عن الأولاد'' لتنقل لقرائها صورة الواقع الممزوج بآلام الانتظار ودموع الفرح وزفرات اليأس.. تشير إحصائيات وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات التي تلقتها ''البلاد''، إلى وجود تسع مصحات للمساعدة على الإنجاب في الجزائر، حيث افتتحت أول عيادة في سنة 1999 اسمها ''الفرابي'' بعنابة، وأربع عيادات في الجزائر العاصمة وهي ''فريال'' و''الوالدين'' و''تيزيري'' و''الأبيار''، و''البرج'' وعيادة ''ابن رشد'' بولاية قسنطينة، وعيادتان في وهران هما ''بن صغير'' و''مخزن الأسرار''. وكلها عيادات تستخدم العديد من التقنيات والعتاد الطبي للإشراف على عمليات التخصيب والإنجاب. هل يمكن تصور معاناة زوجين يبحثان عن تحقيق حلم اسمه إنجاب أولاد يشعرونهم بعاطفة الأمومة والأبوة؟ وهل يمكن تصور عذابهما حينما يصطدمان بحقيقة طبية تؤكد عجزهما عن الإتيان بثمرة زواجهما ومهجة بيتهما؟ ربما واقع الحال هذا يواجهه بعضهم بانتكاسة نفسية وعزلة اجتماعية، قد تصل بهم في أحايين عدة إلى فسخ حبل الرابطة الزوجية وتفكيك أسر بكاملها. في حين يرفض غالبيتهم الاستسلام لشراك اليأس مبقين تشبثهم بالحلم مادام مشروعا سالكين به سبل العلاج حتى في خارج الجزائر بغض النظر عما قد يدفعونه من مقابل مادي على ذلك. وبين هذا وذاك، يبقى أملهم في واهب الحياة أن يمنحهم قرّة عين تقر بها أفئدتهم وتسكن لها أرواحهم... ''البلاد'' حاولت ولوج عالم فالبحث الآلاف ينتظرون تحقق حلم طال انتظاره ذكر مصدر من وزارة الصحة فضل عدم الكشف عن هويته، أن هناك 300 ألف زوج يحاولون إجراء عمليات من أجل الإنجاب، في وجود ما يقارب المليون زوج يعانون العقم، وهو ما يعني أن نسبة المحاولات بالنسبة لهؤلاء تتجاوز نصف مليون محاولة، المئات منها نجحت ولكن بعد شق الأنفس. فيما تكون وجهة الكثيرين منهم إما تونس أو الأردن وبنسبة أقل فرنسا. في إحدى العيادات الخاصة بأمراض النساء والتوليد، تقول الدكتورة ''م .ك'' إن هناك عدة تقنيات للتلقيح والإنجاب أو المساعدة على الإنجاب، وأن تكلفة التلقيح بالأنابيب من المفترض أن تتراوح بين 15 و23 مليون سنتيم، مع تحديد أسعار الأدوية المصاحبة للعملية، مشيرة في هذا الصدد إلى أن هناك عيادات خاصة تضع أسعارا خيالية لإجراء هذه العمليات قد تتجاوز 45 مليون سنتيم، بالنظر إلى ما يتطلبه التلقيح في الأنابيب أو التخصيب. وعلى عكس ما هو موجود في مجتمعنا، وبما أن الاتهام الأول تواجهه المرأة، فإن المفاجأة وجدناها في أرقام الوزارة، حيث تشير إلى أن العقم يصيب الرجال بنسبة 65 في المائة، على عكس ما هو متداول في مجتمعنا الذي يتهم مباشرة المرأة بأنها العقيمة أو التي لا تنجب، في وقت يوجد 2,5 في المائة من الأزواج الجزائريين المصابين بالعقم، فيما 25 في المائة من النساء عقيمات. بينما 10 في المائة المتبقية فإن مشكل العقم فيها مشترك بين الزوجين. مشكلة الخصوبة في بلادنا أصبحت مشكلة عويصة تواجه الآلاف من الأسر، بل وأصبحت سببا في أبغض الحلال وهو الطلاق. ويمكن القول إن أكثر القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية في بلادنا هي الطلاق بسبب عدم الإنجاب، ولكم أن تتوقعوا هذه الصور التي أصبحت تنفرد بها العائلات الجزائرية بل أصبحت تسبب صداعا لا دواء له، بالرغم