أضحى الطفل في مجتمعنا عرضة لتلقي قيّم البلدان الغربية التي تنتج أفلام الكرتون التي تعرض على أطفالنا ، فنتهافت على شرائها لهم ، رغم ما تحمله من قيم بعيدة عن مجتمعاتنا العربية وعاداتنا الأصيلة ، غير مدركين بمدى خطورتها على قيم و مبادئ شريعتنا، فنكون السبب في الترويج لأنماط سلوكية و أفكار غربية لا تنسجم مع قيمنا الاجتماعية، و تتنافى مع عقيدتنا الإسلامية . هذا الأمر أوجد ظاهرة جديدة طفت على السطح في إبتدائياتنا ، و هي وجود علاقات غرامية بين أطفالنا ، يخوضونها و لا يفقهونها . زهية بوغليط أولياء يتجاهلون خطورة تأثيرها على الأبناء إن الطفل إذا لم تتدارك الأسرة أمره وشبَّ على ما يراه في الرسوم المتحركة يكون في المستقبل كالريشة في مهب الريح، مضطربِ العقيدةِ ولا يستقر على حال، يسيطر عليه القلق والحَيْرة ولا يعرف حقيقة نفسه، ولا سِرَّ وُجُودِه في الحياة، فهو صفحة بيضاء لا يستطيع التميز بين الواقع و الخيال، سهل التأثير نفسيا و جسديا ، و أفلام الكارتون التي تبث في بعض القنوات ، من شأنها غرس قيم دخيلة على مجتمعه ، فيتبنّى سلوكات خارجة عن تصرّفاته ، ويصبح غير منسجم مع المجتمع الذي ينتمي إليه، ما يحدث خلل في نموه الذهني ، باعتبارها تحتل حيزا كبيرا من انشغالات الطفل، و يقضي ساعات طويلة و هو يتعرّض لهذه المادة الإعلامية ، الجزائرالجديدة حاورت بعض الأولياء و سألتهم عن مدى تعرّض أبنائهم لقنوات الرسوم المتحركة ، كانت بدايتنا مع السيدة نادية ، أم لبنتين ، أخبرتنا أن ابنتيها تتابعان هذه القنوات بكثرة ، و كل أوقات فراغهما تمر أمام شاشة التلفزيون، و أضافت قائلة "ما يقلقني أكثر أن هذه المسلسلات أصبحت تحتل المركز الأول في حياة بنتاي، و ذلك على حساب دراستهم ، و تتأثران عند مشاهدتهما للقطات مخجلة بها ، بل أنهما تتفاعلان معها و كأنها حقيقة لا خيال"، السيدة نبيلة هي الأخرى أم لطفلين أخبرتنا أن ابنيها مدمنان على مشاهدة الرسوم المتحركة ، و الشيء الذي يقلقها ، هو التصرّفات التي يقومان بها ، و ذلك نتيجة الرسوم المتحرّكة التي يشاهدانها ، و التي لا تختفي منها مشاهد العلاقة الغرامية بين الجنسين و ما فيها من إثارة ، هذا ما يبعث في نفسي الخوف من تقليدها أو التأثر بها تضيف السيدة قائلة ، حيث أصبحت لا تخلوا أي رسوم متحركة أو أي فيلم أطفال مستورد من مشاهد مخجلة . معلمون: أصبحنا نشاهد أشياء مخجلة بين الجنسين حاورنا بعض المعلّمين و سألناهم عن تصرّفات تلاميذهم داخل القسم ،أخبرنا معظم من تحدثنا معهم أن الأطفال أصبحوا يقلّدون كل ما يرونه في شاشة التلفزيون بما في ذلك ما يشاهدونه في الرسوم المتحرّكة ، سارة معلمة بابتدائية أخبرتنا قائلة " حقيقة أصبحت تصرّفات الأطفال غريبة و عجيبة ، فأصبح التلاميذ يتحدّثون عن العلاقات بين الجنسين و يستمدونها مما يشاهدونه على شاشة التلفزيون، فمثلا في الأسبوع الماضي تفاجأت حينما أخبرتني تلميذة عن وجود علاقة حب بين صديقتها و زميل لها يدرس بالقسم الآخر، الأمر الذي جعلني استدعي وليّها لأنبهه بخطورة الوضع، فهذا التأثر الكبير أصبح يشكل خطرا على الطفل ، و على الأولياء مراقبة البرامج التي يتعرّض لها أبناءهم ، وداد هي الأخرى معلمة بنفس الابتدائية ، قسم الثالثة ابتدائي ، أخبرتنا أنه في كثير من الأحيان يتهامس التلاميذ بين بعضهم البعض و يتحدثون عن غراميات و علاقات لا تتوافق مع سنّهم ، ما يجعلنا نحن المعلمون نحرس على متابعتهم و التحدث إليهم، بغية تصحيح أفكارهم ، لأن التعرّض الكبير لهذه النوعية من البرامج من طرف الأطفال من شأنه أن يغيّر من سلوكياتهم و يطبع فيهم تصرفات غير لائقة ، لا تعبّر عن براءتهم ، من جهتها حدثتنا الأم فهيمة، 44 سنة بصراحة ، على أنها أصبحت تخشى على ابنتها من أن تتركها لوحدها مع أخيها، و هذا بسبب تنمي الغريزة الجنسية بعقل ابنها قبل الأوان، و تضيف محدثتنا أنها بصدد عرض ابنها على مختص نفساني إذا لزم الأمر . تشجعُ العلاقات الحميمية في وقت مبكر إن من طبيعة الطفل أنه يقلد كل شيء يُعرَض أمامه أو يسمْعه بدون جدال بسبب فطرته الصافية، وبكل سهولة تؤثر فيه المشاهد التي يقع عليها بصره في الرسوم المتحرّكة، فيميل إلى تقليد الشخصيات في كل شيء ، سواء في كلامها وحركاتها أوفي سلوكها وتصرفاتها. وبذلك يتطبّع على العادات السيئة، و ما نشاهده فعليا في مضامين أفلام الكارتون و أفلام الأطفال أنها ترسخ أفكارا غربية متنافية مع شريعتنا الإسلامية، كالإيمان بالسحرة والمشعوذين وتصديق ما يدَّعون والخوف منهم، فهي تُظهِر الساحر قادراً على إسعاد الناس أو إشقائهم، وتأمينهم أو ترويعهم، وأنه قوة لا تُقهَر ، وهو الشيء الذي يؤدي إلى حصول تناقض في تفكير الطفل ، بين ما نقوله له و ما يشاهده على هذه البرامج ، فيؤمن بالعصا السحرية عوض تقديس الله وفعل ما يقرِّب منه، و أكثر من ذلك أن أغلبها إن لم نقل جميعها تتناول مشهدا لقبلات و علاقة غرامية ، فهي تُظهِر العلاقة بين الجنسين قائمة على تبادل القبلات والرقص والعناق بين الجنسين، وهذا لأنها تنبِّه المشاعر الحميمية والغرائز الجنسية لديهم في وقت مبكر، وهو ما ينتج عنه ارتكاب الفواحش والجرائم الجنسية مستقبلا ، كما تقضي على الحياء في نفوسهم، و تجعل العلاقة التي يقيمونها طبيعية و لا حرج فيها من بعد ما استهلكوه من مشاهد .