زجت قضية إدراج إسرائيل في خريطة كتاب المنهاج الجديد في مادة الجغرافيا للسنة أولى متوسط بدلا من فلسطين، بالمنظومة التربوية في دوامة جديدة من النقاش الخطير، مما يؤدي حتما إلى تصنيف قضية كتاب الجغرافيا ضمن الإطار الأمني على اعتبار أنها قد تشكل بتداعياتها مس بالاستقرار في عرف المؤسسات الأمنية المتابعة لتفاعلات الرأي العام، وهي نفس المؤسسات التي تكون قد رفعت تقارير لرئاسة الجمهورية حذرت فيها من مخاطر الاستغلال السياسي في الانتخابات لقضية اقتراح إلغاء مادة التربية الإسلامية من امتحانات البكالوريا، مما دفع بالوزير الأول عبد المالك سلال إلى توضيح موقف الحكومة والدولة الجزائرية من الخطوط الحمراء للقيم والثوابت والهوية. ومن سعيدة حاول سلال نزع مفجر قنابل هذه الملفات التي تورطت وزارة التربية فيها دون استشارة للوزارة الأولى. وبعد أن أعلنت وزيرة التربية العام الماضي عن إمكانية تدريس تلاميذ السنة الأولى ابتدائي بالعامية، في أعقاب الندوة الوطنية لتقييم إصلاحات المنظومة التربوية التي جرت في نادي الصنوبر صائفة 2015، وخلفت موجة من الانتقادات، عادت الوزيرة لتصنع الحدث في أعقاب فضيحة تسريب مواضيع امتحانات البكالوريا دورة جوان 2016، وما كادت تهدأ أوضاع القطاع، من تداعيات التسريبات والضرر الذي لحق بالطلبة، حتى فجرت الوزيرة قضية إلغاء امتحانات مادة التربية الإسلامية من البكالوريا، وهو الموقف الذي أوقع بالوزارة في متاهات سياسية وإيديولوجية، أغرقت القطاع في أتون حرب كلامية، ودفعت بالكثير من الهيئات والجمعيات إلى التنديد بما تخطط له وزارة التربية من إلغاء وإعادة النظر في لغة التدريس بالنسبة لبعض المواد، بإلغاء العربية كلغة تدريس لتلك المواد وتعويضها بالفرنسية، قبل أن تتفجر قضية المعلمة "صباح"، التي يبدو أن كلامها عن اللغة العربية وتمجيدها للغة القرآن وتفضيلها لهذه اللغة وتلقين تلاميذها كل ما له صلة بها، هذا الموقف يكون قد أزعج بن غبريت التي أعلنت عن لجنة للتحقيق مع المعلمة، مما أثار موجة من التضامن مع "صباح" وانتقادات واسعة للوزيرة بن غبريت، ولهذه الفضائح والتطورات والتفاعلات تكون وزارة التربية الوطنية قد دخلت معتركا سياسيا خطيرا أحرج الحكومة برمتها، مما قد يدفع بتغييرات عميقة في القطاع بعدما تحولت قضية كتاب الجغرافيا إلى مسألة "دولة"، مما قد ينجر عنه اتخاذ إجراءات تهم القطاع، وتحد من صلاحيات وزيرة التربية في اتخاذ قرارات الإصلاحية وإقالة مجموعة "بروكسل" الناشطة في الوزارة والتي تقف وراء إخراج تلك الفضائح التي تمس بسمعة الجزائر شعبيا ورسميا تجاه قضايا محورية لا يمكن لرئيس الجمهورية أن يتساهل بشأنها، وهذا أقصى ما يمكن أن يتم اتخاذه إن لم يتقرر تغييرا جذريا من على رأس الوزارة نفسها، حيث فقدت الوزيرة بحادثة كتاب الجغرافيا ثقة الشركاء والمجتمع.