لم تعد الجامعات الصيفية سوى تقليد سياسي تلتزم به بعض الأحزاب، في وقت تتحجج فيه أحزاب بعدم تمكنها من تنظيم هذا النشاط لشح الميزانية بعد توقف السلطة عن توفير القاعات لهذا الغرض. وهذا العام ارتأت أحزاب السلطة وعلى رأسها الأفلان والأرندي، التخلي عن الخطاب الأحادي في القاعات والاهتمام بترتيب أمور البيت الداخلية، فسعداني مقبل على عقد اللجنة المركزية وأويحيى يتحضر لجولته الوطنية تحضيرا لاستحقاقات مجلس الأمة. الأحزاب التي حافظت على هذا التقليد، خاصة الإسلامية، لم تقدم إضافات تذكر للساحة السياسية، عدا الحديث عن الوضع الراهن والخروج بتوصيات لا تتعدى التنديد بسياسة السلطة وسوء تسيير الثروات وتوقع حدوث الكوارث والأزمات دون تقديم حلول لمعالجتها أو مواجهتها. النهضة: الجامعات الصيفية مجرد مزايدة إعلامية بالنسبة للبعض قال المكلف بالإعلام لحركة النهضة أن الهدف من تنظيم هذا الفضاء، هو لقاء المناضلين بالقيادات لطرح البدائل وتقديم المقترحات، وتوعية الرأي العام وضبط برنامج نشاط الحزب والتحضير للدخول الاجتماعي، وأوضح أن بعض الأحزاب جدية تقترح مشاريع أو تطورها، في حين تنظمه أحزاب لمجرد المزايدة والدعاية الإعلامية لا غير. وعاد المتحدث للتذكير أن حركة النهضة أول تشكيلة سياسية في الجزائر نظمت هذا الفضاء، بعد أن أعجب إطارات الحركة في الخارج بتجارب الأحزاب الغربية، وعدا تكوين الإطارات والحديث عن بعض القضايا الراهنة خاصة الانتقال الديمقراطي، لم تخرج النهضة إلا بتوصيات حول ضرورة الإهتمام بالنخبة، لتكوين جيل مثقف قادر على التوعية والتغيير. واعتبر حديبي أن تقديم البدائل والحلول مرهون بسلطة تقبل الحوار وتحترم الرأي الآخر حتى لو كان من المعارضة، وهو "أمر غير متاح حاليا وعلى الحكومة البحث عن حلول للخروج بالجزائر من المأزق الذي يهدد بانفجار شعبي" مثلما يقول. تنديد بالوضع الراهن ولا بدائل تُطرح الوضع الإقتصادي الراهن وتداعيات تهاوي أسعار النفط وتراجع قيمة الدينار، وسياسة تقشف الحكومة، كانت في صميم خطابات الجامعة الصيفية لعدة أحزاب خاصة الإسلامية، حيث حمل رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري "السلطة سوء تسيير الثروات وتعمد تفقير الشعب وتحميله تبعات خيار الحكومة الخاطئ"، وتوقع لجوء الجزائر لصندوق النقد الدولي للمديونية، وقال أنه أمر صعب في ظل الأزمة الإقتصادية التي تضرب العالم. وقال النائب نعمان لعور، أن "المعارضة جزء من الشعب، وهي لا تسير دواليب الحكم وليس بمقدورها سوى توضيح المخاطر وتوعية الشعب وتقديم مقترحات لتصحيح الوضع وتفادي الإحتقان". من جهته حزب العمال الذي لم تخلو ورشات جامعته الصيفية من الحديث عن الأزمة الإقتصادية والإجتماعية، توقع دخولا إجتماعيا مضطربا وساخنا، وقال النائب رمضان تعزيبت أن "حزب العمال لن يستسلم وسيواصل كفاحه وقطيعته مع النظام الذي يحاول أن يفرض التقشف على المواطنين بعد أن بدد ثرواته"، واعتبر أن الجامعة الصيفية وقفة لتنمية الإطارات والتضامن بين القيادة والقاعدة، وتحقيق التجانس والتواصل، جبهة التغيير: الجامعة الصيفية فرصة للاهتمام بمفكرين همشتهم السلطة ترى جبهة التغيير الذي نظمت جامعتها الصيفية الأسبوع الماضي أن هذا الفضاء تقليد ينبغي الحفاظ عليه حتى لو لم تكن له نتائج واضحة على الساحة السياسية، غير أنه محطة لإعطاء الأكادميين والمفكرين الذين همشتهم السلطة فرصة لمناقشة القضايا التي تهم الرأي العام وتبادل التجارب والخبرات بين مختلف الأحزاب من الدول الشقيقة، مضيفا أنها محطة ثانوية لتكوين إطارات الحزب والطلبة والشباب. أحزاب السلطة فقدت شهيتها في الجامعات الصيفية أحزاب الموالاة وعلى رأسها الأفلان والأرندي أدركت أن الجامعات الصيفية مضيعة للوقت وغير مفيدة لمناضليها، بالنظر إلى أن مواضيعها السياسية غالبا ما تكون شاملة وغير واضحة تشتت الحاضرين فقط، الذين يسجلون حضورهم في اليوم الأول، ليهجروا مقاعدهم في الأيام الأخرى. تخلى الأرندي عن الجامعات الصيفية في السنتين الأخيرتين، لانها لم تعد مجدية ومجرد هدر للوقت. ويفضل الحزب بقيادة أحمد أويحيى، "عقد ندوات جهوية تنظم طيلة السنة، تكون أكثر فاعلية" ويتم من خلالها الاحتكاك بالمواطنين والوقوف على مشاكلهم. بالمقابل يستبعد أن ينظم الآفلان لقاء صيفيا لانه لم يرتب بيته الداخلي. ومن غير المترقب أن يكون عمارة بن يونس رئيس الحركة الشعبية، متفرغا لجمع مناضليه في قاعة والخوض في "المشاكل السياسية"، بعد صدمة إبعاده من على رأس وزارة التجارة في التعديل الحكومي الأخير. وانتقد خصوم سعداني تغييب الأفلان عن الساحة السياسية في ظل الأوضاع التي تتخبط فيها الجزائر، فلا جامعة صيفية ولا مواقف جادة اتجاه مواضيع شغلت الرأي العام، ولا إجتماعات ولا ندوات، وكل ما يدور من حديث عن الأفلان لا يتعدى فضائح أو إشاعات.