كشفت المراسلات السرية التي بعث بها السفير الأمريكي دافيد بيرس إلى الخارجية الأمريكية بشأن تصنيف الجزائر ضمن خانة الدول الأربع عشرة المعنية بالإرهاب ومن ثمة إلزامية الرقابة المشددة على رعايا هذه الدول في المطارات الأمريكية، أن الاحتجاج الجزائري المتعدد الاتجاهات كان بقرار من الرئيس بوتفليقة الذي ''انزعج كثيرا من القرار الأمريكي''، مما أسفر عن تحرك جماعي للمسؤولين في الخارجية الجزائرية بدءا بالوزير مراد مدلسي وصولا إلي سفير الجزائر في الولاياتالمتحدةالأمريكية وانتهاء بصبري بوقادوم مدير دائرة مصلحة أمريكا بالخارجية الجزائرية،ئكل على مستواه لإبلاغ السلطات الأمريكية بالغ الاحتجاج الجزائري على التصنيف الأمريكي·وكانت البداية، حسب ما كشف موقع وكيليكس، بالاستدعاء الذي وجهه وزير الخارجية للسفير الأمريكي في الجزائر· وفي اللقاء شدد مدلسي لهجة الاحتجاج على القرار الأمريكي واصفا إياه بغير المقبول، كما اعتبر مدلسي أن القائمة تتسم بالتميز ليس فقط في حق الجزائر وإنما حيال كل الدول الواردة في التقرير وأغلبها دول مسلمة· فيما شدد مدلسي على التنبيه تلميحا إلى أن القرار الأمريكي كفيل بإضفاء الشرعية على الإرهابيين الذين يتخذون من العداء لأمريكا مطية لتبرير اعتداءاتهم، وهو نفس الخطاب الذي قدمه وزير الداخلية في تلك الأثناء· ليعود أويحيى بعد وزيريه إلى الحديث عن الأخطاء الغربية ولكن بشيء من الصراحة حين قال إن أي تدخل أجنبي في الساحل سيجعل من الإرهابيين مجاهدين لقوى أجنبية· كما حاجج مدلسي السفير الأمريكي بعدم ثبوت تورط أي جزائري في استهداف المصالح الأمريكية أو مطاراتها دون أن يفوته الاحتجاج على السرية التامة التي اتسمت بها القائمة، بحيث أفهم مدلسي المسؤول الأمريكي أن مستوى العلاقات بين البلدين كان يفرض على الولاياتالمتحدةالأمريكية إبلاغ الجزائر قبل صدور القرار· وذكرت الوثيقة أن مدلسي كان قبل أن ينتقل من فكرة لأخرى يطالب السفير الأمريكي بإبلاغ وزيرة خارجيته الأمريكية هيلاري كلينتون باحتجاج الجزائر· والى جانب مدلسي حمل باعلي وبوقادوم نفس الاحتجاجات كل من موقعه، غير أن الرسائل التي بعث بها دافيد بيرس لمسؤوليه في الخارجية الأمريكية حملت معاني الحرج الكبير الذي وقع فيه بيرس حين وصف لون مؤشر العلاقات بين البلدين ب''الأصفر'' وهو ما يعني في لغة الدبلوماسية أنه قريب من الأحمر،ئبعدما كان أخضر· قبل أن يعود السفير الأمريكي إلى الحديث عن الانتعاش الذي ميز العلاقات الجزائريةالأمريكية في مجال مكافحة الإرهاب، مشيرا إلى الموافقة الجزائرية على عبور الطيران الأمريكي على التراب الجزائري في منطقة الساحل تعقبا لآثار القاعدة ومواقعها وذلك بناء على طلب كانت قد تقدمت به الولاياتالمتحدةالأمريكية، دون ان يرد في المراسلة ان كانت موافقة دائمة او محدودة زمانا ومكانا وإن كان سياق المراسلة التي كشف عنها موقع وكيليكس كشف أن الأمر يتعلق بطلب أمريكي وليس اقتراحا جزائريا، وهو ما يعني محدوديته من حيث الزمان والمكان، وهذا خلافا لما حاولت أن تسوق له بعض المصادر الإعلامية· وحرصا من بيرس على وقف تدهور العلاقات مع الجزائر،ئشدد في تقريره للمسؤولين في الإدارة الامريكية على الرهانات التجارية التي تربط بين البلدين والعقود الموقعة وتلك التي تنتظر التوقيع، إضافة الى المناقصات التي ساهمت فيها المؤسسات الامريكيةبالجزائر، مؤكدا أن كل ''عقد'' يعرف منافسة فرنسية شديدة، كما أن بعض المشاريع بالتراضي تنتظر قرار الرئيس بوتفليقة في تمكين الأمريكان من بعض العقود التجارية والاقتصادية خاصة في مجالات حساسة كالطاقة والأمن·