التقت "الجزائر الجديدة" أثناء تغطيتها لفعاليات مهرجان مسرح الهواة في طبعته السادسة والأربعين الذي بدأ نشاطه مساء أول أمس بدار الشباب "مرسلي محمد" ، بعضا من الفنانين الذين أبدوا انطباعاتهم حول المناسبة، ومدى تفاؤلهم فيما يتعلق بالمسار التصاعدي التحسيني للمسرح في الجزائر. زينب.ب لعمري كعوان: نقص الجمهور المسرحي في العاصمة يعود إلى الرداءة تحدث الممثل والفنان لعمري كعوان، ل "الجزائر الجديدة" فقال أن المسرح غير مرتبط بالمناسباتية كما يشاع، فنقص الجمهور مرتكز في العاصمة فقط، وذلك راجع للرداءة، فالجمهور متواجد في المناطق الأخرى. وأرجع لعمري كعوان، هذه الرداءة إلى الأعمال المتكررة التي تعيد نفسها، إضافة إلى كثرة الاقتباس، وكتاب أنفسهم ناهيك عن المواضيع المسروقة. وأوضح كعوان، أن مسرح الهواة الذي تنظمه ولاية مستغانم كل سنة، بمثابة نواة المسرح الجزائري تترجمه الطبعات السادسة والأربعون، مضيفا أن هذا المهرجان ورغم بروزه منذ وقت طويل إلا أن حركة الهواة أقدم بكثير فهي تعود لسنة 1924، أيام علالو بمسرحيته الأولى حيث يعتبر هذا الأخير من مؤسسي المسرح في الجزائر وكذا التوري، فقد كانت الحركة المسرحية الهاوية معروفة آنذاك، كما أن تاريخ المسرح معروف من أيام قدوم جورج الأبيض. وتابع كعوان "أن مسرح الهواة هو الحركة الوحيدة التي مازالت واقفة بممثليها وكتابها ومخرجيها، فهي لا زالت تعمل وتكون وتخرج شباب، دون نسيان المدرسة الأكاديمية ببرج الكيفان التي يتخرج منها الكثيرون، حيث تعمل على صقل مواهب الهواة، وكل عام تتحسن الأوضاع تقنيا وفنيا من خلال الكتابة المسرحية، من خلال الإخراج المسرحي، السينوغرافيا. ولوازم العرض المسرحي. وقال الممثل ذاته، أننا عندما نتحدث عن المسرح المحترف لابد من معرفة ماهية هذا النوع من المسرح، فهذا الأخير يستعمله الإنسان كحرفة، أما الجودة فنجدها في المسرح الهاوي ضاربا مثال " قد تجد في النهر ما لا تجده في البحر"، مضيفا أنه في بعض الأحيان تتقن الفرق الخاصة أداءها أكثر من الفرق الاحترافية التي تخرجت من المدارس المسرحية، حيث تجتمع فيها الخبرة والحب لهذا الفن والتقنية وكذا الجودة، مؤكدا أنه "غالبا" ما تقدم الفرق الخاصة أعمالا أكثر من الأعمال التي تقدمها المسارح الجهوية، فالهواة متعلقون بما يحبون، فهم لا يعتبرون المسرح مهنة يتقاضون أجرا عليها. وواصل كعوان، بقوله أن الموضوعات التي يتطرق لها مسرح الهواة تكون أكثر جرأة، وليس فيها احترام للخط السياسي، لأنها تعتمد على التلقائية والعفوية، ولكنها ستشكل لهم عائقا أمام من يسطرون الأمور، غير أن هناك أيضا من الفرق المحترفة من تتجاوز الخط الأحمر، وذلك راجع لحرية التعبير التي تشهدها الجزائر فهي غير مراقبة وغير مقيدة مثل التي في الدول العربية الأخرى، ولكن نحن بحاجة إلى أكثر. وأضاف كعوان أن دعم الدولة للمسرح يأتي عن طريق الوزيرة، التي قدمت دعما للمسرح ما لم يقدمه وزير قبلها، معيبا عليها عدم متابعتها لهذا الدعم الذي يذهب نصفه لجيوب المسؤولين الذين لا زالت تحتفظ بهم إلى حد الساعة ومنهم من تجاوز عشر سنوات في منصبه، فعيب أن يكون مدير لم يكتب قبلا لا رواية ولا قصة ولا أي شيء وبمجرد أن يصبح مسؤولا يتحول إلى كاتب. وثمن كعوان، المجهودات التي يقوم بها مهرجان مسرح الهواة، بحيث أنه يعطي الفرصة لشباب موهوبين من مختلف المناطق حتى النائية. وعبر الممثل لعمري كعوان عن أسفه لأزمة النص التي لازال المسرح يعاني منها، ذلك