تلقب بعاشقة البوادي ووردة الجزائر، رابحية بلعباس، هي فنانة تشكيلية متمكنة، ومتخصصة في المنمنمات الاسلامية وشاعرة أيضا، تحب الجمال والأصالة، تجمع ما بين مداعبة الريشة والألوان وسحر الكلام والبيان، تحب الشعر البدوي والخليجي، تنتمي إلى قصر الشلالة، متحصلة على دبلوم التعليم الفني بالمعهد الجهوي للفنون الجميلة بمستغانم في 2005، في رصيدها العديد من المشاركات في صالونات ومعارض ومهرجانات داخل وخارج الوطن بالعراق والمغرب، قدمت محاضرات عدة حول التراث. في حديثها للجزائر الجديدة، تبرز رابحية معاناة الفنان في المناطق البعيدة عن الأضواء، وكيف ينبغي أن يكون عمله مضاعفا لينجح، وأيضا حديث عن كورونا وكيف تحولت الأيام إلى مصدر للإلهام والمثابرة. وعن مكابدتها اليومية للتنقل المضني للعمل في تيارت في مؤسسة وطنية وتصورها للمرحلة الجديدة بين التفاؤل المفرط والحذر المطلوب. كيف تعرف الفنانة نفسها لجمهور قراء الجريدة؟ أشكر الجزائر الجديدة والقائمين عليها على هذه الاستضافة في رحابها ولدى قرائها. رابحية بولعباس الشهيرة لدى محبيها بوردة الجزائر، هي فنانة تشكيلية وشاعرة مبتدئة بلهجة مزدوجة بدوية جزائرية وخليجية، خريجة معهد وطني للفنون الجميلة مستغانم اختصاص منمنمات إسلامية، قضت سنة منها في مجال الخزف، وهي خريجة معهد تكوين مهني، متخصصة في الرسم والزخرفة، لها خبرة خمس سنوات في كل ما يتعلق بالرسم الزخرفي، الاشهار، السيريغرافي التسويق واكسسوار سيارات، وهي أيضا خريجة الجامعة في دراسات تطبيقية تقنيات بنكية ونقدية مسعفة، مربية أطفال ومرشدة للسياح الزائرين مجال خاص، من مواليد 1975 بزمالة الأمير عبد القادر ولاية تيارت. لقبت بعاشقة البوادي لأنني بنت مجاهد وأجدادي مجاهدين كانوا مشاركين في معركة بوشواط الشهيرة، وردة صاحبة القلب الطيب الحنون عشقت الديكور والموسيقى العربية الأصيلة وكل ما هو فن وراق، صادقة أحب فعل الخير وأكره التمييز العنصري بكل أشكالة. الفضل يعود لوالدي رحمه الله ووالدتي حفظها وشفاها الله وإخوتي من بنات وأولاد في تعليمي ومساعدتي على كل ما وصلت إليه. كيف استطعت التأقلم مع الظرف الجديد بسبب كورونا؟ أدعو الله أن يرفع هذا الوباء عن الجميع ويرحم موتانا ويشفي مرضانا، لقد كانت قيود الحجر عادية بالنسبة إلي لأنني والحمد لله منذ البدء لدي معرفة وعندي توعية كبيرة عن هذا الوباء، فطبقت التعليمات الصحية أنا وأهلي بكل حذر، وكان الحجر الصحي بالنسبة لي فرصة كبيرة اغتنمتها للتواجد مع الأهل بكثافة، بحكم عملي البعيد والذي يمنعني من الاجتماع بهم. ظروف كورونا ساعدتني كثيرا على الإبداع الفني عكس ظروف عملي التي يغلب فيها التعب والسفر اليومي الدائم وهذا منذ ثمان سنوات، عكس الكتابة فلقد أنهيت في سفري الديوان الشعري الأول، لكن بعد العودة للعمل هناك الخوف من الوباء لأنني في حالة سفر دائم ونعلم أن المواصلات الطويلة فيها اختلاط ولامبالاة في تطبيق القوانين، فلا تنفع سوى الحيطة والحذر. وبالنسبة لرؤيتي للمستقبل حقيقة هي رؤية متفائلة، فالإنسان سينتصر وسيحقق مبتغاه، استنادا إلى العلم وصوت الضمير. ما هي مواضيع دواوينك الثلاث؟ مواضيع ديواني الأول الذي لم ينشر بعد وهو موضوع تحت تصرف الجناح الخاص بالكتابة والأدب بوزارة الثقافة منذ مدة لحين دراسته عنوانه "بنت البوادي تنادي" ويتناول مواضيع شتى من رثاء، وقصص حب منتهية بآلام، وكذلك شكر وافتخار بامرأة البوادي، فيه أشعار مزيج بلهجة بدوية جزائرية وخليجية وبعض خواطر. أما الديوان الثاني "يوميات فنان" فهو عبارة عن صفحات تتناول حياة الفنان أو الفنانة ومعاناتهما على شكل قصائد شعر، وهو مزدوج اللهجة تقريبا مثل الأول، ويعد تتمة له. أما الثالث بعنوان "حياة كاتب" فهو عبارة عن روايات متسلسلة، وكل حلقة من السلسلة تتناول حياة فنان أو كاتب أو شاعر امرأة كانت أو رجلا أو شيخا في الشعر أو الموسيقى أو الفن بكل أنواعه، لكن ظروف عملية ومادية تحولني عن تكملته. كيف التوفيق بين الكتابة باللغتين العربية والفرنسية؟ كنت في مراهقتي أكتب خواطر بالفرنسية والعربية وقد تركت الكتابة منذ أكثر من 22سنة لسبب يعود لسرقة كلماتي، وحاليا عدت للكتابة باللغة العربية فقط نظرا لسفري الدائم، ثمان سنوات، ثم كان الاحتكاك الكثير بفنانين وأصدقاء خليجيين وعرب سببا لتنوع كتاباتي باللهجة الخليجية، شعر نثري، وحاليا أنا بصدد تعلم اللهجة النبطية لأحقق حلمي بالدخول لمسابقة شاعر المليون فلهذا انا أحب الكتابة بالعربية. لوحاتك الإبداعية والأعمال الأخرى من أين تستلهمينها؟ لوحاتي الإبداعية، أستلهمها من الحياة اليومية، أو مما يحدث في العالم أو من الطبيعة، فهي متنوعة حسب الظروف، اما أعمالي الأخرى فهي مزيج بين المنمنمات الإسلامية، الزخرفة، التجريد.. الخ، وتتحدث عن جل ما يصادفني في الحياة، وأحيانا ما يقدم ويقترح لنا في المسابقات أو المعارض أو حكاية ركبتها مخيلتي، لأربطها مع الكلمة الشعرية، فتكون صوت وصورة وهذا ما يروق لي كثيرا. مشاركاتك عبر النت في التشكيل والشعر؟ مشاركاتي على النت في التشكيل كانت متنوعة في كل من العراق، ليبيا، المغرب، تونس، الجزائر، تركيا، وأمريكا من معارض فن تشكيلي، خط عربي وزخرفة، صورة فوتوغرافية. أما عن الشعر فكانت في ملتقيات شعرية افتراضية في دول عربية مع عرض شعر، خاطرة وشعر مع لوحة من اعمالي. هل الفضاء الأزرق بديل للفضاءات الثقافية الفنية الحقيقية؟ في الحقيقة كان الفضاء الأزرق وشبكات التواصل الاجتماعي، الحل والبديل الوحيد أمامنا، وكانت فرصة للالتقاء بنظرائي من الفنانين التشكيليين، وزيادة التعارف مع نخبة عالمية فنية أخرى وأدباء وشعراء والمشاركة معهم في زمن جائحة كورونا. لقد تعذر علي الحضور والمشاركة في أغلب المعارض والمنتديات الشعرية في الفضاءات الثقافية الفنية الحقيقية فيما سبق. إن جائحة كورونا غيرت الكثير من الأشياء، لم أكن أتوقع أن يمضي الوقت لنعيش زمن هذا الوباء العالمي، كنت فيما مضى أدرس عن هذه الأحداث في الكتب فقط، هو شيء مؤلم حقا ما نعيشه ونراه عن معاناة الإنسان. كيف تنظر الفنانة إلى سوق التشكيل في الجزائر ؟ للأسف هو في سبات، بيات شتوي ميت تماما، نعيش ركودا للوحاتنا أعمالنا لا تلقى رواجا، ولا نحصل على مساعدة من وزارتنا الوصية، من قبل التشجيع لشراء أو تسويق لوحاتنا. نتمنى على كل من هذه الوزارة أن تساهم وتنشئ سوقا وطنية للفن التشكيلي الجزائري، بدل المسابقات التي يحضرها المئات من الفنانين ولا يأخذ إلا ثلاث أو أربع منهم، نتمنى تغييرا جذريا وتطورا في مجال الفن التشكيلي ورواجا للأدب الجزائري. كيف ترى الحالة الفنية والأدبية في الجزائر ؟ مثلما ذكرت بشأن وضع الفن التشكيلي، فالحالة الأدبية والفنية لا تختلف عنها، فأدباؤنا يفتقرون إلى منابر ومكاتب خاصة أو يكون لهم حضور ضمن المعارض التشكيلية، لتكريمهم والتعريف بهم وبنتاجهم. هل في أعمالك لوحات تروي حكاية كوفيد -19 ؟ لوحاتي الثلاث التي أهديها للقراء هي في فن المنمنمات، الأولى، منجزة على ورق الكونسون، جسدت فيها الأصالة بالمعنى امرأة وبلباسها "نصف حايك" عاصمي، قبائلي، فوق رأسها عمامة نايلي والوشم وفيه مزيج مع الشاوي و"نصف الذراع" عصري بزخرفة وبيدها إبريق صحراوي تخرج من فمه رموز التاسيلي، تتوسطه كتابة الأصالة بلغتين محاطة بزخرفة والشكل تاج تعبيرا على المرأة الشهيدة تاج الجزائر الحرة. واللوحة الثانية وهذا نوع جديد هي حروفيات تجسد الكورونا تحترق بحول الله، منجزة بتقنيات أكريليك وألوان مائية على قماش. أما اللوحة الثالثة على الكونسون، فهي زخرفة بحرف القرآن على قماش يتناول الموضوع في اللوحة ويروي قصة الرضيع المرمي والتائه في شوارع المدينة. كلمة ختامية؟ أشكرك جزيل الشكر أخي عدة خليل على هذه الالتفاتة الطيبة لفنانة تعيش في مناطق الظل، وهي عاشقة للبوادي كما لا يفوتني شكر الأخت الفاضلة والراقية أودان فيروز الإخصائية في علم الآثار بتلمسان التي كانت السبب في هذا اللقاء. وأشكر كل عمال الجريدة متمنية لكم التوفيق وأتمنى أن يصل ندائي لوزارة الثقافة وتجد لي حلا في مجالي الثقافي وإنشاء خلية ثقافية في منطقتي بدل السفر اليومي لعملي والذي أنهك جسدي لأجل قوت عيشي والذي يقتل الروح الفنية في قلبي. وأشكر والدتي وأهلي وكل أصحاب المواصلات الذين يساندوني وكل الأصدقاء الفنانين بدعائهم والله لقد أثلجوا صدري بكل حبهم. كما أوجه شكري للوزيرة مليكة التي تحاول جهدها الرفع من مستوى الثقافة التي اضمحلت وبعث الرصيد التراثي الجزائري، احترامي وتقديري.