المملكة العربية السعودية في طريقها، على ما يبدو، لإقرار ديمقراطية من نوع خاص، أساسها تبديل الكراسي بواسطة عزرائيل! مؤخرا لقي ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز حتفه وهو في أمريكا في رحلة علاج، كما يلقاها ”أمراء” الجزائر الرائحين والغادين نحو فرنسا وسويسرا وبلجيكا لإلقاء النظرة الأخيرة على ذلك العالم المتحضر قبل الوداع! وهذا الموت المفاجئ طرح ”حربا صامتة” بين الأمراء للظفر بالمنصب، لكنه يطرح مشكلة أعم، خاصة أن حالات الوفيات جراء الكِبر لعدد من ملوك وأمراء المملكة في عدد من المستويات العالية أصبح يتكرر، وقد يكون التغيير الأسرع وتيرة في العالم بأسره، بما فيه أيام كان الاتحاد السوفياتي (المرحوم) لا يقوده إلا من بلغ من العمر عتيا! أعمار الملوك والرؤساء شرط منصوص عليه في معظم الدساتير، وقد يؤدي المساس به إلى خلق نوع من البلاء! فبن علي الفار في السعودية قصمت ظهره محاولاته لتعديل مادة في الدستور التونسي لا تسمح للمترشح بخوض غمار الرئاسيات إن بلغ السبعين، وهذا قبل أن تقصم أظافره حادثة حرق بوعزيزي نفسه لتندلع ثورة تونس الشعبية، وبشار (غير الفار)، أي الأسد في سوريا قصموا له ظهره أو أنهم في الطريق إلى ذلك، بعد أن قام البرلمان السوري المشكل على مقاس حزب البعث (والعبث) بعكس ما فعله بن علي، فقرروا تفكيك مادة في الدستور تمنع شرط السن للترشح، لكي تسمح للشبل بالترشح خلفا لوالده، فورطوه في كل هذه المصائب التي نراها اليوم! وعندما يصبح عزرائيل لاعبا أساسيا في تغيير الأشخاص داخل منظومة الحكم في السعودية، وإن تشابهت العمائم والوجوه، فإن ذلك من شأنه أن يشجع بعض المحللين السعوديين على الأقل على التجرؤ للحديث عن الديمقراطية السعودية التي يفتح فيها الأمراء الأبواب لعامة الناس، ويسلم على الملك الوزير والسائق والمدير! فهؤلاء من حقهم أن يتبجحوا بهذه الديمقراطية التي لا تفوق في بريقها ديمقراطية الواجهة ”الممكيجة” بكل أنواع الزهور والعطور، في وصفة طبية اسمها إصلاحات أو ”إسلاخات” تنعش الشعور بأن الواحد ”داه الواد” وهو يقول ما أحلى البرودة!