أتت الفرصة من أوسع أبوابها للوصول إلى ملايين البشر في مشارق الأرض ومغاربها بلمسة زرٍ واحدة، وبات بالإمكان إدارة نشاط تجاري فردي ذي عائدٍ كبير، بمفردك، من خلف شاشة هاتف نقال، على شرفة منزلك أو غرفة نومك أو حتى على منضدة مطبخك بفضل الجيل الثالث للمحمول. وفي هذا الشأن تحدث يونس قرار، الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال عن الفوائد المالية الكبيرة التي تدرها الدولة بإدخال تكنولوجية الجيل الثالث، والتي ستتجاوز 5 ملايير دولار، وقال إن إدخال الانترنت على الهاتف المحمول وبفضل السرعة العالية جدا التي يمكن له أن يقدمها ستمكن متعاملي الهاتف النقال من تحقيق مكاسب مادية لم تكن لتخطر ببالهم، وكذا خلق مناصب شغل لم تكن في الحسبان، فهم سيفتحون الطريق لتقديم خدمات كانت غير ممكنة مع الأجيال السابقة كخدمات الفيديو والوسائط المتعددة ذات الدقة العالية، فضلاً عن تحويل المكتب أو مكان العمل المتنقل إلى حقيقة واقعة من خلال إمكانية القيام بالمعاملات البنكية ومتابعة تطورات البورصة والأسواق المالية عبر جهاز النقال من أي مكان، فضلا عن إمكانية تصفح الإنترنت بسرعة تصل إلى ضعف ما يمكن لشبكات الانترنت السريعة الحالية أن تقدمه، كما أن إمكانية مشاهدة صورة من تتحدث معه عبر الهاتف النقال قد أصبحت حقيقةً واقعة مع هذا الجيل من الأجهزة والشبكات من خلال ميزة ال VIDEO CONFERENCING التي أصبحت ممكنة مع السرعة العالية لهذا الجيل من الاتصالات، كلها خدمات سترفع من مداخيل الدولة ومتعاملي الهاتف النقال في آن واحد وتضاعف عدد مناصب الشغل الموجودة حاليا.. ولكي يؤكد قرار أقواله، أوضح يونس قرار، أن الموضة حاليا هي الهجرة من الانترنت الثابت إلى الانترنت النقال، مستدلا بأرقام واقعية عبر العالم والتي جعلت من الجيل الثالث ثورة من الأموال ومناصب الشغل، مشيرا إلى بلوغ نسبة التدفق السريع عبر العالم وفي الدول المتطورة 24.6 بالمائة في الانترنت الثابت وعكس على الانترنت النقال الذي وصل إلى ما يفوق 51.1 بالمائة. أما الدول المتخلفة فتشهد نسبة 4.4 بالمائة من التدفق السريع و5.4 بالمائة للانترنت الجوال. كذلك أثبتت دراسات مثلا أن 48 بالمائة من مشتركي الفايسبوك يرتبطون بهذه الشبكة الاجتماعية عن طريق الانترنت الجوال. ولتسليط الضوء على التنامي المذهل لانتشار الهاتف النقال والتقدم المصاحب له بعد إطلاق الجيل الثالث، يشير الخبير ذاته إلى أنه بعد أخذ الرسائل القصيرة مكانة الهاتف الثابت أتى الدور للانترنت النقال لاحتلال مكان الانترنت الثابت، مما يؤكد فرضية نجاح الانترنت النقال في الجزائر بالتأكيد، لا سيما وأن ال«أ دي أس أل» عرف العديد من المشاكل وخيب آمال الدولة التي كانت تطمح في 2005 لبلوغ 6 ملايين مشترك في 2010 إلا أنها لم تتمكن من تسجيل حتى مليون مشترك في 2012 على عكس الهاتف النقال المتنامي بسرعة في عدد المشتركين وسط كل العائلات الجزائرية التي تملك هاتفا نقالا تقريبا لكل فرد من أفراد العائلة والذي تخطى عتبة 32 مليون مشترك. ولأن 5 بالمائة فقط مرتبطون بال«أدي