قررت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف وبالتعاون مع مختلف الدول العربية والإسلامية الشروع في تأسيس قاعدة معلوماتية مشتركة عبر الشبكة العنكبوتية بين هيئات الإفتاء، للقضاء على فوضى الفتاوى التي تحدثها الوسائل الاتصالية الجديدة، التي تعرفها الجزائر والبلاد الإسلامية في السنوات العشرين الأخيرة، مع التشديد على إلزامية اعتماد المرجعية الوطنية في لجان الإفتاء القطرية. ويأتي القرار عملا بتوصيات المؤتمر الدولي الذي نظمته الجزائر خلال الأسابيع الماضية، في إطار تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011 تحت عنوان، " الفتوى بين الضوابط الشرعية وتحديات العولمة "، حيث تم التشديد من خلال تدخلات أزيد من 80 أستاذا جامعيا وفقهيا ومشاييخ، اللذين قدموا أزيد من أربعة وخمسون محاضرة، على ضرورة توحيد الفتاوى على مستوى الدول الإسلامية، بعد أن اختلطت مفاهيم الفتوى بين المسلمين، فصار هناك مفتون في بعض البلاد الإسلامية يُفتون إلى مسلمين في بلاد أخرى غير بلادهم، دون معرفة خصوصيات كل بلد وعاداته وتقاليده، مؤكدين على ضرورة تجسيد فكرة الاجتهاد الجماعي في قضايا النوازل لتوحيد الرؤى. وقد سهر المتدخلون الذين جاؤوا من مختلف الجامعات العربية والإسلامية ومن مراكز بحث متخصصّة، على الخروج بتوصيات مثمرة حول ضوابط الفتوى وتحديات العولمة والوسائل الاتصالية الجديدة، حيث تم التأكيد على ضرورة الفتوى الجماعية ووجود المؤسسات المؤهلة للإفتاء، إما بباقي الدول العربية أوحتى في الجزائر، التي تعمل على تنظيم الفتوى وتقنين مؤسّساتها باعتبار انها مسألة أمنية وإستراتيجية لهذا البلد، حسب القائمين على القطاع، الذين أكدوا ومن خلال مداخلاتهم على العودة إلى مركزية الإفتاء التي تميّز بها تاريخ الجزائر بخلق مؤسّسة مؤهلة قانونية وعلمية للفتوى، بعد أن تم الإشارة إلى مفتين في العهد الزياني التلمساني بالخصوص تميّزت بالواقعية بما سمي "النوازل" وكان منهجها الوسطية والاعتدال والتيسير. وقد عملت وزارة الشؤون الدينية على التركيز على فوضى الفتاوى التي تحدثها الوسائل الاتصالية الجديدة، ما جعل المشاركين في الملتقى يؤكدون على أهمية تأسيس قاعدة معلومات مشتركة عبر الشبكة العنكبوتية بين هيئات الإفتاء لمختلف الدول العربية والإسلامية، تعمل على وضع ضوابط للإفتاء التي تحول دون الوقوع في الخطأ، في محاولة منهم إعادة المكانة الحقيقة للإفتاء الذي له تأثيره البارز على سلوك الأفراد في المجتمع مما يساهم في انسجامه وسلامته. وتزامنا مع التحولات التي يشهدها الواقع في مختلف المجالات أصبح يعرف تعدُّدا في الفتوى مصدرا ومنهجا مما أدى إلى تضاربها وفوضويتها في الكثير من الأحيان فرض على الهيئات العلمية، والمؤسسات المعنية اتخاذ الموقف المناسب من أجل تنظيم هذا المجال الذي يكتسي أهمية بالغة في حياة المسلم، حيث سيشرع في إنشاء مراكز ومعاهد علمية لتأهيل المفتين، في ظل الإشكالية الكبيرة التي تواجه المجتمعات الإسلامية بعد خروج الفتوى عن الضوابط والقواعد التي سطرها العلماء، بسبب التطورات الحاصلة في واقعنا والتي تفرضها العولمة، التي جعل لها أثرا واضحا على السلوك الفردي والجماعي وساعدت في نشوء فوضى وفتن جعلت من الصعب على المسلم أن يستقر حاله في فهم دينه والالتزام بتعاليمه في ظل هذا الركام الضخم من الفتاوى. وستعمل الوزارة الوصية بتنسيق الجهود من اجل الأخذ بعين الاعتبار بجهود السابقين واستثمارها في معالجة النوازل في تحديد ضوابط الإفتاء ومراعاة أعراف الناس وأحوال المستفتين وفق الضوابط الشرعية، وجمع وتدوين فتاوى العلماء قديماً وحديثاً للاستفادة منها. كما أكدت وزارة غلام الله أبو عبد الله العمل على استيعاب مستجدات العولمة مع ضرورة مراعاة الأصول العامّة للشريعة والقواعد الكلية، وتجسيد فكرة الاجتهاد الجماعي في قضايا النوازل لتوحيد الرؤى. ص.م