قال الكاتب بلقاسم الشايب إن لغة الشعر الشعبي لا يمكن لها أن تتجاوز لغة الأم، اللغة العربية مهما كانت، إلا أنها قادرة على إثرائها بمصطلحات أخرى لم تكن موجودة فيها من قبل" ، مشيرا إلى أن الشعر الشعبي في الجزائر هو جزء لا يتجزأ من الثقافة، و يعد أيضا إضافة لتراث البشري و الحضاري فيها. و أوضح المتحدث خلال استضافته أول أمس السبت بفضاء صدى الأقلام الذي يحتضنه المسرح الوطني محي الدين بشطارزي، لتقديم إصداره الجديد "ترجمته رباعيات عمر الخيام إلى اللهجة الجزائرية' أن اللغة الشعر الشعبي في الجزائر لم تصل بعد إلى المستوى الذي بلغته نظيراتها في دول المشرق العربي و دول الخليج الذي صنعوا لهذا الفن منحى خاص به. مضيفا أن شعراء الشعر الشعبي في تلك الدول كانوا من رواد الشعر الفصيح ، الأمر الذي سهل لهم الدخول لهذا العالم و الابداع فيه، مبررا حديثه بما قدمه الشاعر احمد رامي الذي سبق له و أن ترجم أجزاء من رباعيات الخيام، و الشاعر الذي فقدته الساحة الإبداعية مؤخرا احمد فؤاد نجم، حيث قال بهذا الخصوص "لازلنا لم نتجاوز الفتحات الأولى للشعر، و لم نخطو خطوة على غرار المشارقة الذي نزحوا إلى الشعر الشعبي، لأنهم ذوي خلفية شعرية كبيرة في الشعر الفصيح". و بخصوص ترجمته لرباعيات الخيام أكد المتحدث انه أول من قدم ترجمة كاملة لرباعيات الخيام، الذي سبقه الكثيرون إليها، على غرار وديع البستاني الذي كان أول من ترجمها إلى اللغة العربية، ثم أحمد الصافي النجفي، وإبراهيم العريّض، وجميل صدقي الزهاوي، وأحمد زكي أبو شادي، ومحمد السباعي، وعلي محمود طه، ثم ترجمة الشاعر أحمد رامي التي كانت أشهر الترجمات، و ذلك بعد جهد أربعة سنوات، سنتين للبحث و التمحيص في تلك النصوص مع دراسة شاملة لها، و سنتين للصياغة و البحث عن المصطلحات، قائلا "قدمت أفضل ما لدي و إن هذه الترجمة لازالت تخضع للتنقيح و المراجعة في كل طبعة"، مشيرا أن كل مترجم له خصوصياته تميزه عن غير لان الترجمة سيوجد فيها نوع من الذاتية، مؤكدا في السياق ذاته إلى أن ترجمة النص الأدبي والشعري أصعب أنواع الترجمات و ذلك لما يمتاز به من طبيعة تخييلية، لذلك يضيف المتحدث أن المترجم للنص الشعري يقتضي عليه أن تتوفر فيه مجموعة من المواصفات أهمها التمكن من اللغة والموهبة، و أن يكون ملمّاً بأسرار اللحن الشعري والموسيقي التي تمكنه من الصياغة الفنية والموسيقية للتعبير عن المشاعر والأحاسيس. و بخصوص الرباعية قال عنها أنها "قالب من قوالب الشعر الفارسي، هي مقطوعة شعرية من أربعة أبيات ويمكن أن نقول أنها قصيدة قصيرة لا تتعدى أربعة أسطر بقافية موحدة وتعبر عن فكرة واحدة، وفي بعض الأحيان يختلف السطر الثالث". و عن شعر الخيام يقول " أن أشعاره حملت تأويلات عديدة بين الزندقة والإيمان والمحافظة والمجون، لان عشقه للخمرة أثار حوله الكثير من الجدل فمنهم من رآها خمرة إلهية صوفية، ومنهم من أبدى شكوكه حول سيرته"، مضيفا " الخيام في رباعياته تقياً ماجناً ومتصوفاً مستهتراً ومتفائلاً متشائماً يهاب الموت ويدعو إلى التمتع بمباهج الحياة، ويشعر بالندم فيتوب إلى الله ، محاولا فك أسراره في عالم روحي يتخلص فيه من إغراءات الحياة الزائلة، ولم يثر شعر ما أثارته الرباعيات الخيامية من الحيرة والشكوك، لما تحمله من صور مليئة بالمتناقضات، ولا أظن أن هذه المتناقضات يمكن أن تجتمع في رجل كالخيام عُرف في زمانه بالحكمة". و قد اختتم اللقاء بتقديم الكاتب بلقاسم الشايب لقرءات شعرية ملحنة مرفقة بموسيقى، أغدق عليها من شاعريته و أسلوبه وعمق مشاعره وأحاسيسه التي أحيت روح الخيام في رباعياته.