معالجة ظاهرة الهجرة غير النظامية تتطلب رؤية شاملة ومندمجة    عطاف يجري محادثات ثنائية مع وزراء خارجية دول شقيقة وصديقة ومع مسؤولي منظمات دولية    وزير التربية يترأس ندوة وطنية للتحضير الجيد للامتحانات المدرسية الوطنية    كلود مونجان أسفاري تنتقد التصرفات العدائية لمغاربة في فرنسا حاولوا منع مسيرة الحرية للمعتقلين الصحراويين    وزير الصحة يشرف على اجتماع لمتابعة مشاريع المستشفيات الجديدة ويؤكد على نظام استشفائي متعدد التخصصات    انعقاد الدورة الخامسة من المشاورات السياسية الجزائرية-الروسية بموسكو    العيد ربيقة يبرز الإنجازات المحققة في مجال صون الذاكرة الوطنية    احذروا.. الليبرالية الفاشية على الأبواب    الولايات المتحدة… من الديمقراطية إلى الاستبداد    مقررة أممية تطالب بفرض عقوبات على الكيان الصهيوني وإلزامه بوقف عدوانه على غزة    الأمم المتحدة: 12500 جريح و مريض في غزة بحاجة إلى إجلاء طبي    فيفا : اختتام أشغال الندوة الدولية حول الاحتراف بالجزائر العاصمة    سطيف: انطلاق فعاليات الحملة الوطنية التحسيسية ضد الآفات الاجتماعية    بالصبر يُزهر النصر    كفارة الغيبة    حملاوي تؤكد من خنشلة على أهمية انخراط المرأة في العمل الجمعوي والسياسي    سايحي يدعو الى تسيير المصالح الطبية بالمستشفيات الجديدة بنظام إستشفائي ضمن شبكة متعددة التخصصات    اغتيال المسعفين: حتى ال نيويورك تايمز شهدت!    مشكل عويص يؤرق الأمهات    مساجد فلسطين تستغيث    سيارات: فيات الجزائر تعتمد جملة من الاجراءات لمكافحة المضاربة    وزارة الصناعة الصيدلانية والمجلس الاعلى للغة العربية يوقعان اتفاقية لإنجاز أول قاموس للمصطلحات الصيدلانية    المهرجان الثقافي الدولي للشعر العربي الكلاسيكي: مشاركة مرتقبة لأكثر من 40 شاعرا وشاعرة    توقيع اتفاقية تعاون بين المعهد الوطني للصحة العمومية والجمعية الجزائرية للقانون والأخلاقيات الطبية    الوادي : أكثر من 30 متنافسا في المسابقة الوطنية "ستارتون'' لإنشاء البرمجيات الإلكترونية    سطيف: الطبعة الثالثة للأيام الدولية لألعاب الخفة بداية من الأحد المقبل    شركة الخطوط الجوية الجزائرية تطمح أن تكون رائدا افريقيا للنقل الجوي    تأهل النادي الرياضي القسنطيني إلى نصف النهائي كأس الكونفيدرالية الإفريقية: ليلة لا تنسى بمدينة الجسور المعلقة    أزيد من 1,4 مليون شخص يستفيد من المنحة الجزافية للتضامن "    صادي يُجدّد الحرص على مرافقة الأندية    زيتوني يترأس اجتماعا تنسيقيا    الجزائر تطلب عقد جلسة طارئة    كأس الكونفدرالية الإفريقية /ا.الجزائر-ش قسنطينة: "السياسي" يحقق المفاجأة ويبلغ "المربع الذهبي" لأول مرة في تاريخه    هذا آخر أجل لمغادرة المعتمرين    وزير الصحة يعقد اجتماعاً تنسيقياً    استرجاع 1200 متر من الكوابل النحاسية المسروقة ببوشقوف    إرهابي يسلم نفسه وتوقيف 9 عناصر دعم للجماعات الإرهابية    رئيس الجمهورية يعزّي في وفاة المقدم جولم لخضر    اتفاقية بين الجزائر وقطر للتعاون في خدمات النّقل الجوي    عرض جوانب خفية من أعظم ثورة    ملتقى وطني للنحت احتفاءً بالفنان محمد بوكرش    بهجة الحياة مع إطلالة مواسم الربيع    هاجس