يظل الكثير من الأطباء يعالجون مرضاهم في بلادنا بنظريات تعود الى القرون الوسطى التي تحولت الى ما يشبه وصفات الجدات بالنظر الى التطور الهائل الحاصل في المجال الطبي، في الوقت الذي تحجم فيه وزارة الصحة عن تكوين الطاقم الطبي وتكتفي في كثير من الأحيان بتنظيم ملتقيات تتحول الى زردات أو لترويج بعض الأدوية، فيما يعجز الكثير من ملائكة الرحمة عن تحريك ”سكانير” لا يفهم إلا لغة شكسبير أو كونفشيوس· أكد علي خميس رئيس الاتحادية الوطنية لمستخدمي الصحة العمومية، في اتصال ب”البلاد”، أن التكوين المهني والعلمي المتواصل لتجديد الأطباء لمعلوماتهم قليل وغير منظم في المستشفيات، وأن السلطات وعدت بمباشرة التكوين مع بداية السنة الجديدة مع العلم أنه إلزامي مند .2006 وأضاف المتحدث أنه أمام التطور المتسارع الذي يشهده العالم في المجال الطبي والصحي وفيما يخص بعض الأمراض لا بد من تكوين متواصل إلى جانب التكوين القاعدي في الجامعات· ومسايرة لهدا التطور يجب التكفل بملف التكوين داخل الوطن أو خارجه بتنظيم محاضرات ومؤتمرات طبية ودورات تكوينية· وفي هذا الشأن أكد الناطق الرسمي باسم التكتل الوطني لأعوان التخدير والإنعاش، مكيد عبد القادر، أن نوعية الأطباء المتخرجين تعتمد على الجهد الفردي للطبيب وعلى اجتهاده الشخصي في تجديد معلوماته، في حين أن المؤسسات الاستشفائية لا تمنح سوى منحة أو اثنين للأطباء للتربص في الخارج وتعرف هذه المنحة عدة عراقيل إدارية حيث يشترط تقديم طلب إلى مدير المستشفى الذي هو الآخر يرسله إلى وزارة الصحة لدراسة طلب قبول التكوين بالرفض أو الإيجاب ويعتبر هدا غير كافٍ· وأضاف المتحدث نفسه أن التكوين في الداخل غير موجود وأصر على الزاميته لتطوير التعليم الطبي والمهني المستمر بحضور دورات تدريبية متخصصة ومنتديات وتعاون مشترك بين مستشفيات المنطقة ومستشفيات المناطق الأخرى· وقال مكيد عبد القادر إن الاستعانة ببعض الأطباء الأجانب بالقطاعين العام والخاص يقتصر فقط على التعاون والتطبيق في الميدان خاصة في جراحات العيون والقلب· وفي السياق نفسه، كشف الدكتور يوسفي محمد، أخصائي الصحة العمومية ل”البلاد”، أن التكوين إلزامي بالنسبة للطبيب فإدا لم يجدد معلوماته خلال خمس سنوات فإن 50 بالمائة منها تذهب على الرغم من الممارسة اليومية للمهنة وبعد 10 سنوات تزول كلها· وأكد يوسفي محمد أن التكوين الجامعي للطلبة تراجع في الآونة الأخيرة بسبب المشاكل الاجتماعية، وأن التكوين بعد الجامعة غير منظم من طرف وزارة الصحة بالرغم من انه إجباري وأن الطبيب هو الذي يسعى لحضور المؤتمرات والمحاضرات· وأضاف المتحدث أن التكوين في الخارج خصصت له ميزانية ضعيفة وهو لا يشمل كل الأطباء، إذ يخص البعض دون الآخر وأن معظم المؤتمرات تنظم من ممثلي المخابر الصيدلانية فيها خطورة لأنها تختص للتسويق وبيع منتوجاتهم فقط، وأكد يوسفي أنه من الأحسن أن تكون هذه الندوات مبرمجة من طرف السلطات التي لا توجد مصالح وراءها· وفي الاتجاه نفسه، أكدت عزوز مالحة دكتورة في أمراض السكري أن مهنة الطب تتطلب متابعة وتجديدا مستمرا وتطوير الإطارات الطبية هو أساس تحسين الخدمات الطبية المقدمة في الأحوال الاعتيادية وأثناء الظروف الاستثنائية كالكوارث وغيرها· كما أوضحت المتحدثة أن الطبيب العادي يحاول تطوير معلوماته عن طريق متابعة بعض المجلات الطبية العامة والخاصة حيث يتطلب ذلك الكثير من الوقت، كما أن المقدرة على استيعاب المعلومات الحديثة تتراجع مع تقدم السن مما يزيد من صعوبة تدقيق سيل المعلومات المتدفق حول موضوع ما استحالة استيعاب هذه المعلومات لاستخدامها في الممارسة الطبية اليومية·