البلاد - آمال ياحي - ستشهد الأشهر القليلة القادمة تراجعا أكبر في التمويل الإسلامي الاستهلاكي الموجه لاقتناء السيارات، مقابل الارتفاع المستمر في عدد الراغبين بشراء السيارات المركبة محليا والتي انخفض حجم إنتاجها بسبب تورط أصحاب مصانع التركيب في قضايا الفساد تزامنا مع قرار الحكومة بتقليص فاتورة "السيارات المفككة" إلى النصف، ما يهدد بغلق معظم المصانع. وتحاول البنوك الخاصة التأقلم مع الوضع الجديد في انتظار ما سيفرزه المشهد السياسي نهاية السنة الجارية مع تنظيم الانتخابات الرئاسية، حيث تعمل هذه البنوك على الاستجابة لأكبر عدد من طلبات عملائها، رغم عدم توفر المنتوج في السوق في حينه وبالقدر اللازم لإشباع حاجيات الزبائن الذين يقبلون على هذا النوع من القروض غير الربوية من أجل الحصول على سيارة. وأكد السعيد كريم، رئيس قسم بنك التجزئة على مستوى بنك البركة الجزائري في تصريح ل "البلاد"، أن حجم التمويلات المخصصة لشراء سيارات تراجع بنسبة 10 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، حيث قام البنك بتمويل 9 الاف طلب شراء سيارة منذ بداية 2019 بما يعادل قيمة 10 مليار دينار وهو رقم ضخم. كما يحصي البنك تمويل 40 الف سيارة بواسطة القروض غير الربوية منذ عام 2016. وبخصوص مشكل عدم توفر السيارات، لا سيما في الشهرين الماضيين، قال المتحدث إن الامر يتجاوز البنك لأنه يخص تراجع العرض نفسه على صعيد مصانع التركيب، غير أنه توقع عودة التمويلات بقوة في مطلع العام القادم، مشيرا إلى أن العديد من الزبائن سددوا القسط الخاص بهم وسينتظرون إلى غاية بداية 2020 لتسلم مركباتهم، بسبب ضعف العرض وعدم اتضاح الرؤية فيما يتعلق بمصير مصانع تركيب السيارات. من جهته، استانف مصرف السلام الجزائر بداية من شهر أكتوبر الجاري، عملية بيع السيارات المركبة في الجزائر بعد توقيف المبيعات الفترة الماضية بسبب نفاد مخزون السيارات، حيث سيتم تسليم 300 سيارة لأصحابها في الوقت الذي سدد 1500 زبون طلب اقتناء سيارة لدى البنك خلال الأربعة أشهر الماضية ويتزامن ذلك مع الأزمة التي تعيشها السوق الجزائرية والتي أدت إلى تعطيل تموين البنوك وحتى الوكلاء بالسيارات محلية الصنع التي تشهد ندرة حادة منذ شهر جويلية المنصرم. ويشير مصدر مسؤول من مصرف السلام إلى أن عملية بيع السيارات دون قروض ربوية وعن طريق المرابحة لم يتم تجميدها ولا توقيفها ولكن لم يتم تسجيل مبيعات بسبب ندرة حادة في السيارات المركبة في الجزائر طيلة الثلاثة أشهر الماضية بفعل توقيف عملية استيراد قطع غيار السيارات وملاحق التركيب "أس كا دي" و«سي كا دي" بداية من شهر جويلية المنصرم، مشيرا إلى أن بنك السلام اليوم استقبل 1500 ملف وذلك طيلة فترة الصيف، حيث قدم هؤلاء الزبائن كافة الوثائق الخاصة باقتناء سيارة بالتقسيط. كما دفع هؤلاء القسط الأول وينتظرون اليوم التسليم فقط، مشيرا إلى أن مصرف السلام يرتقب جاهزية الطلبات المتبقية خلال المرحلة المقبلة.
البنوك الخاصة متخوفة من قرار استيراد السيارات المستعملة يثير تراجع إنتاج السيارات المركبة محليا مخاوف الكثير، لا سيما وأن اقتتناء السيارة عن طريق القرض يتماشى مع القدرة الشرائية لفئة الدخل المتوسط خلافا للبديل الذي تقترحه الحكومة لما فتحت المجال في قانون المالية الحالي لاستيراد السيارات الاقل من 3 سنوات، لكن مع تأكيد وزير المالية أن البنوك العمومية أو الخاصة لن تمول هذا النوع من الصفقات، داعيا المواطنين الراغبين في اقتناء هذه السيارات إلى تدبر العملة الصعبة لوحدهم ومن ثمّ إيداعها في البنوك من أجل استكمال إجراءات الاستيراد. ولا يزال هذا القرار محل جدل، في ظل رفض خبراء وممثلين عن جمعيات المستهلكين لمقترح الحكومة الذي تريد اعتماده كحل بديل عن توقف نشاط بعض مصانع التركيب السيارات المرتقب قريبا. فيما طالب المعنيون من البرلمان بمراجعة عاجلة لإجراءات عودة استيراد السيارات المستعملة، بما يتوافق مع مصلحة الجزائريين، وذلك للسماح باستيراد السيارات أقل من خمس سنوات عوض 3 سنوات باعتبارها صفقة "غير مربحة" للمواطن الجزائري، بسبب غلاء ثمنها في السوق الاوروبية.