أس أل»، فيما يفوق انتشار الهاتف النقال ثلاثة هواتف على الأقل في كل عائلة، يرى نفس الخبير أنه لابد الآن من الانتقال إلى الهاتف الذكي أو ما يعرف ب«السمارت فون»، مشيرا إلى أنه إذا أخذنا كعينة 6 ملايين عائلة فهناك من تملك على الأقل 3 هواتف نقالة وإذا اعتبرنا أن 20 بالمائة لديهم هواتف من نوع «سمارت فون» مما يعني أننا بإمكاننا بلوغ 1.2 مليون مشترك على الأقل في الانترنت على النقال، أي أنّ نشر الانترنت النقال سيكون أكثر سرعة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار المشاكل التي تعرقل الانترنت الثابت والتي لا يمكنها أن تقف في وجه نشر الانترنت النقال، باعتبار أن الثابت هناك إشكاليات الحفر والحصول على الرخصة وغيرها من العراقيل التي لا تعيق نشر الانترنت عبر النقال، أي هناك احتمال في اقل تقدير بلوغ 1.2 مليون مشترك في اقل من ستة أشهر. وعن عدد مناصب الشغل التي يمكن خلقها بعد إدماج ترددات الجيل الثالث، استدل يونس قرار بالأرقام التي قدمها كل من الاتحاد الدولي للاتصالات والبنك الدولي، فمثلا البرازيل ارتفعت نسبة التوظيف فيها بأزيد من 1.4 بالمائة بعد إطلاق الجيل الثالث للمحمول. أما في الصين التي كلما ارتفع عدد المشتركين فيها ب 10 بالمائة يزيد الناتج المحلي الإجمالي ب 2.5 بالمائة. وفي نفس الإطار يوضح قرار، أنه في الدول المتقدمة كلما تم رفع عدد المشتركين ب 10 بالمائة يرتفع الناتج المحلي الإجمالي ب 1.35 بالمائة. أما فيما يخص عدد العمال ففي ألمانيا مثلا تقول ذات الدراسة أنه عندما يطلق التدفق السريع ستخلق بالنسبة لتركيب الشبكة فقط 304.000 منصب شغل ما بين 2010 إلى 2014 و 237 ألف منصب شغل من 2015 إلى 2020. أما بعد إطلاق خدمات الجيل الثالث، فسيتم خلق 103 ألف منصب شغل ومن 2015 إلى 2020 سيتم خلق 324 ألف منصب شغل، أي سيبلغ العدد الإجمالي بعد 10 سنوات من إطلاقه 968 ألف منصب شغل. أما إذا نظرنا إلى عينة الدول النامية ففي السودان سيتم خلق 40 ألف منصب شغل وفقا لنفس الدراسة، التي تقول إنه كلما نرفع نسبة التدفق السريع ب 1 بالمائة يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.12 بالمائة، وإذا أخذنا عينة أخرى من الدول المتقدمة ففي انجلترا تطلب التدفق السريع استثمارات تقارب ال5 ملايير دولار وتم تثبيت 500 ألف منصب شغل وخلق 280 ألف منصب شغل جديدة. وعن سؤال متعلق بالفوائد التي يحققها المتعاملون الثلاثة للهاتف النقال، قال المستشار السابق لوزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، إن المتعاملين كانوا يقومون ببيع الصوت والرسائل فقط ومع المنافسة أصبح دخل كل مشترك واحد ينخفض من عام إلى آخر، مما يعني أنه لابد من إدخال خدمات لتوفير مداخيل جديدة، نذكر على سبيل المثال الألعاب والرسائل المفوترة لكي يرفعوا من دخل المشترك. وتابع الخبير نفسه أنه يمكن تغيير الرسائل القصيرة بخدمات مثل الصور، الأرشيف، الألعاب على الخط والإشهار على الخط الذي يمكن أن يبيعه المتعاملون لوكلاء السيارات وأصحاب الشركات، مثلا يمكن للمتعامل أن