لاتزالت الطبقة السياسية والرأي العام في الداخل على وقع صدمة النتائج غير المتوقعة للانتخابات التشريعية التي جرت في العاشر ماي الجاري. وكشفت الأرقام التفصيلية التي أعلن عنها المجلس الدستوري عن فخ المادة 85 من القانون العضوي رقم 12 / 1 المؤرخ في 12 جانفي 2012 المتعلق بالانتخابات، حيث تنص المادة السالفة الذكر على ما يلي: يترتب على طريقة الاقتراع المحددة في المادة 84 أعلاه توزيع المقاعد حسب نسبة عدد الأصوات التي تحصل عليها كل قائمة مع تطبيق قاعدة الباقي للأقوى. لا تؤخذ في الحسبان عند توزيع المقاعد، القوائم التي لم تحصل على 5 بالمائة على الأقل من الأصوات المعبر عنها. هذا النص أحال ملايين الأصوات على العدم وتحولت كتلة الأصوات المعبر عنها تحت رحمة هذه المادة التي أعدمت ما كان أقل من النسبة. في المقابل تحصل حزب جبهة التحرير الوطني على 221 مقعدا بنحو 1.3 مليون صوت وإذا طبقنا العدد على ما تبقى من الأصوات فإنها تحصد أضعاف ما تحصل عليها الأفلان إلا أن منطق المادة 85 أحل الجميع على مفرغة الأصوات التي أصبحت ملغاة، وهكذا ومن أصل أزيد من 21 مليون ناخب يتحصل حزب الأغلبية على المرتبة الأولى بكتلة ناخبة تتكون من مليون و300 ألف ناخب. وبعملية حسابية، فإن حزب جبهة التحرير الوطني تمكن من حصد المقعد الواحد ب 5990 صوتا بينما تحصلت حركة الانفتاح على مقعد واحد ب 116 ألف صوت بينما تحصل حزب الفجر الجديد على 5 مقاعد بكتلة ناخبة تقدر بنحو 132 ألف صوت. فيما تحصل حزب النور على مقعدين بنحو 49 ألف صوت إلى آخر المفارقات التي ضربت بالتوازن في الأصوات. وبعملية حسابية أخرى، فإن حزب جبهة التحرير الوطني فاز في الولاية سين بعشرة مقاعد من أصل 12 مقعدا ب 66 ألف صوت من أصل 280 ألف صوت معبر عنه، بينما فاز التجمع الوطني الديمقراطي بمقعدين ب 16 ألف صوت، لأنهما تمكنا من تجاوز عتبة ال 5 بالمائة بينما تم إلغاء قرابة 200 ألف صوت وحاز الحزبان على كل المقاعد ب 80 ألف صوت. وطنيا وبالعودة إلى صاحب الترتيب الثاني نرى أن التجمع الوطني الديمقراطي حاز على 70 مقعدا بكتلة ناخبة تقدر بنحو 542 ألف صوت أي بنحو 7400 صوت. بينما بلغت كلفة المقعد الواحد للإسلاميين نحو 9200 صوت. أما كلفة المقعد الواحد لحزب العمال بالحساب الانتخابي فبلغت 16600 صوت، فيما ارتفعت تكلفة المقعد لكتلة الأحرار إلى نحو 35 ألف صوت، وهكذا ظل المقعد الانتخابي في تصاعد كلما قلّ مجموع الأصوات المتحصل عليها لكل حزب ارتفعت قيمة المقعد الواحد من الأصوات المعبر عنها. ومن خلال هذه الأرقام يتأكد فعليا أن الأفلان كان الحزب المستفيد من المادة 85 من القانون العضوي للانتخابات، وأن هذه النقطة تم استغلالها بشكل ذكي عندما تم تفكيك الكتلة الناخبة وتوزيعها على أزيد من 40 قائمة انتخابية في كل ولاية بينما تم ضخ عشرات الأصوات من الهيئة الناخبة للأسلاك المشتركة والنظامية لصالح الحزب الفائز الذي حصد غالبية المقاعد، لكن هذا ليس وحده العامل الوحيد الذي ساهم في خلق مفاجأة الأغلبية الصادمة بتعبير بعض المعلقين وهذا أمر آخر.