من أنه توجد العديد من الطرق للعلاج أو أن أمل الإنجاب قائم مادامت التقنية تطورت ومادام الطب والعلم في تطور. من جانب آخر تعود أول عملية استخدام للتلقيح بالأنابيب في الجزائر إلى عام .1997 ولكن من الظواهر التي انتشرت في الجزائر استدراج العديد من الأزواج للقيام بعمليات التخصيب وفي النهاية تكون النتائج سلبية بعدما يخسر الزوجان الملايين. هناك من بعن حليهنّ وهناك من باع سيارته وهناك أيضا من اقترض مالا من أجل توفير مبالغ مالية يمكن أن يعالج بها زوجته عن طريق التلقيح الاصطناعي. تضيف الدكتورة ''م.ك'' في تصريحها أنها عالجت إحدى المريضات تاهت بين الأطباء في مصحات التوليد بل وجدت تضخيما كبيرا من طرف بعض الدكاترة لحالتها، وهو ما دفعها إلى فقد بصيص أمل كان يلوح في أفق أيامها السابقة. وأضافت المتحدثة أن هذه المريضة تعبت من العلاج الهرموني والأدوية، وصرفت الملايين لتجد نفسها اليوم أمام حالة مرضية أخرى تتمثل في انسداد عنق الرحم والأمر يحتاج إلى جراحة بسيطة لا تكلف الكثير، خصوصا أن المرأة كانت صغيرة في السن لم تتجاوز بعد 25 سنة وأن العملية لا تسبب أي مضاعفات. مسيرة مرهقة... لكنها واجبة أشارت المتحدثة في هذا السياق إلى أهمية العامل البسيكولوجي في تحضير المرضى نفسيا من أجل متابعة العلاج والرفع من نسبة النجاح. من جهة أخرى ذكر دكاترة على مستوى عيادة خاصة للإنجاب أن الكثيرين من الأطباء يتاجرون بأحلام المرضى وهو واقع لا يمكن غض الطرف عنه، بالنظر إلى التقدم البسيط في مثل هذه العلاجات التي عرفتها الجزائر منذ 13 سنة فقط، فضلا عن النقص الكبير في التقنيات على مستوى المستشفيات العمومية وهو ما يدفع بالكثير من الأزواج إلى التوجه إلى المصحات الخاصة والعيادات التي تحتاج دائما إلى أموال، وتحتاج أيضا إلى تريث ومتابعة ولكنها غير متاحة لكل من يعانون من مشكل الخصوبة، لأن تكاليفها ليست في متناول الجميع وتحتاج إلى تضحيات جسام قد تتعدى رهن الذهب وبيع السيارة وقد تصل إلى حد الاقتراض من البنوك أو الاستدانة من الأقارب. وفي هذا السياق تحدث الأخصائي النفساني، بوبكر سعيداني، ل''البلاد'' عن عدة حالات عضوية أكثر منها نفسية، وعن حالات سبق أن عالجها وساهم في تذليل صعابها خصوصا في مجتمعنا الذي أصبح يرهق الزوجين بالأسئلة وبالإحراج بسبب عدم الإنجاب، وهو ما يدفع بالكثير من الأزواج وخصوصا النسوة إلى التقوقع على حالتهن والانزواء والتفكير الذي يفقدهن الثقة في النفس ويفقدهن لذة الحياة في عدم وجود أولاد. كما اكتشف بعض الأطباء أن هناك العديد من أمراض العقم عبارة عن أمراض نفسية وعائق نفسي وليس مرضا عضويا. موضوع شائك ربما لايزال في خانة ''الطابوهات''، أن الكثير من الأزواج الذين التقتهم ''البلاد'' يعبرون عن وجود شرخ اجتماعي كبير في هذا الموضوع، أي القيام بعملية الإخصاب والبحث عن الإنجاب عن طريق إجراء عملية جراحية، أو التلقيح الاصطناعي، وهو أمر كثيرا ما يتداول خلف الجدران فقط، أو يشار إليه بالإيماءات وإشارات اليدين أو الوجه، أو بالإيحاءات أي كلمات لها معنى يتقارب مع المعنى الأصلي، ولكن في النهاية هناك الآلاف ممن يطمحون لأن يكونوا آباء وأمهات ويعملوا المستحيل ليحققوا هذا الحلم الذي ربما يعتبر صعب المنال في الحالات الكثيرة ولكنه