يجبر المشترك على رؤية الإشهار كلما فتح هاتفه النقال أو اطلع عليه مما يسهل على المتعاملين بيع تلك المنتجات لمختلف الشركات. وقال يونس قرار، إن المتعاملين يستطيعون استرجاع كل الاشهارات التي تقدم حاليا في المواقع، لا سيما وأن الهاتف النقال أقرب الأشياء حاليا إلى المواطنين، حيث يكون معهم 24 ساعة على 24 ساعة. واهم شيء، يضيف قرار، هو أن المتعامل يمكنه أن يساعد تلك الشركات في دراستها للسوق، حيث يمكنهم أن يتعرفوا بالتدقيق على أكثر الفئات التي تهتم بمنتجاتهم هل هم شباب؟ شيوخ؟ الخ... لأن المتعامل على عكس المواقع لديه قائمة مشتركيه ويعرفهم بالواحد: اسمه، عنوانه، سنه وجنسه. ووفقا لذات المتحدث، فإن الإشهار على الخط أدرت ما يقارب 70 مليار دولار في 2011، مقابل 47 مليار دولار في 2007. ويقول قرار، إن هناك فوائد بالجملة وأموال بالملايير يمكن أن يدخلها المتعاملون الثلاثة بعد إدخال الانترنت على النقال، مستدلا بعدد مستعملي الفايسبوك عبر الهاتف النقال الذين يتجاوزون 48 بالمائة، مما يعني حسبه أن عددا كبيرا من مستعملي النقال يمكنهم استعمال «الإشهار أون لاين» على نقالهم مما يسهل للمتعاملين جلب أصحاب الشركات التي كانت ترى إشهارها على صفحات الجرائد أو المواقع كما أن الإشهارات تكون متحركة وتفاعلية وليست ثابتة مثل ما يجري في الجرائد. وبرر قرار كلامه بكون مشروع الجزائر الالكترونية يشترط أساسا أن يكون لكل مواطن كمبيوتر مرتبط بالانترنت، مشيرا إلى أن مشروع أسرتك فشل مثل مشروع ال«ادي اس ال» ولكي تنجح الخدمات على الخط والتعليم عن بعد والصحة عن بعد، يجب إيجاد بديل آخر للكمبيوتر وال«ايد اس ال». وليس هناك أحسن بديل مثل «السمارت فون» أو ما يعرف باللوحة «لاطابليت» حيث يكفي شرائها للحصول على الانترنت مع الجيل الثالث وهو ما يسهل توسع نسبة المشتركين في الانترنت ذات التدفق السريع. «السمارت فون» سيخلق الآلاف من مناصب شغل وقال ذات المتحدث إن الجيل الثالث سيعود بالفائدة أيضا على الممولين بالخدمات، مشيرا إلى أن الدخول إلى المواقع مثلا موقع ثانوية للتعرف على نتائج الامتحانات أو تواريخ الامتحانات أو الدخول إلى مطعم للتعرف على الأسعار وحجز مكان في ذلك المطعم كانت خدمات غير موجودة عندنا، مما خيب آمال الممولين بالخدمات الذين كانوا يقولون كيف نقوم بتقديم هذه الخدمات والانترنت غير موجودة ويرفضون صرف أموال عليها ولا تدر عليهم أموالا بالمقابل، إلا أن إدخال الجيل الثالث زائد سمارت فون سيسمح بتوفير عدد من الخدمات في الفنادق، المطاعم، البنوك، البلديات مما سيخلق مناصب شغل كبيرة ويدرّ مداخيل إضافية على المتعاملين عبر بيع الاشتراكات. ووفقا لقرار، فإن نوع الهواتف الجديدة والكثيرة والتي يطلق عليها الهواتف الذكية «smart phone» والمنتشرة بالأحجام والأشكال والأنواع المختلفة، سيخلق سوقا أخرى زائدة وسيخلق مناصب شغل، حيث هناك من يقوم باستيراد «السمارت فون» وهناك من يبيعونه وآخرون سيشتغلون في الصيانة، كما سيكون هناك موزعيه أيضا وذلك ما سيجلب الملايين من الدولارات والآلاف من