المعتقلون العرب في العراق يعانون الأمرين بسبب النظرة الحكومية لهم، باعتبارهم قتلة جاؤوا من أجل قتل العراقيين! والحقيقة أن غالبيتهم جاؤوا للعراق من أجل الوقوف مع إخوتهم العراقيين في دفاعهم المقدس ضد قوات الاحتلال الأمريكية وحلفائها. وفي هذا السجل المؤلم، ناشد المعتقل السعودي في سجن سوسة العراقي ناصر المضحي "38 عاماً" قبل شهرين تقريباً، والمحكوم عليه بالسجن "20" عاماً، بتهمة دخول العراق بطريقة غير شرعية، ناشد الجهات والمنظمات الحقوقية السعودية والدولية التدخل من أجل تحسين ظروف اعتقاله في السجن العراقي منذ أكثر من ثمانية أعوام، وذلك بحسب ما أكده شقيقه نادر المضحي والذي بين بأنه تلقى اتصالاً من ناصر، يشكو فيه تعرضه لمعاملة سيئة داخل السجن، وأنه يعاني من أمراض السكر وارتفاع ضغط الدم، بسبب التعذيب اليومي الذي يتعرض له هو وبقية المعتقلين السعوديين في السجن. ناصر شبَّه السجن بالجحيم، بسبب سوء التغذية المقدمة للسجناء، إضافة إلى إهانتهم وتعريتهم يومياً، وأنه تعرض لمحاولة قتل على يد سجين عراقي، بعد أن سكب عليه الماء الحار أثناء نومه، وهو ما تسبب له بعاهات وآلامٍ مبرحة، دفعت أهله لإرسال أدوية خاصة بالحروق عن طريق الشحن السريع. وذكر أن محاولته المستمرة لإطلاق شقيقه كلفته "100" ألف ريال دفعها إلى سجين سابق مع شقيقه، تعهد بتوكيل محامٍ عراقي لشقيقه، لكنه بدلاً من ذلك تسلم المبلغ ولم يفِ بعهده. كما تحدّث نادر عن حال والدتهم المتردية منذ اعتقال ولدها ناصر: "تواصل والدتنا البكاء كل ليلة حزناً على فراق ناصر، وهو ما أدى إلى تردي حالها الصحية". وانتقد رئيس لجنة السجون والمعتقلات في المنظمة العربية لحقوق الإنسان المحامي الأردني "عبد الكريم الشريدة" ظروف الاعتقال السيئة للمعتقلين العرب في سجن سوسة العراقي، وبأنه وقف على حالات تعذيب عدة لمعتقلين عرب، تشمل الضرب والربط بالحبال ومنع النوم وتعريضهم لدرجات حرارة منخفضة ومرتفعة في الوقت ذاته، وأن عدد المعتقلين السعوديين في ذلك السجن يصل إلى نحو "73" معتقلاً. ويعاني السجناء معاناة كبيرة من السجانين، والغريب أن الحكومة تكيل بمكيالين في هذه المسألة، ففي الوقت الذي تعبث إيران بالأمن والاقتصاد في العراق نسمع بين حين وآخر عن مبادرات حكومية لإطلاق سراح السجناء الإيرانيين، وهذا الأمر يتم خارج نطاق ما يسمى قانون العفو العام المنتظر صدوره قريباً، وآخر هذه المبادرات الحكومية أكدها عضو التحالف الوطني النائب عن ائتلاف دولة القانون سامي العسكري يوم 24/ 8/ 2011، حيث قال: "إن الحكومة تعتزم إطلاق سراح معتقلين إيرانيين لكونهم مدانين بارتكاب جرائم عادية، وأغلبهم صدرت بحقهم أحكام نتيجة إدانتهم بارتكاب جرائم عادية كالتسلل، وأعدادهم ليست كبيرة، والحكومة تريد حل مشكلتهم من دون الحاجة إلى قانون العفو". وخلال زيارة سابقة إلى إيران أعلن وزير العدل حسن الشمري عن إبرام اتفاق بين البلدين على تبادل المعتقلين، فيما طالبت عضو لجنة حقوق الإنسان النيابية أشواق الجاف بتفعيل الاتفاق مشيرة إلى وجود أكثر من 300 معتقل عراقي رهن الاعتقال في إيران صدرت بحقهم أحكام بالسجن بين 3 إلى 10 سنوات بتهمة تجاوز الحدود، وأن لجنة حقوق الإنسان ومنذ الدورة التشريعية السابقة تحتفظ بسجل كامل عن أسماء المعتقلين في إيران، ومحاولات نقلهم باءت بالفشل، وبعد زيارة وزير العدل إلى إيران وإبرام اتفاق تبادل المعتقلين نتطلع إلى أن يقوم الجانب الإيراني بتنفيذ الاتفاق، ولا سيما أن اللجنة تتلقى وبشكل مستمر شكاوى من ذوي المعتقلين الذين صدرت بحقهم أحكام لا تناسب الجرم الذي اقترفوه. الجاف دعت الحكومة إلى اعتماد مبدأ التعامل بالمثل "ليس من المعقول أن تبادر بغداد بإطلاق سراح المعتقلين الإيرانيين من دون أن تتلقى رسالة إيجابية من الطرف الآخر تؤكد التعامل بالمثل". وحمّلت الجاف اللجنة الجهات الرسمية مسؤولية تجاهل متابعة أحوال المعتقلين في إيران، موضحة أن المسؤولين والسياسيين خلال زياراتهم المتكررة إلى إيران لم يطرحوا ملف المعتقلين العراقيين. القرار الصحيح الذين يجب أن يتخذ هو التمييز بين المعتقلين في السجون الحكومية العراقية، وعلى إثر ذلك يتم التعامل مع الأبرياء منهم ومع الذين لم يتورطوا بالدم العراقي، بالكثير من الإنسانية والرحمة، ويتم إطلاق سراحهم على اعتبار أنهم رجال دفعتهم غيرتهم وحبهم للعراق للوقوف مع أهله، ولا يليق أن تتم مجازاة الإحسان بالإساءة، والتضحية بالذل والهوان، وهذا ليس من أخلاق العرب والمسلمين. جاسم الشمري