ترافق صدور العدد الثالث من الدورية الشهرية 'بيت الشعر' التي تصدر عن بيت الشعر - أبو ظبي / نادي تراث الإمارات، مع الذكرى الرابعة لرحيل الشاعر محمود درويش (1941 - 2008)، وفي هذه المناسبة نشرت المجلة ملفا كاملا حول التجربة الدرويشية حمل العنوان: أثر الغائب، احتل قرابة خمسين صفحة. وتنوعت مواد العدد الثالث بين الحوار والنقد والشعر والخط والترجمة، بالإضافة للزوايا الثابتة، وجاء في كلمة المشرف العام على المجلة الشاعر حبيب الصايغ : 'هذا الصباح سأضع ذاكرتي أمامي لا ورائي.. سأكتب المعنى عميقا وبإشارات تتناثر في القلوب كشظايا الحروب.. الإنسان طفل الذاكرة والأعمار في الميادين والساحات.بين كل انطلاقة وانطلاقة ولادة وموت، وحديث ولادة وموت، الإنسان طفل الذاكرة، لكنه يكبر، يوميا، وهاجسه أن يضع ذاكراته وراءه، لكن هيهات'. احتوى ملف درويش على حوار خاص مع المثقف والناقد صبحي حديدي، الذي ارتبط بعلاقة صداقة مع الشاعر الراحل، توقف خلاله عند جوانب عديدة من شخصية درويش الإنسانية والشعرية، وكشف عن وثائق خاصة تتعلق بتقنيات الكتابة لدى درويش والتعديلات الأخيرة التي كان يجريها على قصائده، وبالإضافة إلى ذلك يتناول الحوار قضايا وأفكارا حول جماهيرية الشعر المرتبطة بشاعر نجم من طراز درويش، واستمرارية هذه الظاهرة . وتضمن العدد حوارا خاصا، أجرته رنا زيد، مع المؤلف الموسيقي والمغني مرسيل خليفة الذي ارتبط اسمه باسم الراحل طيلة ثلاثة عقود من عمله الموسيقي، كان خلالها شعر درويش مادة خليفة الاساسية، ويقدم خليفة في الحوار جردة حياة وصداقة مع الراحل، وعبر العدد ذاته يوجه لصديقه تحية خاصة تكاد تكون قصيدة وتحمل العنوان: 'سأتبع أثر نجمة حتى ألقاك'. ويتنوع ملف درويش 'صاحب الفرادة'، ليضم مقالات حول علاقة الشاعر بالمدن وتحديدا مدينتي بيروت وعمّان، حيث شهدت الأولى انطلاقته الشعرية والثانية خاتمة قصيدته، وكتب مازن معروف عن 'درويش - الهوية وبدايات التراجيديا'، وفيديل سبيتي عن 'جماهيرية لا تهبط للعزلة، وخصوصية لا تستقر في الشعبوية' مثلما كتب كل من: مفيد نجم 'التناص الدلالي والمرجعية التاريخية، وياسين الزبيدي 'درويش - قراءة فلكية'، وعبدالله ابو بكر حول 'شعر المقاومة ومقاومة الشعر'، وكشفت ديمة الشكر عن جانب آخر في شخصية الراحل 'درويش الدمشقي - مرآة العاشق المغترب'. أيضا تستعيد 'بيت الشعر' في عددها علاقة درويش بالإمارات بدءا من زيارته الأولى لأبو ظبي عام 1974 وحتى زيارته الأخيرة عام 2007 والعلاقة التي ربطته بالإماراتيين مثقفين ورجال دولة. كما ذهبت في هذا الاتجاه كلمة المحرر التي يكتبها مدير التحرير الشاعر بشير البكر، وجاءت تحت عنوان 'الشاعر والجنرال'، وتوقف فيها عند تكريم بلدية باريس للشاعر درويش من خلال تسمية ساحة باسمه في الوقت الذي كرمت فيه جنرال الحرب الصهيوني اسحق رابين، وبهذا وضعت البلدية الشاعر في وجه الجنرال. وحوى العدد حوارا مطولا مع الشاعر عبد العزيز المقالح، يعود فيه إلى بداياته الشعرية، ورؤيته للحداثة،وتأثير الانشغال المهني على الكتابة الإبداعية،كما يلقي المقالح الضوء على التجارب الشعرية في اليمن ودوره في ترسيخ إقدام الشباب على ارض المشهد الشعري.