تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية.. الشروع في الضخ التدريجي لمادة البن بالسعر المسقف في أسواق الجملة    اللجنة العربية لنظم الدفع والتسوية تجتمع بالجزائر.. بحث سبل تعزيز التعاون بين المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية    لضمان تغطية تأمينية ملائمة قطاع الفندقة.. توقيع اتفاقية تقنية بين صندوق التعاون الفلاحي وفيدرالية الفندقة والسياحة    قرار إبطال الاتفاقين التجاريين بين الاتحاد الأوروبي والمغرب سيكون له أثر مهم على "الاجتهاد القضائي" للمحكمة    كرة القدم/كأس الكونفدرالية الإفريقية: اتحاد الجزائر يفتتح المنافسة أمام اورابا يونايتد (بوتسوانا)    اجتماع تنسيقي بوزارة الصحة لمتابعة الوضعية الصحية بالمناطق الحدودية    حمدان: معركة "طوفان الأقصى" مستمرة على خطى الثورة الجزائرية المباركة    الرئاسيات بتونس: فوز قيس سعيد بعهدة ثانية بنسبة 7ر90 بالمائة    سفير الصين بالجزائر يشيد بمستوى التعاون بين البلدين    سفير اليابان ينوه بمستوى العلاقات الممتازة بين الجزائر وبلاده    قرار رئيس الجمهورية زيادة المنحة السياحية سيعطي أريحية للمواطنين الراغبين في السفر    اجتماع مكتبي غرفتي البرلمان وممثل الحكومة    غرداية.. 9 اتفاقيات تعاون لتدعيم فرص التكوين عن طريق التمهين    قالمة.. الشروع قريبا في إنجاز أكثر من 2000 وحدة سكنية جديدة بصيغة العمومي الإيجاري    النعامة.. إطلاق عملية لمكافحة التصحر على مساحة تفوق 230 هكتار    الرئيس النمساوي يهنئ رئيس الجمهورية على انتخابه لعهدة ثانية    انطلاق البرنامج الوطني للتظاهرات الرياضية بالمدارس المتخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة    وقفة تضامنية في ذكرى العدوان الصهيوني    سوناريم.. أول مختبر منجمي مُعتمد بالجزائر    محرز يخيّب الآمال    الانضمام لمجلس التجديد الاقتصادي الجزائري    المجلس الشعبي عضو ملاحظ    هادف يثمّن مضمون اللقاء الدوري للرئيس مع الصحافة    كيف ستؤدي الحرب الحالية إلى هزيمة إسرائيل    انتشار فيديوهات تشجّع على زواج القصّر    صهاينة يقتحمون باحات الأقصى    لا زيادات في الضرائب    مطالبة أطراف فرنسية مراجعة اتفاق 1968 هو مجرد "شعار سياسي"    الحوار الوطني الذي كان قد أعلن عنه سيكون نهاية 2025    إجمالي ودائع الصيرفة الإسلامية لدى البنوك يفوق 794 مليار دج    فتح التسجيلات اليوم وإلى 12 ديسمبر 2024    ارتفاع قياسي في درجات الحرارة بداية من نهار اليوم    خنشلة : فرقة مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية توقيف 04 أشخاص قاموا بتقليد أختام شركة    الاستلاب الثقافي والحضاري..!؟    رفع منح.. السياحة والحج والطلبة داخل وخارج الوطن    مستغانم : الشرطة القضائية بأمن الولاية توقيف مدبر رئيسي للهجرة غير الشرعية    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: عرض أعمال تروي قصص لتجارب إنسانية متعددة    التشكيلي ناشي سيف الدين يعرض أعماله بالجزائر العاصمة    بجاية: مشاركة 9 فرق أجنبية في الطبعة ال13 للمهرجان الدولي للمسرح    رئيس الجمهورية يأمر بمتابعة حثيثة للوضعية الوبائية في الولايات الحدودية بأقصى الجنوب    رئيس الجمهورية يأمر برفع قيمة المنحة السياحية ومنحتي الحج والطلبة    الجائزة الدولية الكبرى لانغولا: فوز أسامة عبد الله ميموني    خلال تصفيات "كان" 2025 : بيتكوفيتش يسعى لتحقيق 3 أهداف في مباراتي توغو    السيتي: محرز ساحر العرب    افتتاح مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي    ما حقيقة توقيف إيمان خليف؟    