تحكمت العروشية بشكل كبير في تحديد نوعية القوائم الانتخابية للمحليات المقبلة، بعدد معتبر من الولايات الداخلية، كممارسة تتكرر مع كل استحقاقا انتخابي، غير أنها تظهر أكثر فأكثر في المحليات بسبب الارتباط الكبير بين المتحرشين ودواويرهم ومناطقهم الداخلية. وعلى هذا الأساس تحرك العديد من رؤساء المكاتب الولائية للأحزاب ومحافظي حزب جبهة التحرير الوطني و رؤساء القسمات للإعداد قوائم وفق الأولوية و المرتبة التي يتصدرها كل عرش بالولاية. بولايات مثل الجلفة، المسيلة، سعيدة و النعامة، و المناطق الجبلية بمنطقة الاورواس على وجه العموم، سبق فيها عامل العرش في إعداد القوائم الانتخابية، و هذا ضمانا لنجاح الشخص الذي يتنمي لذلك للعرش المسيطر على المنطقة. ومن الحجج الدامغة التي يقدمها ممثلو الأحزاب الصغيرة منها و الكبيرة في إعطاء اعتبار العروشية الأولوية في إعداد القوائم هو ضمان لمردودية التصويت يوم الاقتراع المزمع تنظيمه يوم 29 نوفمبر القادم. و وتتحكم الاعراش التي هي تركيبات اجتماعية معقدة متواجدة منذ الازل في جميع المناسبات التي ليس الانتخابات استثناء بالنسبة لها، حيث تعد المعيار الاول الذي لايزال مكرسا بشكل كبير في الدواوير و المداشر و القرى و المناطق الجبلية و الأرياف بصفة عامة. و من بين الولايات التي تكرست بها هذه الممارسة خلال إعداد القوائم الانتخابية للمحليات القادمة، نجد ولايات الجلفة، المسيلة، سعيدة و النعامة، خنشلةام البواقي و ضواحي من ولاية باتنة، و تمتد هذه الذهنية الاجتماعية حتى للمناطق الجبلية بمنطقة القبائل التي تشمل ولاية تيزي وزو، بجاية، سطيف والبويرة. وتجعل هذه الممارسة الأحزاب تخضع لكلمة العرش و تزكي مرشحه، لان ذلك يضمن لها الفوز الأكيد و نادرا ما تدخل في مواجهة مع هذه التركيبات الاجتماعية، سيما وأن طبيعة الأشخاص الذين تزكيهم الاعراش عادة ما يكونون ذوي صمعة جيدة و يحضون بإجماع المجلس و القرية، و يكونون من ذوي السيرة الحسنة و الصيت الاجتماعي وسط المنطقة. و تنحي الأحزاب أمام الاعراش ووتتنازل بشكل كبير عن الانتماء الحزبي في اختيار مرشحيها، مبقية على شرط ''الشعبية والعرش الكبير'' في مسعى لافتكاك أكبر عدد من مقاعد المجالس البلدية والولائية. و عادة ما يكون العرش هو الذي يسير الحزب، ويتولى تمويل الحملات الانتخابية، وهو المنطق الذي أدى بقادة الأحزاب الكبيرة كالارندي، الافلان وحمس وغيرهم إلى ترك الخيار أمام عروش الولايات والمناضلين في تعيين رؤساء القوائم حسب قوة العرش ويعد العرش قوة ضاربة داخل المجتمع تضاهي قوته قوة القانون في بعض المناطق، وتلجأ إليه السلطة لحل الخلافات وإحداث توازنات اجتماعية كبرى. سليم خليفاتي