أثار تتويج المنتخب الوطني الجزائري بكأس العالم العسكريّة في البرازيل جدلاً واسعاً في الأوساط الرياضيّة حول جدوى الاعتماد على اللاعبين المغتربين وأصحاب الجنسيّة المزدوجة مقابل تهميش وإهمال غير مبرر للاعبين المحلييّن الذين ينشطون في البطولة الجزائريّة. وأحيى الإنجاز الكبير الذي حققته الكرة الجزائرية في البرازيل بعد نيل المنتخب العسكري لبطولة كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه جدلاً واسعاً في الأوساط الكروية في الجزائر حول السياسة التي يتبعها منذ سنوات عديد المدربين الذين تعاقبوا على تدريب المنتخب الجزائري الأول بإيعاز من الإتحادية باعتمادهم إلى درجة الإفراط على اللاعبين المغتربين وأصحاب الجنسية المزدوجة مقابل تهميش وإهمال غير مبرر للاعبين المحليين بحجة أن مستواهم متواضع وغير مؤهلين لخوض مباريات قوية مقارنة بالمغتربين الذين ينشطون في أوروبا قبل أن يتحولوا إلى الخليج. هذا الجدل أسكته في العامين المنصرمين الإنجاز الذي سجله المنتخب الأول ببلوغه نهائيات كأس العالم التي جرت في جنوب إفريقيا العام المنصرم وأخرس معه الأصوات المنادية برد الاعتبار للبضاعة المحلية لكن التاج العالمي العسكري أعاد إعلاء أصواتهم مجدداً خاصة أن ذلك يأتي بعد نكسة مراكش أمام المنتخب المغربي التي لقن الخضر درسا في الكرة وأبعده بنسبة كبيرة من السباق للتأهل الى نهائيات كأس أمم افريقيا2012، فإذا كان الإنجاز المدني قد تحقق بفضل منتخب عماده الأساسي كان يتشكل من اللاعبين المغتربين فمن أصل 23 لاعب ممن شاركوا في المونديال لم يكن ضمنهم سوى لاعبين إثنين من البطولة المحلية هما الحارسين فوزي شاوشي ولوناس قواوي فعلى العكس من ذلك فإن الانجاز العسكري تحقق بفضل سواعد جزائرية خالصة سواء اللاعبين الذين يلعب بعضهم في فرق من الدرجة الثانية أو الطاقم الفني بقيادة المدرب الوطني عبد الرحمن مهداوي. تثمين كبير للانجاز العالمي ورغم الفارق في المستوى الفني بين المنافسات المدنية والمنافسات العسكرية إلا أن خبراء الكرة في الجزائر ثمنوا اللقب الذي حقه الخضر في بلاد السامبا خاصة أنه جاء بعد تجاوز منتخبات عريقة على رأسها منتخب البرازيل مستضيف الدورة في الدور النصف النهائي و منتخب مصر حامل اللقب في المباراة النهائية، ويأتي على رأس هؤلاء المدرب الوطني نفسه عبد الرحمن مهدواي الذي سبق له أن درب الخضر في مناسبتين في عشرية التسعينات قال بالحرف الواحد أن اللاعب المحلي إمكانياته الفنية والبدنية لا تقل عن نظيره المغترب وهو ما برهن عليه في مونديال البرازيل وهناك نخبة من الأسماء بإمكانها تقديم الإضافة لمختلف المنتخبات الوطنية في شتى الفئات السنية ولا ينقصهم سوى منحهم الفرصة والوقت الكافي وأكثر من ذلك الثقة بعد سنوات من التهميش لدرجة أصبح اللاعب المحلي يعاني من عقدة النقص تجاه اللاعب المغترب و أصبح هدفه لا يتعدى الانضمام لصفوف المنتخب من أجل الجلوس على دكة الاحتياط وانتظار إصابة أو معاقبة المغترب ليحل محله وبالتالي وبحسب رأي مهداوي الذي يعرف جيدا شخصية