أنهم لا يتوجهون للكتاب الحقيقيين خاصة المتواجدين في المناطق النائية، وبالتالي بقي ذات الكتاب يدورون في الساحة. هارون كيلاني: الجنوب به طاقات بحاجة إلى تشغيل ومن جهته شرح رئيس فرقة مسرحية من الأغواط، هارون كيلاني، الرسالة التي مررها من خلال كوريغرافيا حملت عنوان "سريع الجنوب" التي قدمتها خلال افتتاح مهرجان مسرح الهواة في طبعته السادسة والأربعون، بأنها تحمل في طياتها الكثير من المعاني، وهي فتح المجال أكثر لتكون عاصمة الهواة هي الجزائر دون استثناء حتى المناطق العميقة التي لم يصلها المسرح، مطالبا الجهات المعنية الاهتمام بالضاحية الجنوبية وموروثها الحضاري. وعن حركات الهيب هوب التي استعملها في كوريغرافيا "سريع الجنوب"، قال رئيس الفرقة، بأن في ذلك رسالة مفادها أن الشاب الجنوبي غير معزول عن العالم وغير متورط فقط في موروثه الحضاري البسيط جدا، ولكن هو يملك فولكلور إنساني يمتد منذ قرون إلى يومنا هذا، فالشاب الجنوبي يؤثر ويتأثر وهو ينتمي إلى الحوض المتوسط، غير أنه لا توجد عيون لتلك الطاقات الشابة، ورغم ذلك فإن الخشبة المسرحية الوطنية الاحترافية قد زودها الجنوب بأسماء من عنده على غرار حليم زريبي، مصطفى صفراني، حمزة جاب الله، تحمل معها الكثير من الزاد وحقيبة فنية مثقلة. كما ثمن كيلاني في الوقت ذاته النوافذ التي فتحت لهم من خلال الإعلام، فهناك الكثير من الأدباء والكثير من الصحفيين الذين يتحدثون عن العزلة، مضيفا أنهم كشباب جزائري جنوبي يحلم بوحدة وطنية، شاملة وجامعة للشبيبة الجزائرية. وتابع كيلاني، بقوله أنه لا وجود لشمال أو جنوب فالبوصلة مكسورة لديه، غير مؤمن بجواز سفر أو بطاقة تعريف، مؤكدا أنه حيثما يمشي في وطنه يمتلك مترا مربعا. وقال كيلاني بأن مسرح الهواة يعاني كثيرا، ولكن مستغانم تبقى المتنفس الوحيد لهؤلاء الهواة، مشيرا إلى ضرورة استعداد مهرجان مستغانم للاستثمار في المهرجانات الجهوية، لأن هذه الأخيرة تساعده للظهور بأكبر قوة، فهناك فرق في الجنوب بحاجة إلى عين اعتبارية. وواصل كيلاني، بأن الهواة يملكون قلبا كبيرا، وهم يستطيعون إنجاز كل الأشكال والأنواع، ولكن الاحترافي ملزم بتطبيق أكاديميته وما درسه على الخشبة فلا يمكنه الاستغناء عن التفاصيل. وشجع كيلاني العمل الضمائري، الذي لا يعمل بالبطن والجيب، فهناك الكثير من المقاولين الخارجين عن نطاق الثقافة ويظنون بأنهم محترفون وهم ليس كذلك ويرمون أموالهم دون نتيجة في حين الهواة يصنعون العجب بالشيء القليل. جمال بوناب: مسرح الهواة يسمح ببروز المواهب وفي لقائه ب "الجزائر الجديدة"، أكد الممثل جمال بوناب أن الكثير من الفرق المسرحية تظهر إلى الوجود بفضل مهرجان مسرح الهواة الذي تحييه مستغانم كل سنة، مشيرا إلى أنه لا فرق بين المسرح المحترف والمسرح الهاوي، وإن كانت بعض الفرق الهاوية قد تفوقت على الفرق المحترفة. وأضاف بوناب، أن الهواة يقدمون جهدا أكثر من المحترفين، لذلك يظهر أنهم يحبون ما يقدمونه ويحبون أن يظهروا. وعن غياب الجمهور المسرحي، قال بوناب بأن ذلك موجود خاصة في المهرجانات في اليوم الأول يكون هناك بعض من الجمهور ولكن عددهم ينقص، ما يجعل انطباع أن محبي المسرح غير موجودين يسود، فالجمهور الحقيقي قد نقص صراحة، مؤكدا أن المسرح مرتبط بالمناسبات، لذلك يجب أن تزداد النشاطات. وتصبح مرة كل أسبوع حتى يتعود الناس عليها، مشيرا أنه في الماضي كان للمسرح جمهوره العريض، مطالبا في الوقت ذاته بتدريس المسرح في المدارس.