بعد أن قدر معدل سعر النفط الجزائري "صحاري بلند" سنة 2015، بما قيمته 54 دولارا للبرميل، تواجه الجزائر أكبر تحديا لها خلال السنة الحالية، مع تدني المعدل العام لسعر البترول خلال جانفي الجاري إلى 25.58 دولارا للبرميل بالنسبة للبترول الجزائري، وهو من أضعف المستويات على الإطلاق خلال 15 سنة الماضية. وهو ما سيحتم على الحكومة مراجعة السعر المرجعي المعتمد في قانون المالية التكميلي إلى 19 دولارا للبرميل. بقدر ما يؤثر مثل هذا الوضع على الإيرادات العامة، بقدر ما سيساهم أيضا في مضاعفة العجز في الميزانية والخزينة الذي سيكون أكبر من توقعات الحكومة في قانون مالية 2016، إذ ينتظر أن يفوق عتبة 60 مليار دولار، وهو ما يعني مرتين ما ستجنيه الجزائر من عائدات المحروقات خلال السنة نفسها، خاصة وقد أظهر تقرير صادر عن منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، يوم الثلاثاء الماضي، أن سعر سلة خاماتها البالغ عددها 13 نوعاً، وصل الاثنين الماضي إلى نحو 25.58 دولاراً للبرميل، مقارنة مع سعر 25.50 دولاراً للبرميل يوم الجمعة الماضي، وتعد سلة خامات "أوبك" الجديدة مرجعا رئيسيا لمستوى سياسة الإنتاج للدول الأعضاء، التي تنتج 13 نوعا من خامات النفط وهي خامات مربان الإماراتي، والعربي الخفيف السعودي، ومزيج صحارى الجزائري، والبحري القطري، والتصدير الكويتي، والإيراني الثقيل، والبصرة الخفيف العراقي، والسدر الليبي، وبوني الخفيف النيجيري، والفنزويلي ميراي، وجيراسول الأنغولي، وأورينت الإكوادوري، وميناس الأندونيسي. ورغم الإجراءات المعتمدة من قبل حكومة سلال من خلال تدابير جباية وأخرى "تقشفية"، مست عددا من القطاعات الإستراتيجية والهامة، مثل إلغاء مشاريع المستشفيات والنقل والبنى التحتية، فإن انهيار أسعار البترول سيضع الجزائر أمام خيارات صعبة، بداية بنضوب أسرع لمخزون صندوق ضبط الموارد، بعد أن توقعت حكومة سلال وفق سيناريو متفائل أن يصل الناتج إلى 17.028 مليار دولار مع نهاية السنة الحالية بمتوسط سعر مرجعي يقدر ب37 دولارا للبرميل، ومتوسط سعر لإعداد الميزانية يقدر ب45 دولارا للبرميل، في وقت قدر سعر النفط الجزائري مع تسليمات شهر مارس، بأقل من 30 دولارا للبرميل، ومعدل لا يتجاوز 33 دولارا للبرميل منذ بداية السنة الحالية، و25.8 دولارا للبرميل نهاية الأسبوع الجاري. وإذا كانت الحكومة قد توقعت بمؤشرات قانون مالية 2016، تسجيل عجز يقدر بحوالي 53 مليار دولار خلال السنة الحالية، منها 30.64 مليار دولار في الميزانية و23.20 مليار دولار في الخزينة، فإن تدهور أسعار البترول سيضاعف أكثر من العجز ويقلص من هامش الحركة لدى الجهاز التنفيذي، رغم محاولات ضبط الواردات بقرارات "إدارية". وبالنظر إلى هذه الوضعية المالية الصعبة، ستجد الحكومة نفسها مضطرة للعودة بقانون المالية لسنة 2000، من خلال اعتماد سعر مرجعي للبرميل ب19 دولارا، وقد تم تحديد السعر المرجعي للبرميل منذ إنشاء صندوق ضبط الإيرادات بسعرين مرجعيين الأول حدد ب19 دولارا للبرميل واعتمد في قانون المالية لسنة 2000 على أساس سعر متوسط سعر برميل البترول صحاري بلاند خلال الفترة 19901999.