تحولت مختلف المساجد في العاصمة وما جاورها خلال شهر رمضان العظيم إلى قبلة وحج للمصلين الذين يريدون تأدية صلاة التراويح. ورغم أنها ليست فرضا على المرأة، إلا أن مصليات النساء ممتلئة عن آخرها، بين من تريد الثواب والمغفرة في شهر الغفران، وبين من تجدها فرصة للخروج من المنزل والبحث عن متاع "الدنيا".
القيل والقال يُفقد "روح" خصوصية بيوت الله
وتشهد مختلف المساجد خلال شهر رمضان، حجا لجموع المصلين على اختلاف فئاتهم سواء كانوا رجالا أو نساءً، حيث تنزل شابات وفتيات في مقتبل العمر من أجل أداء صلاة التراويح، غير أن الظاهرة الملفتة للانتباه في كثير من المساجد ومصليات النساء تحديدا هي أنها تحولت إلى ملتقى للباحثين عن زوجات وأزواج المستقبل والدردشة عن مختلف القضايا الدنيوية وسط ارتفاع صراخ وبكاء الأطفال، الأمر الذي يؤثر سلبا عن الخشوع في الصلاة، ولأجل الاستطلاع في القضية قمنا بزيارة بعض مساجد العاصمة لأداء صلاة التروايح. التراويح بين أجر الثواب ومتاع "الدنيا" في وقت قريب لم يكن حضور الشابات في المساجد أمرا مثيرا للانتباه، كون المرتادات عليه هن من الأمهات والمتقدمات في السن، غير أن الوضع اختلف تماماً وأصبح التحجب والالتزام بحضور حلقات الدين في المساجد أقصر الطرق للزواج، حيث تلاحظ أن كثيرا من النسوة حولت المساجد إلى منتديات للتعارف والبحث عن زوجات أو العكس، إذ هناك من العازبات من يلتزمن بالمواظبة على حضور الحلقات وأداء صلاة التراويح، والتردد على المساجد بغية نيل إعجاب من يبحث عن زوجة، خاصة أن هناك العديد من الشباب ممن يرغبون في الارتباط ويطلبون من أمهاتهم أو أخواتهم أو إحدى أقاربهم أن يبحثن لهم عن عروس مناسبة من بين الفتيات اللاتي يواظبن علي الصلاة بالمسجد، باعتبارهن أكثر التزاما من غيرهن وذلك لضمان حسن الخلق والالتزام الديني والدنيوي، وبالطبع يكون المسجد هو أنسب مكان يمكنها أن تتعارف فيه علي أكبر عدد من المنتقبات لتختار من بينهن العروس المناسبة. مطلقات تزوجن عبر المساجد وعازبات يظفرن بزوج المستقبل إيمان شابة في 25 من العمر طلقت في سن 19 من العمر، غير أنها وبعد سنتين من طلاقها قررت أن تصلي التراويح بأحد مساجد الحراش، رغم أنها لم تكن من المواظبات على أداء الصلاة في المساجد، حيث أثارت اهتمام وانتباه إحدى السيدات التي أعجبت بها وبطباعها، خاصة أنها كانت مواضبة على أداء صلاة التراويح، وقالت إن حماتها أعجبت بأخلاقها وكانت تراقبها لفترة قبل أن ترشحها لتزويجها، وتم الأمر دون أي مشاكل خاصة بعد علمها أنها مطلقة، حيث طلبت من ابنها قبل أن تفاتحها بالأمر، مراقبتها أثناء خروجها من المصلى وهو ما حدث، لتنال هو الأخر رضاه وقررا التقدم لخطبتها بعد مفاتحتها بالموضوع بعد شهر رمضان، وتم بعد فترة وجيزة الزواج. أما "س.