سفارة تونس في الجزائر راسلت الصحف الجزائرية عقب تغيير السابع من نوفمبر الذي قاده الرئيس المخلوع بن علي ضد بورفيبة، طالبة منها الكف عن إيذاء الرجل (المريض) بحكم عدة عوامل. فبورفيبة صنع تونس وصاحب خبرة طويلة وعريضة في الحكم ورجل نزيه لم يأخذ من تونس إلا حمامة وحبّة تفاح يوميا كما يقول هو، وهو الذي أسس لمجتمع مدني لائكي شعاره الرقي والتحضر والتقدم، وهو أيضا صاحب سياسة خطوة خطوة وخذ وطالب. ولو أخذت مقترحاته بخصوص تقسيم فلسطين قبل حرب 1967 لعرفت القضية الآن منحى آخر غير الذي تعرفه الآن بعد أن سقط خيار التفاوض وظل خيار المقاومة محل أخذ ورد! وعندما تعود الصحف الجزائرية نفسها تقريبا للتنديد بممارسات نظام بن علي وسياساته القمعية بحدة قد تفوق حدة الصحف التونسية التي انقلبت من الضد إلى الضد وتسكت السفارة التونسية عن ذلك، فإن كل طرف يكون قد وجد ضالته بعد هذا الحدث الكبير الذي قد يتكرر على مدار السنوات القادمة بعد أن تعلمت الحكومات العربية من حكمة اتق شر من أحسنت إليه (بالمقلوب) أي أسأت إليه على ما يبدو فالسفارات العربية بما فيها التونسية لايمكنها أن تهاجم صحف الغير بحكم طبيعة التغيير هذه المرة بعد أن ورد في شكل ثورة شعبية ضد الديكتاتورية وبالتالي يصبح عدو العدو صديقا! وصحفنا وجدت متنفسا جديدا يمكن أن تطرق بابه بعد أن اشتد الخناق حولها من كل جانب في ظل عدم وجود نقابة وطنية تدافع عنهم وعن مهنتهم وبعد أن كف الرئيس نفسه عن التصريحات العلنية التي كانت تصنع الحدث فهذا الخيار عبارة عن تنفيس عن الكبت كما يفهمها السيكولوجيون في محاولة تقديم أداء كروي مقبول خلاصته أن المعنية بالأمر ''جارتي المحفورة '' وليس نحن!