المنافسات الافريقية للأندية (عملية القرعة): الاندية الجزائرية تتعرف على منافسيها في مرحلة المجموعات غدا الاثنين    انطلاق عملية التصويت للانتخابات الرئاسية في تونس    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: فيلم "ميسي بغداد" يفتتح المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي يعود بعد 6 سنوات من الغياب.. الفيلم الروائي الجزائري "عين لحجر" يفتتح الطبعة ال12    بيتكوفيتش يعلن القائمة النهائية المعنية بمواجهتي توغو : استدعاء إبراهيم مازا لأول مرة ..عودة بوعناني وغياب بلايلي    أسماء بنت يزيد.. الصحابية المجاهدة    دفتيريا وملاريا سايحي يشدد على ضرورة تلقيح كل القاطنين    بلمهدي يبرز بتيميمون امتداد الإشعاع العلمي لعلماء الجزائر في العمق الإفريقي والعالم    محارم المرأة بالعدّ والتحديد    خطيب المسجد النبوي: احفظوا ألسنتكم وأحسنوا الرفق    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألفاظ هجينة تذهب بلغة الضاد و أخرى تمس بالمقدّسات الدينية

في خضم الانحطاط الذي تشهده اللغة العربية و اندثار قواعدها بعقول الناس وعلى ألسنتهم، .وبات يستصعبها معظم الجزائريون حتى ذوي الشهادات العليا منهم، لم يعد أمام الشباب الجزائري خيار سوى اصطناع ألفاظ مستحدثة في اللهجة العامية ، يقتبسونها تارة من لغات متعددة عبر العالم، وتارة يتلفظون بعبارات لا أصل تنسب له ، و لا وزن تقاس عليه، غير أنهم بتلفظهم بها يسيئون لله و الأنبياء و المقدّسات الدينية تعبيرا عن تجبّرهم و بسالتهم .
محمد .بن حاحة
تشهد هذه الألفاظ التي توصف من قبل علماء الاجتماع بالهجينة والدخيلة على ثقافة مجتمعنا الأصيل، حيث كثر استعمالها من طرف الشباب الجزائري و زاد رواجها في أوساطهم ، حيث تتناسب تعقيداتها و شفرتها مكبوتاتهم ونمط عيشهم الصعب ، سواء من الجانب الاجتماعي أو السلوكي ، و لم تعد مجرّد كلام سوقي يطلق من طرف فئة قليلة و تسمعه فئة ما ، بل تعدّت الظاهرة المجتمع الجزائري من الشارع إلى البيت الجزائري، حيث صار يستعملها الصغير و الكبير ، جاهلين أو متجاهلين خلفياتها وحتى معانيها ، والتي قد تصل في كثير من الأحيان إلى المساس بالمقدسات الدينية .
تقليد للآخر؟ أم بديل يغطي عدم إتقانهم لغة الضاد، أو أي لغة أخرى؟، لم يبقى أمام الشباب إلا "الدارجة" المقتبسة من هذه اللغة ، وتلك لتصبح وسيلة يتصلون بها ، و من الطبيعي أن تدخل مصطلحات لغة ما في لغة أخرى ، بحكم عوامل جغرافية و تاريخية أو غيرها من العوامل، لكن من الخطورة أن نظن بأن تلك اللغات تفضل على لغتنا العربية ، وأنها لغة الحضارة و التقدم ، في حين تكون لغتنا لغة التأخر، علما أن مختلف لهجات مناطق الوطن تحمل أصالة وتاريخا، غير أنهم تخلوا عنها إلى أن اندثرت، وحلّ محلها كلام لا يكتمل ، إن ما استرق من لغة لفضا ليعبّر به عن معنى .
