن بمتوسط قراءة الأطفال في الدول الغربية، فعدد الكتب الخاصة به الصادرة في السنوات الأخيرة لم يتعد ال 450 عنوانا فقط، وذلك في الوقت الذي يبلغ نصيب الطفل الأمريكي من الكتب في العام 14260 كتابا، والإنجليزي 3745 كتابا، والفرنسي 2281 كتابا والإيطالي 1260 كتابا، أما الطفل الروسي فيحصل على ما مقداره 1593 كتابا في السنة. وصادفنا خلال جولتنا جناحا ل''جمعية القارئ الصغير'' الجزائرية، التي عرضت عشرات العناوين الخاصة بالطفل، حيث شاهدنا توافدا معتبرا على الجناح من قبل الأطفال. أما جناح ''دار غراس'' الكويتية، فعرض أيضا بعض العناوين الجديدة كانت في مجملها كتبا علمية وموسوعات موجهة للأطفال، حيث أوضح لنا ممثلها أن معرض هذا العام شهد إقبالا لافتا على كتاب الطفل ربطه بنقص الإصدارات المخصصة لهذه الشريحة في العالم العربي. ويعتقد محدثنا أن الكتاب الذين يشتغلون في حقل الطفل لابد أن تتوفر فيهم بعض المعايير مثل معرفة ماذا يريد الطفل وما هي احتياجاته الفعلية، ذلك أن نوعية هذه الكتابة تختلف عما نكتبه للكبار، مضيفا أن قطاع النشر في العالم العربي يشهد نقصا فادحا في هذا الأمر بالنظر إلى عدة اعتبارات من بينها، أن الذين يكتبون للطفل في غالبيتهم لا يراعون الجانب الجمالي والخيالي في كتابتهم أو أنهم يكتبون في موضوعات قديمة لا تجذب الطفل ولاتهمه. من ناحية أخرى، اعترف ممثل دار النشر الفرنسية ''ناشرون بلا حدود'' بأن الكتابة للطفل صعبة جدا لأنه لا يقتنع بسهولة بكل ما يكتب له وعلينا أن نكون في مستوى أطفالنا الآن وهو المستوى المعرفي الذي تجمد لدى بعض كتاب الأطفال، مؤكدا أنه على الناشرين والكتاب الاهتمام بكتابة الخيال العلمي كونها تعتمد على حقيقة علمية أو نظرية ممزوجة بالخيال الخصب الذي يفيد الطفل، على حد تعبيره.