تنوعت مواضيع الأعمال الدرامية العربية التي تتنافس ضمن السباق الرمضاني لهذا الموسم بين اجتماعية وتاريخية ودينية، غير أن ما ميز المسلسلات سواء المصرية أو السورية أو حتى الخليجية التي تعرض عبر مختلف الفضائيات العربية وعددها هائل، هو انصرافها عن طرح المشاكل السياسية وإن تمت الإشارة إليها ضمن السياق الدرامي، حيث تم التركيز هذا العام على أمهات القضايا والظواهر الاجتماعية التي ترتبط بالمجتمعات العربية بشكل عام، فمنها ما يتعلق بتعاطي المخدرات والزواج المختلط وجرائم الشرف والسرقة والأزمات النفسية ومواضيع أخرى، كل هذا بعيدا عن "شبح" الربيع العربي والثورات التي عاشتها المنطقة العربية في السنوات الأخيرة والتي انعكست بشكل تلقائي على مضامين مسلسلات رمضان حتى جاءت أغلبها تصب في هذا الإطار السياسي. في مصر مثلا كانت ثورة 25 يناير مادة خصبة العامين الماضيين للمخرجين وصناع الدراما هناك، وتميزت أغلب المسلسلات بتناولها هذا الحدث السياسي الذي قلب الموازين في مصر وفرض نوعا معينا من "المعالجة الدرامية" تحت شعار "لا يمكن فصل الفن عن السياسية"، فجاءت أغلب الأعمال توثيقية تعكس التوجه السياسي لأصحابها بين مؤيدين ومعارضين. وكانت النتيجة مسلسلات "ظرفية" أو "مناسباتية" لا تخضع لحبكة أو تسلسل درامي. ورغم بقاء الأوضاع متوترة في الدول الرائدة في الصناعة الدرامية، إلا أنه بدا واضحا عودة المنتجين والمخرجين هذا الموسم إلى سابق عهدهم والاستثمار في مشاكل مجتمعاتهم والتوغل أكثر في قضاياها حتى تلك التي صنفت "تابوهات" اجتماعية، فخضع هؤلاء إلى سياسة العرض حسب الطلب بما يخدم سياسة المنتجين في سوق الصناعة الدرامية. نجوم الصف الأول في مصر صنعوا الفرجة بمشاركاتهم المختلفة كل حسب دوره، فجاء العدد هائلا للمسلسلات وحضرت أسماء ظلت غائبة، وصورت أجزاء جديدة من أعمال قديمة لطالما صنفت في بداياتها من الروائع، غير أن الأجزاء الجديدة منها خيبت كل الآمال وجاءت فاقدة لملامح الأجزاء الأولى حسب الكثير من النقاد ويذكر منها على سبيل المثال لا الحصر "ليالي الحلمية" للمخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ. من جهة أخرى، جاءت المسلسلات الخليجية هذا الموسم الرمضاني متحررة من كل قيود مجتمعها، ومنفتحة على مواضيع لطالما صنفت تابوهات، ولعل أبرزها ما جسد في مسلسل "ساق البامبو" للروائي سعود السنعوسي، الفائزة كأحسن رواية عربية، والتي تم تحويلها إلى عمل درامي تناول قضية الزواج المختلط وأبناء "البدون" وتبعات هذا الزواج في المجتمع الخليجي وعواقبه، وهو الطرح الذي لم يكن متناولا بشكل واضح في الدراما الخليجية ما دفع بعض النقاد إلى اعتبار دراما هذا الموسم الأجرأ على الإطلاق حتى أن المسلسل الذي تقوم بدور البطولة فيه الفنانة سعاد العبد الله ويعرض عبر قناة "أم بي سي" الفضائية يحظى بنسبة مشاهدة عالية مقارنة بباقي المسلسلات الخليجية. أما المسلسلات السورية فقد تراجع عددها بشكل لافت بسبب الظروف الأمنية التي تعيشها البلاد والتي فرضت نوعا من الركود، غير أن نجومها أوجدوا لأنفسهم بديلا في الدراما المصرية متجردين من لهجتهم اضطرارا، ومتنازلين عن أدوار البطولة والأدوار الرئيسية، منهم باسل خياط وقصي خولي وباسم ياخور وسوزان نجم الدين وآخرون.