م"، 25 سنة، فتؤكد أنها في رمضان الماضي كانت تصلي التراويح بأحد المساجد العاصمة وكانت هناك سيدة تحرص علي الوقوف إلى جانبها دائما، وفي إحدى المرات صارحتها بأنها ترغب في تزويجها لابنها، الذي طلب منها البحث عن عروس، ملتزمة دينيا، من بين فتيات المسجد، وبالفعل تقدموا لأسرتها ووافقت علي الزواج، بعد أن وجدته الأسرة شابا ملتزما وجادا. أمهات حولن المساجد إلى منتديات للخطوبة خالتي الزهرة، أم لشابين في عمر الزواج، تقول إنها تعبت من البحث عن عروس لابنيها، فقررت أن تبحث في المساجد واخترت شهر رمضان كونه فرصة تسمح لها بالتعرف على عدد من الفتيات وترشيح من هي الأفضل، على اعتبار أن هذا مصلى النساء مكان يرتاده الفتيات الملتزمات وصاحبات الخلق الرفيع ممن يصلحن للزواج، حيث أكدت أن أحد أبنائها الذي كلفها بالبحث عن عروس كان في كل مرة ينقلها إلى مساجد معينة بين باش جراح والحراش والقبة.. ولأن حظها سيئ حسب ما أودرته لم تجد لحد الساعة عروسا مناسبة كون أغلب اللائي سألتهن هن متزوجات أو مخطوبات، وأوضحت إحدى النساء المسؤولات عن مصلى النساء ببئر توتة أن ظاهرة البحث عن زوجات في المساجد باتت منتشرة أو عددا من النسوة يتقدمن إليها بغية الاستفسار عن هاته أو تلك، غير أنها أكدت أن مثل هذه السلوكيات ورغم استحسانها غير أنها تفقد الطابع الروحاني لبيت الله، إذ أن هناك من الفتيات من باتت تقصد المسجد من أجل الظفر بزوج، وليس من اجل لصلاة وعبادة الله والتقرب إليه. "أطباق" سميرة و "دردشات" في أمور عائلية بالتراويح في إحدى المصليات التي افتتحت مؤخرا بحي سكني جديد في بلدية بئر توتة شرق العاصمة، لاحظنا الإقبال الكبير للنسوة على صلاة التراويح حتى قبل أذان العشاء، بعضهن أكدن أنهن لا يقمن بأشغال المنزل، إلا بعد العودة من التراويح، حيث يذهبن باكرا لأجل الظفر بمكان في المقدمة، إلا أننا لاحظنا أن بعض النسوة يحضرن باكرا لأجل الدردشة والحديث في أمور دنيوية، حيث سمعنا حديثا دار بين مجموعة من النساء حول أطباق "سميرة" وملابس العيد وحتى "النميمية"، حيث لم يتوقفن عن الحديث بالرغم من أن الإمام نشط درسا قبيل صلاة العشاء ولم نستطع فهم ما كان يدرسه الإمام بسبب كثرة الضجيج، خاصة وأن كل أمرأة تجلب معها أطفالها وتتركهن في الصفوف الخلفية وهنا حدث ولا حرج "صراخ وعويل" دون أدنى احترام لحرمة المسجد والصلاة، كما شاهدنا شجار وقع بين امرأتين بسبب مكان وتسوية الصفوف. أئمة ومشايخ يؤكدون أن صلاة المرأة في بيتها أفضل وعلى زائرات المساجد التقيد بآدابه أكد بعض أئمة ومساجد العاصمة ل "البلاد" أن الشرع نص على أن صلاة المرأة افصل في بيتها، حيث لا تجب عليها التراويح وتكون بذلك حمت نفسها من الفتنة ومن الخروج من المنزل، لكن لا حرج في أن تزور المرأة المساجد بغية أداء صلاة التراويح، لكن بشرط الالتزام بآداب المسجد واحترام بقية المصلين وعدم التشويش عليهم مما يؤثر سلبا على قضية الخشوع في الصلاة، خاصة المرأة التي لديها التزامات وأطفال صغار، لاسيما وأن معظم ألائمة يلجأون إلى قطع الصلاة لطلب الهدوء وتوفير الجو المناسب للصلاة من المصليات، لتبقى في الأخير التراويح مرهونة بين من تريد حقا التقرب إلى الله والمغفرة في هذا الشهر المقدس وبين من تراها فرصة للترويح عن النفس والخروج من المنزل ليلا ونسيان هموم النهار.