تنابز بألفاظ اعتباطية
"المباصي"، "المكحوس"، "شبرق" "مغندف" "قاوري" "عيشة راجل" و"الأنوش"..إلخ، هي مفردات جرى التنابز بها على ألسنة الشباب حتى انتشرت بينهم ، و التصقت بلغتنا الدارجة الأصيلة لتذهب بأصالتها و جمالية دلالتها، فجهلنا بمصدر تلك الألفاظ وإدخالها في لغتنا دون بحث أو استناد لضوابط علمية ، حاد بلغتنا عن قواعد النحو والصرف وزاد من لحنها و أخطائها، وتبيينا لهذه المآخذ تصدّت "الجزائر الجديدة" لهذه الألفاظ الدخيلة بتقصيها و التحقيق في أصولها ومعانيها ، مستعينة بأساتذة و باحثين متخصصين في هذا المجال .
"راني فقوسطويا"، "المورال ديالي" ، "أنوش" ، عبارات متعددة يستخدمها الشباب بشكل دائم، وفي كل حالاتهم وحاجياتهم، مثلا عند قولهم "راني فقوسطويا" فإنهم يستخدمون لفظ "قوسطو" الإسباني و الذي يعني المراد أو المبتغى للتعبير عن حالة نفسية مريحة ، أو قد يستخدم لدى الشباب بمعنى الهواية، ويرى المختص الاجتماعي "عبّاد خالد" أن أول ظهور لهذه الكلمة كان بين فئة المدخنين من الشباب، حيث تم استنباط كلمة "راني" من اللفظ العربي "أراني"، و التي تستخدم عند اليقين بوقوع أمر ما، غير أن الشباب الجزائري يضيف لها كلمة "قوسطو" للتعبير عن حالة ظرفية دائمة، أو تعبيرا عن فعل مستقبلي يستريحون لفعله أو لانعدامه ، أما فيما يخص لفظ "ديالي" فهو الآخر من أصول عربية كذلك، ويعني "ذا لي " أي ملكي وحوزتي . وتعبير الشباب باستعمال لفظ "المورال ديالي" ، و الذي اعتبرته المختصة الاجتماعية "زواد نادية" وصفا للحالة النفسية والمعنوية التي يشعرون بها، والتي قد تكون سلبية أو "إيجابية أو سلبية ، فعلى سبيل المثال"المورال ديالي راهو أنتيك" أو "..راهو في "الزيرو".
وقد أكدت لنا الأخصائية النفسانية "لوتيس كريمة " أن الشباب يفضل استخدام هذا النوع من الألفاظ دون فهم معناها أو أصلها ، لأنها تعبر عن حالته النفسية و الاجتماعية باختصار ، ففي كلمة أو اثنتين قد يعبّر عن كل حالته".
"راني كي القور" أو "القاوار"، هي الأخرى من الألفاظ التي يستعملها الشباب قاصدين بها الأجانب من الغرب و الأمريكان وغيرهم ، وقد يقصد بها الفرنسيون بالأخص، فمثلا يقول البعض حتى من الأجيال السابقة "نهدر القاورية" أي أتكلم اللغة الفرنسية ، و الخطر في هذا اللفظ هو أن الكثير من الشباب يعبّرون عن أناقتهم بتشبيههم بال "الغور" و أصل الكلمة "غاوري" من اللغة التركية وتعني "كافر" ، وهنا قد يشبه الشاب نفسه في مظهره بالكفار متفاخرا بتشبهّه بهم .
كلمات تمس بالمقدّسات
تمسٌ الكثير من هذه الألفاظ بالمقدسات الدينية ، سواء عن قصد كما يجهر مطلقوها بتسميتها بال"كفريات" ، كسبّ الدين و الله و النبي، أو عن غير قصد ، كبعض العبارات المنتشرة في لغتنا الدارجة ، و التي ألفنا التلفظ بها ، إلا أن الكثير من العلماء نبّهوا إلى أنه لا ينبغي قولها و هي كثيرة ، نذكر من بينها "والله والو" ، إذ يشبه العلماء قائلها بمن يقول أن الله لا شيء ، أو بمعنى آخر أن لا وجود لله، والأمر خطير لقوله تعالى " هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم" ، وحتى صرنا نسمع الكثير من الناس يقولون حين ينطق بها أحد أمامهم ، يسرعون قائلين "والله واحد".
