راهنت القناة الوطنية الرسمية على المسلسل الرمضاني "النار الباردة" من أجل استقطاب المشاهد خلال رمضان 2018، في ظل الدراما الشحيحة والراكدة التي ميزت هذه السنة، غير أن الوصول إلى الحلقة الخامسة عشر بينت أنه مسلسل راكد هو الآخر وضبابي. رغم مشاركة ممثلين متألقين على غرار خالد بن عيسى، أكرم جغيم ونسرين سرغيني، إلا أن "النار الباردة" الذي يخرجه فريد بن موسى لم يصل إلى توقعات المشاهد، فالمظهر جميل جدا يعززه تتر البداية القوي والجميل -وهو فكرة وإخراج أمال جبروني- وتظهر نسرين سرغيني في أغلب مشاهده رغم أم المحتوى لا يدل على أنها بطلة المسلسل، على الأقل ليس وحدها، واعتمد المخرج فريد بن موسى في إعداده على طريقة المسلسلات العربية والتركية وزاده جمالا مرافقته لأغنية المطربة فلة عبابسة، كما أن البداية كانت تبدو موفقة من حيث الأداء الجيد للممثلين وكذا التشويق الذي بدا جيدا في الحلقة الأولى لولا أنه كان طويلا ومازال الأمر الذي جعل المتابعة مملة وراكدة وكذلك ضبابية. تدور أحداث "النار الباردة" حول "جازية" القادمة من ولاية تلمسان من أجل الانتقام لكن المسلسل لم يظهر بعد نصف شهر نوع الانتقام أو ما الذي حدث في الماضي، المعلومة الوحيدة التي تلقاها المشاهد هي أن هذا الانتقام يخص والدة جازية وقد كلفتها به قبل موتها الذي كان في الحلقة الأولى وبعد شهر تخبر جازية شقيقتها الصغرى "ليليا" التي تدرس بالجامعة بأنها حصلت على عمل في دبي ويجب عليها أن تذهب، غير أن وجهتها كانت العاصمة من أجل الانتقام، هناك تكون على اتفاق مع أحدهم الذي لم يظهر إلى غاية اللحظة بل فقط تتحدث إليه عبر الهاتف، وعند وصولها ترمي بنفسها أمام سيارة العجوز الثري "رابح" الذي ينقلها إلى المشفى ويفتح لها منزله ويعرفها بابني شقيقه "أرسلان" و"فلة"، ومع مرور الأيام يتواعد أرسلان وجازية لكن العجوز رابح يقطع علاقتهما دون معرفته بها عندما كان السباق في طلب الزواج من جازية، هذه الأخيرة التي وافقت بسرعة بعد اتصالها مع المجهول الذي طلب منها الموافقة، ما جعل أرسلان يعتقد أنها امرأة مادية وهدفها كان الأموال ولهذا تزوجت برجل في عمر والدها. من جانب آخر تظهر شخصية "نسرين" أم لولدين "أسماء" و"رسيم"، بطباع حادة وتتبع ملاحظ للعجوز "رابح" الذي يكون صديق زوجها "محمود"، غير أنه على مدار الحلقات لم يكن واضحا سبب كره رابح لنسرين، لكنه أخبر فيما بعد جازية أنها كانت تلاحقه لكي يتزوجها بعد وفاة زوجته لكنه كان يرفض ويهرب منها لذلك اختارت أقرب صديق له وتزوجته ورغم ذلك ظلت تلاحقه وعندما بقي رافضا فعلت المستحيل لتفرقه عن صديقه، وبمرور الوقت كبر طفلاها لكن رغم ذلك بقيت تتبع أخباره. دور نسرين قوي في العمل، لكن القصة تفترض جازية بطلة باعتبار أن نقطة البداية كانت من حكايتها وظروفها وانطلاقتها نحو الانتقام المزعوم، غير أنه ورغم أداء الممثلة الجيد إلا أنها بدت سطحية وغير متحكمة في موضوع الانتقام حتى أن المشاهد قد ينسى أحيانا أنها في مهمة، فهي لم تحرك ساكنا ولم تقم بأي خطوة لتظهر انتقامها، فقط تزوجت العجوز وتنتظر أن ترثه خاصة بعد أن سمعته يتحدث مع المحامي عن نيته في كتابة وصية مفادها أن كل أملاكه سيكتبها لزوجته جازية، متجاهلا أبناء أخيه، فلة الشابة المقعدة وأرسلان الذي سانده في العمل والحياة وهو الرجل العجوز الوحيد. أما أكرم جغيم، فيتمثل دوره في "ياسين" الذي يعمل عند نسرين ويواعد ابنتها أسماء، لكنه من جانب آخر يظهر غموضا في تعامله معها خاصة بعد ظهور امرأة ورغبة نسرين في العمل معها حيث تبين أنه متفق معها لجر نسرين في عملهما الذي لم يذكراه بعد. يبدأ المسلسل بطيئا جدا، ولازال كذلك وهو يصل إلى حلقته ال15، اعتمد على عنصر التشويق لكن هذا الأخير فقد مساره، فالتشويق قد يكون بشكل يومي مع نهاية كل حلقة أو تشويق يستمر لحلقتين أو ثلاث، لكن أن يتم إخفاء العنصر الأساسي للمسلسل والمحرك الأساسي له دون ذكره بتاتا والاستمرار في إخفائه بحجة أن المشاهد بإمكانه فك اللغز، هذا خطأ وقع فيه طاقم العمل، فحسب ما نتابعه من مسلسلات مختلفة عربية أو أجنبية يتم حل الألغاز بشكل تدريجي ومع كل لغز يتجاوب المشاهد، لا إخفاء اللغز الأساسي كأننا نشاهد فراغا، أجل هذا الفراغ الذي قدمه المسلسل لحسن الحظ أنقذته الأسماء المشاركة فيه. بالإضافة، فهناك أخطاء أخرى وقع فيها المسلسل، فمثلا "جازية" القادمة من تلمسان تتحدث اللهجة العاصمية القح وذات الأمر بالنسبة لأختها وخالتها التي لعبت دورها الفنانة عايدة قشود وهي تتحدث بلهجة عاصمية، على الأقل لو أنهم لم يذكروا أنها قادمة من هناك. ويُعاب على العمل أيضا طول المشاهد وركودها. "النار الباردة" سيناريو بشرى مالك وإخراج فريد بن موسى ومن أداء كوكبة من الفنانين المميزين على غرار عايدة قشود، خالد بن عيسى، نسرين سرغيني، أكرم جغيم، إلياس بن بكير. زينة.ب