البلاد - رياض.خ - مع انطلاق الحملة الانتخابية لسادس انتخابات رئاسية تعددية منذ الاستقلال، لا تزال هناك أحزاب لم تبد مواقفها النهائية من هذا الاستحقاق، رغم كونها جزءا من العملية الانتخابية بوعائها أو ثقلها في الساحة السياسية، وهو ما أثار جدلا واسعا في أوساط الملاحظين للمشهد السياسي في الجزائر، حيث يظل الغموض يطبع مواقفها خصوصا القرار الواجب اتخاذه في هذا الشأن بإعلان مقاطعتها للانتخابات أو دعمها المحتمل لأي مرشح من أصل المرشحين الخمسة الذين يتسابقون على قصر المرادية. في هذا المضمار، يؤجل المكتب السياسي لجبهة التحرير الوطني لحد كتابة هذه السطور، يوما بعد يوما قراره بشأن الدعم الذي ينتظر منه تقديمه لأحد المرشحين الخمسة الذين لا يزال أحدهم عضوا في لجنته المركزية واثنين آخرين كانا من بين أقطابه في أوقات سابقة لاسيما أمينه العام الأسبق الذي خاض رئاسيات 2004 تحت بقبعة الأفلان، وهو الوضع الذي يفسر الى حد كبير الفوضى التي هيمنت على القيادة السياسية للحزب العتيد وعدم قدرتها على السيطرة على قواعد الحزب في توجيهه وحتى لملمة قواعده لقول كلمة واحدة في هذا الاستحقاق، على الرغم أن العديد من مناضليه وكوادره في القواعد المحلية لم تنتظر لحظة واحدة لتوصيات القيادة لركوب الموجة الانتخابية وإعلان دعمها لرئيس الوزراء السابق مرشح الرئاسيات عبد المجيد تبون وهو عضو في اللجنة المركزية للحزب، بالإضافة الى الحشد الذي يلقاه علي بن فليس السكرتير العام السابق للأفلان، من مناضلين في ولايات الجمهورية الى جانب أصغر عضو سابق في اللجنة المركزي عبد العزيز بلعيد، حيث تقول آخر التسريبات الأخيرة من بيت جبهة التحرير الوطني إن قيادته أرجأت الفصل في موقفها الى غاية الجولة الثانية من الانتخابات التي يرى بعض قيادييها أنها ستحدث لا محالة في سادس انتخابات رئاسية في الجزائر. الأحزاب الأخرى التي لم تفصح بوضوح لحد الآن عن مواقفها، تكون قد قررت "القول الفصل" في قادم الأيام القليلة للإعلان عن دعمها مرشحا ما من اصل الخمسة أو الإبقاء على سرها الى إشعار آخر، فيما قررت حركة النهضة البت في الموضوع في جلسة خاصة لمجلسها الشوري ومن المتوقع جدا أن يعلن امينها العام الجديد يزيد بن عائشة، عن دعم المرشح علي بن فليس بعد حضوره الندوة الصحفية التي نشطها على هامش إعلانه عن برنامج الانتخابي، بالرغم من أن هذا الأخير حاول تفنيد دعمه لبن فليس، مستطردا في قوله أن الكلمة الأخيرة تعود الى مجلس الشوري الذي سيحدد هوية المرشح الذي يدعمه الحزب في هذا الموعد الانتخابي. صديقه في جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله هو الآخر في وضع غير مريح ولم يجهر لحد الساعة بموقفه سواء إبراز موقف معارضته للاستحقاق أو الاكتفاء بصمت الى إشعار لاحق، رغم أنه صرح على هامش الدورة الاستثنائية لمجلسه الشوري بأن تحديد الموقف ليس بالسهولة بمكان وأن الأيام القادمة كفيلة بالإجابة، وهو ما يؤشر على كلام آخر قد يجر الحركة الى الانخراط في اللعبة السياسية بدعم مرشح يتوافق ونظرة حزب جاب الله. وفيما أعربت أحزاب صغيرة عن دخولها الانتخابات كأصوات داعمة لمرشحين، لا يزال المجهول يلف بيت حركة مجتمع السلم، التي تواصل إثارتها للمشهد السياسي دون إشاعة سر موقفها النهائي من انتخابات 12 ديسمبر. ففي الوقت الذي يحافظ فيه رئيس الحركة عبد الرزاق مقري على معارضته هذه الانتخابات، تبرز مواقف بعض القياديين المؤثرين في الحزب والمعروفين بمغامرتهم، أن الحركة بمقدورها التأثير في البوصلة الانتخابية في حال انخراط قواعدها في الاقتراع، ما يفهم أن الحركة تركت الخيارات متاحة لمناضليها دون تقييد حرياتهم، بدليل أن مصادر قوية تؤكد دخول مناضلين في حزب الراحل محفوظ نحناح في العملية الانتخابية بدعم المرشح عبد القادر بن ڤرينة باعتباره الأقرب إلى التوجه السياسي للحركة. أما بخصوص حزب التحالف الوطني الجمهوري، فإن بلقاسم ساحلي، يكون قد أرجأ القرار النهائي إلى الأيام القادمة القليلة بسبب تأثره العميق بالصدمة القوية المزدوجة التي تلقاها هذا الأخير على التوالي من قبل السلطة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات والمجلس الدستوري الذي رفض ملف ترشيحه لهذا الاستحقاق. وتذهب مصادر "البلاد" إلى القول إن ساحلي فضل عدم الخوض في أي قرار بمفرده، فاسحا المجال لمكتبه الوطني لاتخاذ مثل هذا الموقف لدعم مرشح ما أو مقاطعة الانتخابات، بينما تؤكد أنباء من داخل حزبه أنه وجد صعوبة في إقناع قواعد حزبه بعدم الانخراط في العملية الانتخابية، بدليل أن بعض المناضلين عن حزبه شوهدوا في الواجهة الأمامية لمقرات مداومات انتخابية للمرشح عبد المجيد تبون في هذا المعترك الانتخابي.