ضغط أرباب العمل وضعف المركزية فوّت الفرصة وجه رسميا الوزير الأول أحمد أويحيى مراسلة للشركاء الاجتماعيين يدعوهم للمشاركة في لقاء الثلاثية المزمع عقده الخميس· وقد ضمن أويحيى المراسلة جدول أعمال مفصلا تناول الشقين الاقتصادي والاجتماعي، فيما أبقى المجال للشركاء الاجتماعيين مفتوحا لتقديم اقتراحات تضاف إلى جدول الأعمال شريطة أن يكون المقترح مدعما بإجماع المشاركين· ومن خلال القراءة الأولية لمضمون المراسلة فإن الغائب الأكبر في جدول الأعمال المقترح من قبل الحكومة يتمثل في المادة 87 مكرر المتعلقة بالحد الأدنى للأجر القاعدي المثيرة للجدل، فيما يرى مراقبون أن القراءة السياسية لبرنامج الثلاثية يوحي بأن الفصل في قرار تعديل المادة 87 مكرر المتعلقة بالحد الأدنى للأجر القاعدي يكون قد ترك لرئيس الجمهورية ليتخذ فيه القرار المناسب، خاصة أن الجدل بين النقابات وممثلي أرباب العمل لايزال متواصلا حول تعديل المادة· فيما اكتفت نقابة سيدي السعيد بالدعوة إلى الزيادة في الأجور دون أن ترقى دعوتهم إلى المطالبة بتعديل المادة 87 مكرر· في حين أعلن آخرون أن رفع الحد الأدنى للأجر القاعدي ينبغي أن يكون تتويجا لمسار وليس انطلاقا له في الأوساط النقابية والسياسية، باعتبار أن المادة لم تعد تستجيب لإرهاقات السوق وتدني القدرة الشرائية مما يجعل الاختلال كبيرا في الجبهة الاجتماعية· ويبقى الغموض يكتنف مصير النقاش حول المادة 87 مكرر طالما أنها لم تفرد في جدول الأعمال· علما أن إثارة ملف القدرة الشرائية كما ورد في البرنامج لا تعني بالضرورة نسف الأختام المضروبة على المادة المحددة للأجر القاعدي الأدنى حيث يمكن تقديم اقتراحات لدعم القدرة الشرائية دون المساس بجوهر أزمة الأجور في الجزائر التي ستبقى محل تدعيم في شكل جرعات لا تسمن الجبهة الاجتماعية ولا تغنيها من جوع، طالما أن النقاش والحوار ينصبان على المادة 87 مكرر ذاتها التي يرى الكثير من المتتبعين والخبراء في الاقتصاد أن إلغاءها أضحى من الواجبات، وهو ما يراه الدكتور عبد الرحمان تومي الأستاذ الممارس في الاقتصاد، إذ يعتبر أن الحد الأدنى للأجر القاعدي في الجزائر لا ينبغي أن يقل عن 30 ألف دج، فيما حذّر من الاحتجاجات التي قد تشهدها الجزائر في الأوساط العمالية خاصة إذا ما خابت آمالهم في الثلاثية التي انتظروها· واعتبر تومي أن الإبقاء على الحد الأدنى للأجر القاعدي على مستواه الحالي لا يخدم الحكومة ولا العمال ولا الاقتصاد الوطني بالنظر إلى استمرار الاختلال بين سلم الأجور في الجزائر حتى في الوظيفة الواحدة وعند أصحاب الشهادة الجامعية نفسها، مرورا باتساع الهوة بين أجور الجزائريين في عدالة توزيع الثروة· كما انتقد المتحدث سياسة الهرولة إلى الزيادة في الأجور دون أن تكون هذه الأخيرة مصحوبة بمحاربة التهرب الضريبي والسوق الموازية، مما يحول دون ارتباط الزيادة في الأجور بالقيمة المضافة في الساحة الاقتصادية الجزائرية· كما ستتناول الثلاثية ملفات التقاعد والتعاضديات والتمثيل النقابي في القطاع الاقتصادي، إضافة إلى مناقشة سبل ترقية الإنتاج الوطني·