الحساسية.. هذا هو الحل    مساعٍ للتعريف بمخزون "مادور" و"خميسة"    حملة تحسيسية وطنية ضد تعاطي المنشطات    مازة يكشف سرَّ توهج هيرتا برلين    الفرنسيون يهاجمون بن ناصر بقسوة    بلايلي تحت صدمة إقصاء الترجي من دوري الأبطال    لقاء علمي حول حفظ وصيانة المخطوطات    الحضارات الإنسانية لا تعادي الثقافات النبيلة    جامعة التكوين المتواصل تنظم الدورة التكوينية الثانية في المقاولاتية    "زمالة الأمير عبد القادر": أكبر سفينة صيد بحرية جزائرية محلية الصنع تنزل المياه من ميناء المرسى بالشلف    الطبعة ال27 للصالون الدولي للصحة "سيمام" تنطلق بوهران بمشاركة 600 شركة من 38 دولة    دعم تام لمشروع تطوير إنتاج الليثيوم    الفيفا تنظم ندوة حول بالجزائر    الجزائر محمية باللّه    سيدي بلعباس..إبراز أهمية دور العلوم الإنسانية والاجتماعية في تطوير أبحاث الذكاء الاصطناعي    اللهم نسألك الثبات بعد رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شاهد على “الجُبّن”..؟

في مشهد يتكرر يوميا أمام أعيننا، دون أن يثير فينا وفي الحاكمين بتيهنا وضياعنا وتبددنا سوى مرور “الأزلام” على ما آل إليه ورسا “تحته” وطن العظماء و”العقماء” هذا، وجدتني رفقة صديق طفولة نجوب ليلا شوارع قديمة من “دوار” حولته المباني إلى مدينة مفتوحة على الظلال،كانت تعني لنا الكثير، قبل أن يطالها مسخ وقفّنا عليه كما وقف عليه وكما يقف عليه جميعنا و”جميعهم” يوميا، ...مشهد عادي و”يومي” جدا، نمر على مرارته في كل حين، نتابعه كحصة من “يربح” ومن “يذبح” المليون وبعد نهايته بسقوط من “انتهى” فيه أمام أعيننا نواصل حياتنا وسط مليون ومليون مليون من شهود الزور وشهود “تخطي راسي”، فلا شيء يستدعي الذكر، ولا شيء يستحق الذكرى، فكل التهاوي وكل المشاهد محطات صغيرة في رحلة طويلة انتهت بوطن الشهادة لتسيير مشاهد الزور و”البور” الوطني العام..
ذلك المشهد، الذي حز في نفسي لأنه واجهني “بجبني” كما واجه عشرات ممن تابعوا أحداثه لحظة لحظة، ولكمة لكمة، و “ركلة ركلة”، بغثاء سيلهم، ذلك المشهد بسيط ومكرر جدا، ومختزله ، أننا حيث كنت وصديق طفولتي نتوشح ليلا ذكريات صبا بين شوارع مدينتي التي لم تعد تشابه “قريتي إلا في اسمها ، أبصرنا جمْعا من الناس وتجمعا من السيارات، أحدثت خللا مروريا قطع ذكرياتي وصاحبي، وحين اقتربنا من المكان المزدحم ليلا لنستكشف مجراه ، رأيناه ساقطا على الأرض،كان واحدا وكانوا يفوقون العشرة من فتيان تدالوا على ضربه ولكمه وطرحه أرضا ، وأمامهم، حيث كنت أنا و صاحبي، وقبلنا كانوا عشرات من المتفرجين الذي سبقونا إلى ساحة المعركة غير المتكافئة،بين “صريع” واحد وعشرة شخوص صارعين وضالعين في الضرب، تفرجنا كلنا، عن عجز و”جبن” عام وعائم فضح فينا كم هو مؤلم وتافه وبائس أن تُعدم فينا “نصرة” ضعيف تكالب عليه عشرة ضباع ، لنقف مكتوفي ومشلولي الأيدي منتظرين معجزة تأت من السماء لتنقذ ضحية قبل أن يغمى عليها من شدة الضرب، أغمى عليها من شدة تفرجنا عليها وهي تنزف استجداء “لشهامة” لم تكن موجودة في موقعنا وفي ليلنا ذلك، فقد جئنا كلنا للتفرج أما عدا ذلك فإن “تخطي راسي” قاعدة ورثناها من مُسلّمة “لا تتدخل في ما لا يعنيك”..