ممكن، لأنه في النهاية قضاء وقدر على حد تعبير سليم عياشي، وهو زوج حاول مرات ومرات أن يجد علاجا لعقمه رغم أن الكثير من الأطباء رددوا على مسامعه إمكانية أن يكون أبا، وفي الأخير قيل له عليك بالصبر. قبل التطرق إلى حالة المتحدث أجزم في تصريح واقعي جدا وطلب كتابة اسمه بالكامل، بأنه تعرض في العديد من المرات إلى مضايقات وكلام مشحون ومحرج ولكن أمله كان كبيرا، بل اضطر للذهاب إلى مصحة بالأردن ودفع تكاليف تعدت 35 مليون سنتيم وهو الآن لديه ولدان توأمان، وقال إن سعيه كان كبيرا منذ أكثر من ست سنوات ونصحه الكثيرون بالذهاب إلى عمان الأردنية، حيث وجد العلاج الشافي. وشدد المتحدث على أن هناك في إحدى العيادات الخاصة وجد الكثير من التساهل مع المرضى بداية بإعداد ملف كامل عن المريض يسلم له بمجرد الدخول إلى العيادة، ويجيب فيه على العشرات من الأسئلة ثم يلتقي الدكتور المتخصص، فيجيب على أسئلة الدكتور ليقدم له الشروط الواجب القيام بها والتحاليل الكاملة التي يقوم بها في المصحة نفسها ولكل تحليل ثمن معين. يتم إعلام المريض بكل التفاصيل الخاصة بالتكاليف، مع تعويض بنسبة معينة عن المصاريف في حال فشل العملية وتعهد من المصحة في حال ما إذا كانت هناك مضاعفات على الأم أو الجنين وأكد المتحدث أنه قضى شهرين بين عمان والجزائر ولكن كل التحاليل قام بها هناك ووجد أن الطب متطور رغم تكاليفه الباهظة، فاستشارة طبية أولية قد تكلف المريض 60 دولارا أي ما يعادل 4 آلاف دينار جزائري. المثير في الموضوع واللافت للانتباه أن الكثيرين ممن جربوا عملية التخصيب فشلوا في المرة الأولى مما دفعهم إلى إعادة العملية مرة ومرات، وهناك من أعاد التجربة ست مرات وكلفته أكثر من 100 مليون سنتيم. ولكن الأدهى أن تعويضات صندوق الضمان الاجتماعي لا تمس سوى 50 في المائة من الأدوية المستعملة أي التي تتراوح قيمتها بين 40 و80 ألف دينار وهو ما يعني أن عمليات التخصيب إن تكررت تكلف غاليا خصوصا بالنسبة للأسر الفقيرة أو المتوسطة الحال، و20 في المائة فقط من العمليات. الصابر ينال.. اكتشفت فنورة'' ذات 34 ربيعا، متزوجة منذ ثماني سنوات أن زوجها يعاني من عقم بسيط يمكن معالجته ولكن حملها نجح بعد العملية الثالثة من التخصيب، وهي اليوم تنتظر مولودها في جويلية القادم إن شاء الله، بعدما أجرت العملية في عيادة متخصصة. ولكنها تصف حالتها بالقول ''لقد تملكني اليأس والخوف ولكن الحمد لله أعطاني الله الصبر والقوة على هذا المشكل الذي أرقني وأرق زوجي''. وتشدد على أن أهل زوجها هم من تكفلوا بالعلاج من بدايته الى نهايته عكس ما سمعناه من نسوة أخريات عانين الويلات من عائلات أزواجهن بخصوص هذه المسألة، التي أسالت الكثير من الدموع. معلومات هامة يؤكد الدكتور ''بركاني.م''، وهو متخصص في الإنجاب، أن التلقيح الاصطناعي عبارة عن حقن السائل المنوي بطريقة اصطناعية عن طريق تمرير الحيوانات المنوية المستخرجة من الزوج في المسالك التناسلية للزوجة بهدف الإخصاب والإنجاب. أما بالنسبة لأطفال الأنابيب فهي تتعلق بإخصاب البويضة بالحيوان المنوي في أنبوب اختبار بعد أن يتم أخذ البويضات الناضجة من المبيض لتوضع مع الحيوانات المنوية الحية فقط بعد غسلها، حتى يحصل الإخصاب ثم تعاد البويضة المخصبة إلى رحم الأم.