امتلأت رفوف المكتبات الجزائرية والطاولات المترامية هنا وهناك في قلب الأسواق العاصمية وحتى على أرض الأسواق الشعبية بكتب الطبخ المختصة التي جادت بها دور النشر التي تعرف من أين تؤكل الكتف كما يقال، خاصة أن الإقبال على هذه الكتب بالذات يصل إلى الذروة خلال أيام الشهر الفضيل، حيث تتنافس السيدات على تقديم أشهى المأكولات لأهاليها وضيوفها، كما أن هذه الكتب المختصة تضمن الذوق ونجاح الكيفية أيضا، وتنقل المعتمد عليها من مصاف الهواية إلى الاحترافية في الأنواع المختارة. أكثر من خمسين عنوانا جديدا مختصا في كتب الطبخ الخاصة بالأكلات الرمضانية عرضت لتدخل الحيرة في عقول السيدات اللائي يقفن مدة طويلة أمام الكتب، حيث يصعب اتخاذ القرار الصحيح أمام الكم الهائل من المغريات رغم أن أسعار الكتب في متناول الجميع، حيث انطلق سعر سلسلة باتت رائدة في الميدان من 95 دج، وهو سعر جد مقبول، إلا أن الاختلاف والتنوع الذي فرضته دور النشر يجعل الزبونة حائرة لأنها بكل بساطة مضطرة لاقتناء أكثر من كتاب نظرا للتنوع الكبير الذي فرضته التقاليد على المائدة الرمضانية الثرية جدا بمختلف أنواع المأكولات والمحليات، كما أننا في فصل الصيف الذي يزداد فيه العطش ومنه الإقبال على تناول السوائل كالمشروبات وكذا المثلجات في السهرات، وهو الأمر الذي لم تهمله دور النشر، حيث تم طرح كتب مختصة في كيفية تحضير المثلجات والصوربي بمختلف الأذواق على غرار الفانيلا، الشكولاطة وذوق الليمون الذي يعتبر مميزا خاصة أن الليمون من المواد التي تخفف العطش في أيام الحر، إلى جانب أذواق أخرى كالتفاح والفراولة، والموز والنعناع. فنون الطبخ كلها تجلت في تلك الكتب الكثيرة التي تسحر العين ومنها الحساء، الشوربة الجزائرية، الشوربة المغربية، أطباق مغربية، أطباق تقليدية جزائرية، حساء السمك، الغراتان، أطباق السمك، سلطة المعجنات، التورتات المملحة، سلطات الخضر، الطبخ بالأرز، أطباق الدجاج، أطباق اللحم، البوراك، المملحات، الكيش، دجاج في الفرن، المشروبات، الحلويات الشرقية والغربية، مثلجات وصوربي، حلويات السهرات الجافة، حلويات معسلة، وعشرات الأسماء المختصة في مجال معين، علما أن هذه الكتب الغزيرة استلهمت صفحاتها من الطبخ الجزائري، والتركي، والغربي والشرقي خاصة منه اللبناني والفلسطيني، حيث تم طرح العديد من الوصفات التي تعرف بها المائدة الشرقية منها الكبة اللبنانية والمشاوي، سلطة بابا غنوج التي تعتمد على زيت السمسم والطحينة والباذنجان، وهي أنواع جديدة وغير مألوفة في المائدة الجزائرية، المطبخ المغربي أيضا حاضر بقوة في رمضان 2010 خاصة أن أغلبه يعتمد على المذاق الحار الممزوج بالحلاوة. وأكد لنا محمد صاحب مكتبة بقلب العاصمة أن الإقبال على شراء هذا النوع من الكتب بدأ مع بداية شهر شعبان، حيث عرفت المكتبة ازدحاما كبيرا يوميا على هذه الكتب، كما سجل المغتربون الجزائريون أيضا اهتماما كبيرا بهذا المجال يقول ''صراحة كل سنة هناك إقبال على كتب الطبخ إلا أن الخيار الذي عرض على الزبائن نظرا لكثرة الكتب المعروضة، والتي تحمل في طياتها اختصاصا وتفصيلا جعلهم حائرين وكثيري العدد، حيث تفضل المرأة شراء أكثر من كتاب في اختصاصات مختلفة حتى تضمن التغيّر اليومي في الذوق والشكل، كما أن الكتاب الواحد يقدم 15 وصفة بالشرح الوافي حيال تحضير ذلك الطبق، وهو أمر مشجع خاصة أن سعر هذه الكتب لا يتجاوز 95 دج وهو جد معقول، علاوة على أن أغلب كتب الطبخ المعروضة لا يتعدى سعرها 250 دج، أما بالنسبة لكتب الطبخ الكبيرة والمطروحة على طول السنة فإن سعرها يصل إلى 1500دج، ومع هذا فهي أيضا مطلوبة من هواة الطبخ، ويواصل محدثنا قائلا ''السيدات المغتربات حضرن بقوة رفقة ذويهم، حيث قمن بشراء أعداد هائلة من الكتب، وأذكر أن إحدى السيدات اختارت 30 عنوانا مختصا، وقد أشارت في حديثها إلى أن ريحة البلاد والعرب لن تفارق بيتها طيلة 365 يوما وليس في رمضان فقط''. وخلال تواجدنا بمكتبة في قلب العاصمة وجدنا سيدة أربعينية تحمل أزيد من 10 كتب مختصة أرادت أن تعطي من خلالها رمضان وسهراته وسحوره هذه السنة نكهة خاصة تقول ''هناك مثل شائع يقول المعدة بيت الداء، وهي بيت الدواء أيضا إذا أحسنّا التصرف، وبما أننا في شهر رمضان فإن الإقبال على الأكلات طيبة المذاق وجميلة الشكل أمر ضروري جدا، لهذا أحرص على تقديم الأحسن لعائلتي وضيوفي، كما أن زوجي اعتاد على مباغتتي بطلبات مفاجئة خلال هذا الشهر، لهذا تراني مستعدة دائما، فكلما سمع اسم أكلة من زميل أو زميلة له في العمل لم يتناولها من قبل يطلب مني تحضيرها، وبما أن هذا لا يحدث معه إلا في رمضان فأنا لا أحرمه من متعة المائدة، كما أنني استفيد أيضا بسكوته وتجنب غضبه على مائدة الإفطار''. والجدير بالذكر هو دخول سلسلة من الكتب المختصة التي تطرح أنواعا وأشكالا مختلفة من الطبخ الصحي، خاصة منها التي تهتم بتغذية الأشخاص المصابين ببعض الأمراض على غرار القولون العصبي، انتفاخ البطن، أمراض المعدة ومرضى السكري، حيث قدم القائمون عليها فنون الطبخ ومبادئ اختيار المآكل وفق دراسة وتطبيق عمليين، مع الاحترام الكبير للأوزان والمقادير، مع تحديد حاجة الجسم لكمية الغذاء ولأنواع معينة من البروتينات والسعرات الحرارية المطلوبة، وقد تراوحت أسعار هذه الأخيرة بين 300دج و450 دج.