مناصب الشغل. متعاملو النقال سيشغّلون الآلاف من التقنيين لمتابعة تطبيقات الجيل الثالث من جانبهم، سيعمل المتعاملون على خلق خدمات جديدة لمتابعة تسيير «السمارت فون» وخدماتهم الذكية لأن في الماضي لا أحد يشتكي من المكالمة أو الرسائل القصيرة ولكن هناك من يحتاج إلى تعلم كيف يبعث إيمايل أو ملف أو أرشيف فتعطل بسيط في هذه الخدمات تلزم المشتركين للتنقل إلى نقاط بيع متعامليهم مما يلزم كل من نجمة، موبيليس وجيزي لخلق شبكة تقنيين لمتابعة مثل هذه الإشكاليات لضمان الصيانة والمتابعة والمساعدة وتركيب التطبيقات، لا سيما وأن المشتركين سيبحثون عن التطبيقات على حسب حاجياتهم، وهذا ما يؤكد أنه إذا تم تشغيل تقني واحد في كل بلدية معناه سيتم خلق 1541 منصب شغل. تركيب بنية تحتية للجيل الثالث سيشغل الآلاف من المهندسين والتقنيين ولتركيب المنشآت الجديدة لترددات الجيل الثالث ستخلق أيضا مناصب بالجملة، فالمتعاملون سيحتاجون لليد العاملة التي تقوم بتركيبها ثم صيانتها وممولي خدمات الانترنت أيضا سيتدخلون في الربط بالانترنت وصيانة الأجهزة. تنافس محموم لإنشاء مواقع وبرمجيات بعد إطلاق الجيل الثالث وسيخلق الجيل الثالث منافسة لا تضاهى وسط المؤسسات العمومية والخاصة مثل الفنادق والمطاعم والبلديات من أجل إنشاء مواقع لها، مما سيخلق مناصب شغل جديدة باعتبار أن المؤسسات تحتاج إلى مهندسين لتصميم المواقع والبرمجيات ولصيانتها ولمتابعتها. ووفقا لذات المتحدث فستكون هناك منافسة غير مسبوقة وسط هؤلاء، حيث كل مطعم ينافس آخر وكل فندق يحاول أن يكون لديه موقع أفضل من الأخر وغيرها، ويرى الخبير أنه إذا ما حاولت كل مؤسسة أن يصبح لديها موقع فذلك سيخلق لنا العشرات من الآلاف من مناصب الشغل، لا سيما وأن العديد يعانون من البيروقراطية. وإذا ما وضعت البلدية المعلومة على النقال فذلك سيجنب المواطن عناء التنقل إلى غاية البلدية أو الدائرة للتعرف مثلا على الوثائق التي يحتاجها لجواز السفر أو غيره ويتجنب الغياب عن العمل وسوء معاملة من عون أمن ويمكنه كذلك التعرف إذا كان جواز سفره جاهزا في ظرف ثانية عن طريق هاتفه النقال. وفي هذا الشأن، يوضح يونس قرار، أن تطبيقات الموبايل تتطلب تقني داخل كل مؤسسة أم بلدية أو دائرة، ولاية... وإذا ما كل بلدية وظفت لديها تقنيا واحدا يتابع الموقع فذلك سيخلق 1541 منصب شغل على الأقل. ومن بين المكاسب التي تجعل من الجيل الثالث مدرا للأموال هو عندما تبدأ شركات المحمول في تفعيل الدفع عن طريق النقال الذي يجنب الدولة الخسارة جراء الأوراق المزيفة وأخطاء المحاسبة التي تطيح الدولة في فخ الخسارة، بالإضافة إلى تجنب الاحتجاجات في الطوابير الطويلة بعد تجنب عناء التنقل إلى سونلغاز وشركة المياه أو البريد، أي يكفي أن أبعث تأكيدا عبر هاتفي النقال إلى البنك يأمرهم بسحب المبلغ من حسابي وصرفه في حساب الشركة وتتم العملية في ظرف ثواني. وسيساهم الدفع عن طريق الجوال لفواتير الهاتف، الماء، الكهرباء والغاز في حل مشكلة السيولة النقدية الموجودة حاليا بقوة، لا سيما في الولايات الداخلية