أقل من 70 ناخبا يمرون عبر المكتب الواحد خلال11 ساعة لم تتجاوز تقديرات أكثر المتفائلين بنسبة المشاركة المرتقبة في التشريعيات القادمة حد 20 بالمائة بالنظر لعدة أسباب تزداد تضافرا كلما اقترب موعد ما يفترض أن يكون إعلانا عن جمهورية ثانية. وتتفرق هذه الأسباب بين شق سياسي وآخر اجتماعي وثالث تقني بحت، حيث يتمثل الشق السياسي في الجدل الذي عرفته الإصلاحات السياسية والذي دار حول مدى جديتها ومشاريع القوانين المتمخضة عنها وما لقيته من معارضة واسعة من خارج حزبي التحالف. أما الشق الاجتماعي فتمثل في اشتعال الجبهة الاجتماعية تزامنا مع بداية الحملة الانتخابية التي أرهقتها أسعار البطاطا وتدني القدرة الشرائية وما وصفته الشرائح العمالية بمختلف القطاعات بالإجحاف الاجتماعي والمهني، ليأتي الشق التقني المتمثل في إشكالية رفض الإدارة لمقترح الأحزاب بشأن ورقة التصويت الواحدة التي أجمعت غالبية الأحزاب على أنها كانت ستكون حلا مثاليا لمشكل تعدد القوائم الانتخابية التي وصلت في بعض الولايات إلى 52 قائمة وما سيخلقه ذلك من تعقيدات داخل مكاتب التصويت خاصة بالنسبة لفئات كبار السن والأميين والعجزة في ظل منع القانون تدخل الأعوان الإداريين والمؤطرين لمساعدة الناخبين مهما بلغت درجة حاجتهم للمساعدة. ولم تنتبه كثير من الأطراف المعنية بالعملية الانتخابية إلى مشكل الوقت الذي سيضيعه الشيخ أو العجوز في أدائه لواجب الانتخاب خاصة أن عددا من الإداريين ورؤساء المراكز أكدوا أن الوقت اللازم لعملية انتخاب الفرد الواحد في المواعيد السابقة كانت تترواح مابين 7 إلى 12 دقيقة في انتخابات لم يتجاوز عدد القوائم فيها 20 قائمة، وبعملية حسابية بسيطة نجد أن عدد الناخبين الذين يمرون على المكتب الواحد خلال 11 ساعة بين افتتاح مكتب التصويت وغلقه لا يتعدى حوالي 66 فردا فقط، وهو ما يدفع إلى التساؤل حول الوقت الذي سيأخذه الناخب في العاشر ماي في ظل وجود هذا الكم الهائل من القوائم، مضافا إليه إلزام الناخب هذه المرة بإثبات انتخابه عن طريق البصمة باستعمال الحبر الفوسفوري. كما يدفع للتساؤل عن إمكانية تطبيق الوسيلة الوحيدة التي وفرها القانون لتفادي توهان الناخب ومساعدة العاجز والمتمثلة في الاستعانة بشخص آخر من خارج مركز التصويت والتي ستصبح ضرورة يفرضها العدد الكبير للقوائم هذه المرة إن كان هناك إقبال على التصويت أصلا ومدى تأثير كل ذلك على نسبة المشاركة التي تمنى وزير الخارجية أن تصل نفس نسبة نظيرتها الفرنسية. أحزاب المعارضة تحمّل وزارة الداخلية المسؤولية حمّل كل من الناطق باسم جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف والناطق باسم جبهة التغيير إدريس ربوح من بين أحزاب المعارضة التي حاولنا الاتصال بها، مسؤولية هذه الإشكالية إلى وزارة الداخلية التي قالا إنها رفضت مقترح الأحزاب باعتماد ورقة التصويت الواحدة واتهماها بمحاولة تمييع العملية الانتخابية والدفع نحو العزوف خوفا من الانتخاب العقابي لأحزاب السلطة، حيث قال بن خلاف إن القضية متعمدة، متسائلا كيف لكبير السن أن يتعرف على القائمة التي يريد التصويت لها في ظل ما سماه بالخلط الحاصل والناجم عن مشكل تعدد أوراق القوائم مضافا إليه مشكل آخر يتمثل في تعدد الأرقام الخاصة بهذه القوائم، التي قال إنها تفرض على الناخب أن يكون حاصلا على البكالوريا وضليعا في الرياضيات حتى يتمكن من إدراك أي الأرقام معنية بوضعها في الصندوق مضيفا أن الناخب وجد نفسه حائرا بين ثلاثة أرقام للحزب الواحد رقم في ترتيب تعليق الملصقات ورقم في مكاتب التصويت الوطنية وآخر تطالب الداخلية باعتماده على مستوى الدوائر الانتخابية وهو ما قال إنه سيخلق حالة من التوهان عند المتعلمين والأصحاء فما بالك بالأميين والعجزة. وفي السياق ذاته أكد ربوح أن هذه الإشكالية تسببت فيها الإدارة تناغما مع إرادة التزوير التي رفضت اجتهاد الأحزاب ومقترحها حول ورقة التصويت الواحدة ووضعت الموعد المصيري القادم في متناول شبح العزوف الذي تتباكى منه، حيث جعلت حسبه عملية الانتخاب بتعقيداتها الحالية تستعصي حتى على الشاب المتعلم. وأضاف أن الإدارة لا تلقي بالا للتداعيات الممكن أن تترتب على ذلك في ظل الترصد الدولي بالجزائر والاحتقان العروشي الموجود في كثير من الولايات بسبب الانتخابات وما قد ينجم عنه من حوادث نتيجة تعصب بعض الشباب لمرشح الجهة والعرش، متمنيا أن تكون هذه الانتخابات آخر موعد ينظمه النظام الحالي، وقال إن الحل الوحيد المتاح حاليا لتفادي توهان الناخب وتضييع الوقت هو الاستعانة بشخص من خارج مكتب التصويت. الأفلان والأرندي يطالبان بتطبيق القانون ومنع كل أشكال المساعدة أجمع ممثلا الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي وجبهة التحرير الوطني على أن العدد الكبير للقوائم هذه المرة لا يمثل أي إشكال للناخب الجزائري، حيث يرى مليود شرفي الناطق باسم الأرندي أن عدد القوائم ليس جديدا على الجزائريين وأنهم متعودون على ذلك، مستدلا بوصول عدد قوائم الأحزاب في تشريعيات 2002 إلى 22 ورقة، مضيفا أن إشكالية ورقة التصويت الواحدة أو المتعددة تقنية بحتة وأن الأرندي يحترم قوانين الجمهورية ويطالب الكل باحترامه، وما دام القانون يمنع تدخل أعوان الإدارة والمؤطرين وممثلي الأحزاب لمساعدة الناخب، فإن الجميع مدعو للالتزام بالقانون، مضيفا أن الأمر متروك أيضا للجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات التي لها أن تدلي بدلوها في الموضوع وتنظر في مدى تأثير ذلك على العملية الانتخابية أو مدى الحاجة إلى إعادة النظر في القانون. من جانبه، أكد الناطق باسم الأفلان قاسة عيسى على ضرورة تطبيق القانون ومنع كل أشكال مساعدة الناخبين مهما كانت حاجتهم وفي جميع الأحوال لأن فتح المجال، حسبه، أمام المساعدة سيفتح باب التعذر بها من أجل توجيه الناخب والتأثير على رأيه.