علمت "البلاد" من مصادر دبلوماسية أن "الجزائر شرعت في التحضير لجولة جديدة من المباحثات بين فصائل سياسية وقبلية ليبية". وتابعت المصادر أن هذه اللقاءات تأتي استكمالا لسلسلة الجهود التي تبذلها الجزائر من أجل تهيئة مناخ مناسب للحوار بين فرقاء الأزمة بالتزامن مع الانتصارات الميدانية على الجماعات الإرهابية في أكثر من موقع. وقال المصدر إن "الجولة الجديدة لم يحدد تاريخها بدقة، لكنها ستتم في غضون الشهر الداخل بالجزائر العاصمة ". وأضاف أن "الجزائر لم تدخر أي جهد في تخفيف معاناة الأشقاء في ليبيا عبر المعونات الإنسانية المتواصلة وبخاصة لفائدة سكان المناطق الحدودية، كما أنها على أتم الاستعداد لأن تقاسم بطلب الأشقاء في ليبيا تجربتها في مسعى المصالحة الوطنية ووضع كل آلياتها تحت تصرفهم". كما شدد على "أهمية السعي الدؤوب على غرار ما قامت به الحكومة الجزائرية منذ 2012 لتشجيع توسيع الحوار الوطني الليبي والتواصل مع جميع الأطراف الفاعلة، لاسيما تلك التي لها تأثير في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وكذا العسكرية من اجل التوصل إلى توافق أوسع، ما يكون كفيلا باستقطاب أغلبية أطراف ومكونات المجتمع الليبي". وجدد المصدر الدبلوماسي التأكيد أنه "لا بديل عن الحل السياسي في إطار الحوار الليبي- الليبي دون إقصاء ما عدا التشكيلات الإرهابية المصنفة من قبل الأممالمتحدة، مشيرا إلى ضرورة أن تقوم الهيئة الأممية بمرافقة هذا الحوار السياسي حتى تتمكن ليبيا من تجاوز هذه الأزمة التي تعصف بها منذ 2011". ميدانيا وبعد ثلاث سنوات من القتال، حسمت قوات المشير خليفة حفتر، قائد "الجيش الوطني الليبي"، معركة بنغازي، المدينة التي انطلقت منها شرارة الثورة ضد نظام العقيد معمر القذافي عام 2011. ونجحت قوات حفتر قبل يومين في دخول حي الصابري، آخر الأحياء التي كانت تحت سيطرة إسلاميين متشددين. ويطرح انتصار حفتر في بنغازي، على رغم تكلفته البشرية والمادية الثقيلة، تساؤلات حول وجهته المقبلة، وإمكان حصول مواجهة بين قواته وبقية خصومها، سواء في درنة حيث معقل مناصري "القاعدة" وجماعات متطرفة أخرى في شرق ليبيا، أو سرت وبني وليد وطرابلس في غربها، حيث تنتشر قوات موالية لحكومة الوفاق بقيادة فائز السراج. وتقول الباحثة المختصة في الشؤون الليبية ماري فيتزجيرالد في تصريحات نقلتها أمس صحيفة "لوموند"أنه "لحق كثير من الضرر بالتركيبة الاجتماعية لبنغازي. ربما يحرّك حفتر قواته في وقت قريب غرباً نحو سرت أو بني وليد، وفي الوقت نفسه يواصل تثبيت موقعه في شرق البلاد، لكن التوتر والتنافس الداخلي في صفوف معسكره يمكن أن يؤديا إلى إبطاء اندفاعته". ويتفق معها الباحث الليبي عاشور الشامس الذي يقول إنه "ليس هناك قوة واحدة يمكن أن تسيطر على البلد كله". ويحذّر من أن عناصر المجموعات التي كانت محاصرة في بنغازي، وانسحبوا إلى خارجها، "سيعاودون تجميع قواهم ويعودون إليها. . . ربما عبر تفجيرات".