تترقب الأوساط السياسية الفرنسية، الأحد، الجولة الثانية من الانتخابات المحلية التي يعد حزب الجبهة الوطنية المناهض للهجرة بزعامة مارين لوبان من أبرز المرشحين للفوز فيها، وبات بيد الناخبين الآن منح الحزب، الذي كان منبوذا في وقت من الأوقات انتصار سياسيا لم يسبق له مثيل. وزادت شعبية لو بان بعد هجمات باريس وأزمة الهجرة في أوروبا، وجاء الحزب في الصدارة في 6 من 13 إقليما في الجولة الأولى من الانتخابات الأسبوع الماضي، لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أنه قد يفشل في ترجمة ذلك إلى مكاسب في الجولة الثانية، الأحد. وستظهر نتائج الانتخابات ما إذا كان في وسع قوى اليمين المتطرف، تكريس التقدم الذي حققته في الجولة الأولى من الانتخابات، إن ظل مزاج الناخب على ما كان عليه سيعني هذا في المقابل أن فرنسا فعليا، ستشذ عن ثنائيتها الحزبية التقليدية، في حين أن المواجهة والتعاقب على السلطة لن يستقرا فقط بين اليمين الكلاسيكي واليسار، بل اليمين المتطرف سيكون طرفا ثالثا في المعادلة، ولن يبقى ربما بينه وبين القصر الرئاسي إلا عتبة، بما أن هذه الانتخابات آخر اختبار قبل الاستحقاق الرئاسي المقرر في 2017. في غضون ذلك، تشكل سياسة الجبهة الجمهورية، التي دعا إليها اليسار الحاكم، حاجزا أمام طموح اليمين المتطرف، خصوصا بعد انسحاب الحزب الاشتراكي من السباق في المنطقتين اللتين حققت فيهما الجبهة الوطنية أفضل المراكز. وحث اليسار الحاكم أنصاره على تأييد المحافظين في تلك المنطقتين، فيما تحدثت استطلاعات رأي عدة عن أن الناخبين قد يلبون الدعوة. فالانتصار "الممكن" لقوى اليمين المتطرف يهدد بشكل أو بآخر بتأزم وضع الجاليات المسلمة، في هذا البلد أكثر مما هي عليه بالأساس في عهد اليسار. فمارين لوبان، التمثيل الأبرز لجنوح أوروبا نحو اليمين المتطرف، قطعت وعودا لمناصريها، بفرنسا جديدة، إذ يقول معارضو لوبان إنها تريد بلدا لا يقبل بالآخر المختلف وتراه إرهابيا ومهددا للعلمانية. واليوم من بين الآخر، الذي تنبذه لوبان، لاجئون انعدمت خيارات البقاء أمامهم في وطنهم، وهم ينتظرون تسوية لأوضاعهم في فرنسا. ويمسك نحو 50% لم يدلوا بأصواتهم في الجولة الأولى في السادس من ديسمبر بمفتاح النتيجة في الجولة الأخيرة. واستخدم رئيس الوزراء الاشتراكي مانويل فالس أسلوب التخويف، فقد ندد بالجبهة الوطنية في مقابلة مع إذاعة "فرانس إنتر" ووصفه بأنه "محتال يخدع الفرنسيين". ولا تزال النتيجة في إقليم باريس، الذي يسيطر عليه اليسار حاليا، غير واضحة، وتخوض فاليري بيكريس، الوزيرة في حكومة ساركوزي المحافظة، سباقا محتدما ضد رئيس مجلس النواب الاشتراكي كلود بارتولون. ومن شأن السيطرة على أي إقليم أن تعطي دفعة كبيرة وغير مسبوقة للجبهة الوطنية - وخاصة لآمال لوبان، التي تتطلع للترشح للرئاسة في 2017.