الغريب في قصة ذلك الذي تفرجنا على نزيفه زرافات وجماعات، أن ساحة فقدانه لوعيه، كما لم تكن بعيدة عنا نحن الحضور وعددنا يفوق الأربعون “جبانا”، فإنها لم تكن بعيدة عن سيارات شرطة كانت مرابطة على بعد 150 متر من “عين” المكان، تراقب مفترق طرق لسحب رخصة السياقة ممن لم يربط حزام الأمن، وبالطبع وبعد أكثر من هاتف و”مهاتف” وصلت الشرطة، كما وصلنا نحن سابقا، لكن بعد ماذا؟؟ بعد أن تفرق “عشرتهم” مخلفين وراءهم من كاد أن يكون “جثة” لولا عناية الله ورحمة “ضاربيه” رأفة به، فرغم أنهم كسروا له بدلا من ضلع واحد “أضلع” ورغم أنهم هشموا أنفه وٍرأسه وأفقدوه القدرة على النظر وعلى الوقوف وعلى استعاب ما حدث له وهو “بيننا”حيث الجبن كان إمامنا ، إلا أنهم في النهاية كانوا أرحم منا حين عفوا عنه ولم يقتلوه بخناجر كانت مشهرة، لتعود إلى أغمادها بعد أن قضى المعتدون من ضحيتهم ومنا حيث ما يفوق الأربعين جبانا وطرها..
القصة انتهت هنا، و أقصى بطولة تمخض بها جمعنا بعد نهاية “الملحمة”، أن كلنا علق” لبلاد راحت” و”ربي يلطف”..لكن كيف “راحت”، ذلك هو السؤال الذي يخفي غيابنا وغياب السلطة ممثلة في الأسرة والمدرسة والمسجد والشرطة والعدالة ...وممثلة أكثر في غياب الوطن ؟ فهل العلة كانت فينا نحن، حيث كنا “القطيع” الذي شاهد “جبنه” جاثما أمامه، ورغم ذلك ذهب للنوم بعد نهاية المهزلة وكأن لا شيء ولا “جبن” كان، أم في مصالح أمن، وصلت متأخرة، لأن الأوامر تستدعي قبل تحركها أن تطلب إذنا ممن هو أعلى سلطة لكي تنقذ فريسة وضحية لن يكون لها شأن إلا بعد أن تصبح “جثة” هامدة، حيث يبدأ التحقيق وتبدأ الاستجوابات ويصبح للجثة مكانة مرموقة في عين “العدل” الذي سيقتص لقاتلها بعد “حين” وحين..
هل تدرون قمة المهزلة في شاهد على “جبنه” وعلى “جبن” أربعين جبان مثله، تفرجوا وناموا بعد الواقعة قريري العين، أن الشرطة التي وصلت متأخرة، حين سألت عن خلفيات الحادثة وعن هوية مقترفيها، قال كلهم بأنهم لم يكونوا موجودين، لو وصلنا للتو، مع الشرطة، فنحن لم نر ولم نسمع ولا نتكلم، والسبب بالإضافة إلى ما نحن متفقون عليه من “جبن” مبرره “تخطي راسي”، فأنه ولا واحد منا عنده الوقت لكي يضيع مصالحه في “سين وجيم” أمام المحققين ثم أمام القضاة كشاهد جبن..ببساطة لا أحد مسؤول إلا على “رأسه”...
نهاية الأمر، الشاعر والكاتب والصديق “محمد ياسين رحمة” برر لي “جبني” وجبن أربعين مثلي ممن كانوا شهود على ضياع الشهامة في ليلتنا البائسة تلك ، بأن واسني بقوله: ” ربما أن الشجاعة والإقدام من فضائل الجهل.. وربما أن الجبن والخنوع من نقم المتعلم.. ودعني أكتب على هامش الفكرة أن ثورة التحرير الجزائرية انتصرت لأن نسبة الأميين فيها كانت الغالبة، بينما انكسرت وتنكسر ثورات لأن نسبة المتعلمين فيها هي السائدة”..فهل ترى الجبن مقترن بال”فهامة”...
للعلم وللتذكير فقط، الضحية الذي صرعه عشرتهم أمامنا ، استجمع قواه المتبقية لينطق بشيء واحد أمام رجال الشرطة حين سألوه عمن فعل به هذا، بأن قال لهم: لقد تعثرت وسقطت..ورغم محاولات رجال الأمن إلا أنه اكتفى بمسح الدماء التي تسيل من وجهه ليهاتف متعثرا مجهولا في جهة أخرى: راهم “حقروني” و ضربوني..وين راكم؟ والبقية أنتم وأنا والشرطة يعلمون..سينتقل بعد أن يتعافى “زنقة زنقة دار دار شارع شارع” لأخذ حقه بيده والثأر ممن ضربوه.. وسؤالي “وين راها الدولة..والأهم وين راه الشعب؟؟”

هذيان
يكتبه: أسامة وحيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.