من بين الألفاظ الأخرى التي انتقدها أئمة جزائريون لفظة "جابلي ربي" إذ يقولون أنه لا يجب التلفظ بهذه العبارة ، فقائلها كمن يقول أن الله قد أوحى له ، ثم إن العرف جرى على إطلاقها عند الشك في أمر الله ، وما يأتي من عند الله إلا اليقين.
ألفاظ تحمل رسالة للشباب
كلمات مختلفة يستعملها الشباب ، و هي تحمل في طياتها العديد من الأحكام ، من بينها كلمة "بوجي تاكل الروجي" هي مزيج بين اللهجة العامية واللغة الفرنسية ، فهي تجمع بين لفظ "بوجي" أي تحرّك و "روجي" و هو نوع فاخر من الأسماك ، ويدعى باللغة العربية "بسمك سلطان إبراهيم" ، و هو سمك باهظ الثمن، وفي هذه الجملة دلالة على أن من يريد الرفاهية فعليه بالعمل الدؤوب .
، فكلمة "الروجي" على حدّ قول الأخصائية الاجتماعية "نادية زواد" ، ما هي إلا تعبير عن العمل والاجتهاد و الكد في العمل ، إذ أن هذا السمك لا يؤكله الجميع ولا يقدر على إحضاره للبيت إلا غني أو عامل براتب جيد، ولا يمكن للفقير أو البطّال أن يقتني هذا السمك، و كأن هذا المثل يوحي بنفس معنى المثل القائل من جدّ وجد .
وهناك مثل عاصمي آخر يناقض المثل الأول وهو " إذا أعطاك العاطي ما تشقى ما تباطي" ، و كل ألفاظه عربية ما عدا اللفظ الأخير ذو الأصل الفرنسي ، و الذي يعني "الضرب أو الخصام" ، ومعناه أن الله إذا تكرم على عبده وجاد عليه بنعمه ، فسيحصلها دون حول منه ولا قوة ، وسيعيش مرتاحا بعدها .
.
ألفاظ تحمل رسالة للمسؤولين بتعبير شبابي جزائري
"أنتيك يا خو"، هي الأخرى تعرف رواجا عند الشبان و العاصميون بالأخص، فهذه اللفظة ذات الأصل الفرنسي "أونتيك" ، و نجدها حتى في اللغة الإسبانية بلفظ "antiguo"، يطلقها الشباب من أجل قول "كل شيء على ما يرام" كتعبير للصمود في وجه الانسداد و تدهور الحالة الاجتماعية و الاقتصادية و انعدام وسائل الترفيه ، و عدم القدرة على تحقيق الأحلام لكثرة الإعاقات والعراقيل، وظهر هذا المصطلح حسب المختص الاجتماعي "مصطفى عباد " في السنوات الماضية ، في حين يؤكد أعمر تومي، أستاذ في اللغة الفرنسية ، بأن المقاربة تكمن بين المصطلح الفرنسي "الأنتيك" والرمز المشفّر عند الشباب، يتمحور حول هذا القديم المنسي في الزوايا للتعبير عن حالة سائدة ملّها الشباب، لكن في الوقت نفسه الشيء الموجود بها ثمين وغال وجيد، رغم النسيان الذي يعتريه.
مصطلحات عديدة تعدّت الإقليم الجغرافي ، وخاضت المجال الاقتصادي و تحدت في جرأتها المقدسات الدينية ، يكون الإنسان حيالها الضحية الذي فرضت عليه الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية و الأولويات الدنيوية و المادية للحياة أو يكون المحتمي خلفها عند فقده هيبته بين الرجال .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.