تعانقت كلمات وتعالت الألحان و النغمات في سماء المهرجان الثقافي المغاربي للموسيقى الأندلسية ، المنظم في إطار تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011، ليستمتع جمهور الليلة المقبل الأخيرة بأداء جوق كريم بوغازي وجمعية أنغام الأندلس بباريس، بالإضافة إلى فرقة الزرنة من القليعة، التي كانت تطل بين الفينة و الأخرى. استهل بوغازي الذي يضم في رصيده ستة ألبومات غنائية، الحفلة رفقة جوقه بتقديم أغنية "أنا عشقي في سلطان"، تبعها بأغنية " الهوى" و أغاني أخرى مسافرا بين الطبوع و المواويل المختلفة دون الخروج عن الإطار العام للأغنية الأندلسية، حيث أدى أغاني حوزية من كلمات الشاعر الراحل "أحمد ابن تريكي"، و الذي تم تكريمه في السهرة الرابعة من المهرجان، و في موال غربي قدم أغاني من كلمات الشاعر بن علي دريس، و أغاني أخرى من تأليف الشاعر مصمودي. تخلل الحفل تكريم الشيخ المرحوم "عبد السلام صاري"، من طرف محافظ المهرجان المغاربي للموسيقى الأندلسية عبد الحميد بن بلبلدية، حيث استلم التكريم حفيدي الشيخ وهما على التوالي "صاري محمود" و " محمد الطاهر صاري"، عرفانا و تقديرا لما قدمه هذا الفنان للأغنية الأندلسية كمغني و عازف على الآلات الدربوكة و الناي والكويترة، العود، الكامنجة و حتى كشاعر، حيث ألف العديد من الأغاني منها أغنية "بجاه التيجاني"، التي قام جوق كريم بوغازي تقديمها للجمهور. يعد صاري عبد السلام المولود سنة 1876 بتلمسان، من أبرز رواد الموسيقى الأندلسية، هاجرت أسرته إلى القاهرة ثم عادت إلى تلمسان و أسس بن صاري فرقته الخاصة بالموسيقى الأندلسية بتلمسان ، و كان عبد السلام في أوقات فراغه يمارس مهنة الحلاقة بنهج المنصور قرب من سيدي حامد واستغل محله للتدريب ، و كان يتعلم الضرب على الدربوكة، ثم التحق بصفته مريدا في الطريقة التيجانية التي كان مقرها بعين ماضي قرب ولاية الأغواط، و كان إلى جانب ذلك يتعاطى الموسيقى الصوفية الروحانية حيث كان يألف عدة مدائح دينية يقدمها في جميع أنحاء القطر الوطني، وحتى بالمملكة المغربية ، و بعد أن تعب من شدة الرحالات و كثرة السهرات انسحب من الساحة الفنية و كرس جل وقته للعبادة و التأمل ، و في سنة 1954 قام بأداء فريضة الحج ،و واصل عزلته الفنية إلى أن وافته المنية سنة 1959. و في القسم الثاني من الحفل أطربت فرقة "أنغام الأندلس من باريس الجمهور بوصلات موسيقية و غنائية متنوعة منها نوبات " سيلسلا" ميزان "سراف عراق"، كما أدت الفرقة بقيادة عمر الدين بن طواف مجموعة من المدائح الدينية . و أشار عمر الدين بن طواف قائد الفرقة إلى أن جمعية أنغام الأندلس التي تأسست سنة 1996، تهدف للنهوض بالموسيقى الأندلسية من خلال كونها فضاء يلتقي فيه رجال و نساء من مهن مختلفة يجمعهم حب الموسيقى الأندلسية ويسعون لترويج لها في أوروبا و العالم عن طريق المشاركة في مختلف التظاهرات والمهرجانات الدولية، و ذكر المتحدث الذي يعد احد تلاميذ المدرسة الأندلسية الشهيرة " غرناطةتلمسان"، أن فرقة الجمعية تظم قرابة الثلاثين موسيقى يسعون للاستفادة من الموروث الأندلسي و التعريف به ولهذا حسب المتحدث نظمت الفرقة عدة حفلات بالمركز الثقافي الجزائري بباريس و المركز الثقافي لأورلي، و كان أخر حفل لها بباريس يوم 8 أفريل الماضي بالقاعة الشهيرة "كورتو بالمدرسة الوطنية للموسيقى"، كما سبق لها و أن أحيت حفلات بكل من تولوز، تاربيز، سانت إيتيان و مونبولي، أما بالجزائر فقد كان لها حفلات بكل من وهران، سيدي بلعباس، و تلمسان، حيث شاركت في مهرجان النوبة سنة 2005، و في الطبعة الثالثة للمهرجان الحوزي بتلمسان و كذلك بالطبعة الخامسة في جويلية 2011 بتلمسان. نسرين أحمد زواوي