بن فليس يعتزل ومصير بن ڤرينة بين يدي مجلس الشورى البلاد - زهية رافع - رسمت نتائج الانتخابات الرئاسيات التي وضعت عبد المجيد تبون رئيسا للبلاد مسارا جديدا للحياة السياسية، مسارا قد ينهي مشوار أحزاب تقليدية ويرفع أسهم أحزاب أخرى ستكون فاعلة في المشهد السياسي، وتضع مصير أحزاب أخرى في المجهول، فحركة البناء التي جاءت في المرتبة الثانية لن تقبل أن تكون على الهامش، وستعلب دورها بأكثر فعالية كما ستكون في حسابات السلطة الجديدة رغم تلويح رئيسها بالاستقالة، التي قد تسقط منها الرهان على حزبي الأفلان والأرندي، فيما تتواجد حمس في موقف غير مريح. كما وضعت هذه النتائج حزب طلائع الحريات أمام مصير مجهول بعد تنحي علي بن فليس من الرئاسة. العزلة والخروج من عباءة السلطة يهدد أحزاب التحالف مما لا شك فيه أن نتائج الانتخابات الرئاسية ستلقي بظلالها على المشهد السياسي، ومن المؤكد أن الخارطة السياسية ستتجه نحو إعادة التشكيل بعد أن أربكت هذه النتائج جل الأحزاب السياسية، وأحدثت هذه النتائج هزة عنيفة داخل صفوف أحزاب السلطة ممثلة في الأفلان والارندي على وجه التحديد التي منيت بخسارة غير متوقعة بعد أن فقدت الهيكل الذي كان يشكل الغطاء لها ويوفر لها ضمانات التموقع في الصفوف الأولى ويمنحها ترتيب موقعها وفق حسابات السلطة السابقة ويدعم وجودها عبر "نتائج لطالما كانت محل طعن في شرعيتها، سيما ان هذه الاحزاب فقدت ذلك الزخم في القاعدة الشعبية الرسمية لها، وهما اللذان جمعا لمرشحهما في رئاسيات 12 ديسمبر الجاري 617.753 صوتا من أصل أكثر من 24 مليون ناخب على المستوى الوطني. فتبون الذي سيدخل القصر الرئاسي وهو لا يملك حزب سياسيا سيختط لنفسه مساراً سياسيا خاصا بعيدا عن هذه الأحزاب هو ما سيمكنه من التخلص من هيمنة حزب الأفلان الذي يعاني من عيوب هيكلية كبيرة، وارتكبت قياداته خلال السنوات الأخيرة أخطاء سياسية قاتلة، قد لا يرغب تبون في أن يرثها. كما أنه من المرجح أن يبقى الرئيس الجديد في منطقة الحياد بين الأحزاب الداعمة له حمس مهددة بالتراجع، وبن ڤرينة سيكون رقما صعبا في المعادلة السياسية. معارضة تلملم جراحها وحركة البناء لقيادة التيار الإسلامي أما على مستوى المعارضة، فيبدو المشهد أكثر ارتباكا، فالأحزاب السياسية التقليدية التي كانت تمثل المعارضة التاريخية في موريتانيا، تلقت ضربات موجعة في هذه الانتخابات. نتائج عملية التصويت كانت أيضا بمثابة آخر مسمار في نعش التيارات المعارضة خاصة الإسلامية منها، فالتيار الإسلامي الذي حقق مكاسب انتخابية معتبرة خلال السنوات الماضية ونجح في إعادة التموقع بعد الحراك الشعبي وتراجع موقع أحزاب السلطة، أصابتهم هذه الانتخابات الأخيرة بحالة من التشرذم والانشقاق، بسبب قرار المقاطعة، خاصة حركة حمس التي ستجد نفسها بعد هذه الانتخابات على خط الهامش وهي التي ناءت بنفسها عن المشهد السياسي منذ إعلانها مقاطعة الانتخابات وتحفظت على دعم أي مرشح أو تحقيق مرشح توافقي مع باقي الأحزاب، معطيات قد تضعف أسهم الحركة التي كانت إلى وقت قريب الرقم الأول في صفوف المعارضة وكان بإمكانها القفز ولعب ورقة الضغط مع السلطة أكثر لكنها قد تدفع ثمن خياراتها هذه غاليا. هذا التراجع المحتمل لحركة حمس يلوح بفتح الباب أمام ظهور قوى جديدة وصعود قوى معارضة أخرى على غرار حركة البناء التي يترأسها عبد القادر بن ڤرينة الذي حل في المرتبة الثانية بنسبة 17 في المائة، وغدا رقما صعبا في المعادلة السياسية على الرغم من أن هذا الأخير لوح بالاستقالة من منصبه بعد النتائج المحصل عليها، لكن لا يبدو أن هذا الأمر سيتم بالنظر لما حققه بن ڤرينة خلال المسار الإنتخابي. طلائع الحريات.. مصير مجهول بعد انسحاب بن فليس من جهة أخرى سيكون حزب طلائع الحريات في وضع صعب ومعقد بعد إعلان رئيسه المترشح السابق للانتخابات الرئاسية، علي بن فليس، رسميا انسحابه من الحياة السياسية والتفرغ للكتابة بعد نتائج الانتخابات التي أنهت طموحه الرئاسي. فرضت الخيبة التي مني بها رئيس طلائع الحريات علي بن فليس بعد خسارته في الاستحقاق الرئاسي وتضييع حلم الرئاسة بعد حصوله على المرتبة الثالثة وهو الرجل الذي كان لوقت قريب مشروع رئيس الجمهورية، بل المنافس القوي للرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة علي بن فليس لا يزال تحت تأثير الصدمة، ولم يهضم هذه الخسارة وهو ما ظهر في كلمته بمقر حزب طلائع الحريات في لقاء حضره مناضلون ورؤساء أحزاب سياسية دعموه في الحملة الانتخابية حيث تحاشى بن فليس تهنئة الرئيس الجديد عبد المجيد تبون لكنه عاد إلى المنافسة الانتخابية التي خسرها أمام الرئيس قائلا: "هنيئا لنا بحملة انتخابية في كل أنحاء الوطن وفي المهجر قدناها بالكلمة الطيبة وبالكلام الطيب بالحسنى"، مضيفا: "أتمنى أن يتسم خدام الدولة في كل تفرعاتها وكل مواقعه هذا التصرف".ليعلن بعدها رئيس طلائع الحريات تطليق العمل السياسي، وقال إنه قرر ترك الفرصة للشباب والاكتفاء بالكتابة والنقاش الفكري لمساعدة الشباب.