يعبر الجزائريون عن تقديرهم لشهر الصيام فضلا عن الزيادة في العبادات و الإحسان بتزيين موائدهم بما لذ و طاب من الطبخ الجزائري، فلا يمكن لأحد منهم التخلي عن بعض الأطباق التي رسخت في أعراف الجزائريين منذ زمن بعيد، بيد أن الكثير من العائلات فضلت في رمضان تحضير أطباق عصرية، ووجدت ضالتها في الأنترنيت التي تقدم لها كيفيات متنوعة صوتا و صورة ، لكن المثير للانتباه أن كل جهود المرأة في إعداد أطباقها، تضيع في نهاية المطاف حينما ينتهي الأمر بما أعدته وسط القمامة . محمد بن حاحة الطبخ الغربي خروج من مألوف الموروث الجزائري "لقراتين"، "المملحات" السلطات و الفاكهة المتنوعة"، أطباق عصرية من ابتكار الغرب ، و التي تثير إعجاب الجزائريات الشابات و الحديثات الزواج ممّن يسعين دائما إلى إنجاز العديد منها طيلة أيام رمضان . تبدأ رحلة التحضير للأطباق الغربية باقتناء اللوازم من خضر و فواكه و لحوم بأنواعها و توابل، إلى غير ذلك مما يتطلبه تحضير هذه الأكلات الشهية من المراكز التجارية التي دخلت حديثا في ثقافة الجزائريين ، حيث تعتبر المحل الوحيد الذي يعرض سلع غربية غير متوفرة في بلدنا. وبعد الإنتهاء من شراء كل المستلزمات تنتقل المرأة الجزائرية "العصرية" إلى الإبحار في فضاء الإنترنت ، حيث تتوفر لها أعداد لا تحصى من الطبخات التقليدية و العصرية و المبتكرة و المعدلة لكل بلد من المعمورة ، و ما عليها إلا الاختيار بين الطبخ الأوروبي و الآسيوي و الأمريكي إلى غير ذلك. بل إن حتى "الشوربة" أو الحساء الذي يعتبر الطبق الرئيسي في رمضان و الذي يستحيل على معظم العائلات الجزائرية استبداله أي شيئ فيه و لو تعلق الأمر بأبسط التوابل المستخدمة في تحضيرها، تجرأ هؤلاء النساء على استبدالها تماما ببدائل غربية. و لقد قمنا بسؤال بعض من هؤلاء النساء عن مدى تعاملهم مع الطبخ الأجنبي وعن سبب إقبالهم عليه؟ و هل سيحل محل الطبخ التقليدي الجزائري كليا؟ تقول بشيرة " أنا أبحث في الإنترنت عن أطباق جديدة خاصة الشرقية للخروج من الروتينية التي يفرضها علينا المطبخ الجزائري، و الذي لو تتبعناه على مدى الشهر فسيكون يوميا (شوربة، بوراك، شطيطحة، جواز، لحم لحلو )، فلهذا يجب البحث عن تنويع و تجديد ، و الطبخ إرث عالمي، من بين الأكلات الشرقية التي جربتها في هذا الشهر و نجحت في تحضيرها طبق الشيش طاووك السوري و هو عبارة عن كريات لحم متبل". و أما" مونيا" ففضلت طوال الشهر الكريم تحضير المملحات و " الديسير" من المواقع الإلكترونية " أحضر المملحات كالكوكا و البيتزا و الفولوفون و الديسير بالكريمة كموس الشكولاطة و بعض الحلويات، بالإضافة إلى بعض السلطات كسلطة الجزر بالتفاح و الجبن الأحمر". و هكذا تلجأ الكثير من الجزائريات إلى خزائن الطبخ الأجنبي للخروج من المألوف الذي يفرض نفسه على العائلات الجزائرية. أطباق فاخرة تنتهي في القمامة وبعد بذل المال الجم و استنفاذ الطاقة الجسمية و التفكير و اقتناء المواد الغذائية الباهظة الثمن، و البعيدة المصدر و التي يذهب فيها الجزائريون حد الإسراف و التبذير، فتجد عائلة مكونة من أربع أفراد على الأكثر تطبخ ما قد يتعدى الثلاثة أطباق و بكميات كبيرة ، لن يأكل منها جميعهم إلا القليل ، و بما أن معظم هذه العائلات الميسورة الحال تملأ ثلاجتها بالمواد الغذائية من أجبان و عصائر و حلوى و خضار و فواكه ، فلا يبقى مكان لحفظ ما قاموا بطبخه غير أكياس القمامة ، إلى أن هذه العائلات تهوى الجديد على عكس العائلات البسيطة التي قد تقدم نفس الطبق لأكثر من يوم، فتنتهي حتما هي الأخرى في المزابل ، في وقت تسعى الكثير من العائلات المعوزة عن قفة رمضان للصمود طيلة شهر رمضان و مواجهة لهيب الأسعار. اندمج الإنترنت في شتى مجالات الحياة ، فبعد أن كان "الطبيب قوقل" الذي يجيب على كل تساؤلات المرضى و "الشيخ قوقل الذي يفتي في كل شؤون الدنيا و الدين ، أصبح اليوم ما يمكن تسميته ب "الشيف قوقل" الذي يتقن طبخ ما لذ و طاب من الأطباق العالمية.