ونفسية اللاعب الجزائري فإن الأخير أصبح يصنف في المنتخب الوطني درجة ثانية، حيث ذهب مهداوي إلى أبعد من ذلك وأخطر عندما قال بالحرف الواحد بأن نقطة قوة المنتخب العسكري هي الانضباط الذي يفتقده المنتخب الأول في إشارة واحدة إلى حالة التسيب التي عاشها الخضر في الكثير من المناسبات. اللاعب يبعث برسالة واضحة لحليلوزيتش ومن جهته قال نجم الكرة الجزائرية والإفريقية السابق لخضر بلومي الذي نال الكرة الذهبية الإفريقية عام 1981 وهو لاعب في صفوف غالي معسكر في البطولة الجزائرية، بأن أشبال مهداوي المتوجين في البرازيل بعثوا برسالة واضحة غير مشفرة لمدرب الخضر الجديد البوسني وحيد حاليلوزيتش مفادها أن اللاعب المحلي جاهز ولا ينتظر سوى الضوء الأخضر منه لإبراز المؤهلات العالية التي يختزنها لكنه ناشد الفني البوسني ضرورة اتخاذ القرار في الوقت المناسب ولا يجب الانتظار حتى يتراجع أدائهم ونجد المبرر جاهزا لإبعادهم. أما صاحب الكعب الذهبية رابح ماجر الذي يعتبر من أكثر المدافعين عن الخيار المحلي، قال بأن إنجاز البرازيل هو رد واقعي على كل المشككين في اللاعب الجزائري المحلي وقدراته والمنبهرين باللاعب المحترف المغترب بغض النظر عن مستواه، مؤكدا بأن اللاعب المحلي أبان مراراً وتكراراً عن مكانته في الكرة الجزائرية سواء من خلال المنتخب العسكري أو منتخب المحليين الذي تألق في بطولة أمم إفريقيا بالسودان أو المنتخب الأولمبي الذي بلغ الدور التصفوي الأخير من إقصائيات اولمبياد لندن 2012 مضيفاً بأن هذه المنتخبات يمكنها أن تكون خزان المنتخب الأول إذا لقيت الدعم المادي والمعنوي اللازم من قبل الجهات المعنية بداية بالاتحادية والوزارة الوصية . اللاعب المحلي فقد الثقة في النفس بسبب المسيرين وبرأي أصحاب هذا الطرح فإن اللاعب المحلي لم يتم تهميشه فقط من قبل المنتخب الأول بل أيضا من قبل الأندية بدليل أن الأخيرة انتدبت في المواسم الماضية الكثير من اللاعبين المغتربين القادمين بالخصوص من المدارس الفرنسية فشلوا في التعاقد مع أندية أوروبية محترمة فاختاروا اللعب في البطولة الوطنية، والكثير منهم أثبتوا أنهم لاعبين متواضعين كل ذلك ساهم في تراجع اللاعب المحلي الذي أصبح ضيفاً ثقيلاً في عقر داره، ويرون بأن الإشكال لا علاقة له بقضية الوطنية كما يريد البعض أن يثيرها كلما أثيرت مسألة المحلي والمغترب للنقاش، وأكدوا بأن المنتخب الجزائري بحاجة لتعداد عماده الأساسي اللاعبين المحليين مثلما كان عليه الحال في بداية الثمانينات بل وحتى في بداية التسعينات مع الثنائي عبد الرحمن مهداوي ومزيان ايغيل ولا يمانعون من دعمه بعناصر محترفة وهو ما أكدته التجارب السابقة حيث كان مدرب الخضر دوما يشتكي من عدم قدرته على تجميع كل اللاعبين أثناء المعسكرات الإعدادية بسبب المحترفين وهو الإشكال الذي تعاني منه حتى بعض المنتخبات العالمية على غرار الأرجنتين والبرازيل اللذين فشلا فشلاً ذريعاً رغم امتلاكهما لترسانة من النجوم في أوروبا ومع ذلك هناك مطالب بالتركيز على لاعبي الدوري المحلي. إبراهيم حنيفي