يتجرع العديد من الطلبة المقيمين بالإقامات والأحياء الجامعية بمستغانم مرارة تدني الخدمات و رداءة الوجبات الغذائية المقدمة لهم وغياب شروط النظافة ، ما يجعلهم عرضة للأمراض و التسممات الغذائية ، دون أي تحرك فعلي من طرف المسؤولين ، بل تعدى الأمر إلى حدوث تجاوزات في هذه الخدمة التي تعتبر مهمة في حياة الطالب الجامعي. فعلى الرغم من أن الدولة تخصص للمطاعم الملايير في كل سنة ، وعلى الرغم من أن هذه الخدمة تعتبر مجانية للطلبة ، نظرا للمبلغ الرمزي الذي يدفعونه مقابل الوجبات المقدمة ، إلا أنها أصبحت مقترنة بكل ما هو رديء وغير صحي في بعض الإقامات ، حيث بات الطلبة يتخبطون في مشكل البحث عن الطعام لسد جوعهم ، من خلال تحمّل غالبيتهم لأعباء ومصاريف الأكل رغم تواجد مطاعم بإقامتهم الجامعية، وذلك لسوء الخدمات و تقديم وجبات لا تغني و لا تسمن من جوع بسبب افتقارها للمعايير والمقاييس المعمول بها في مجال الإطعام الجماعي من توازن ونظافة ، باعتبارهم طلبة مقيمين ولا يملكون خيارا سوى تقبل الأمر الواقع أو اختيار طريقة أخرى يحصلون بها على وجباتهم. حيث يدفع الأمر ببعض الطلبة إلى الاستعانة بالمطاعم الأخرى الخاصة خارج أسوار الإقامة و هو ما يجعل بعض المطاعم بالأحياء الجامعية بمستغانم مجرد هياكل دون روح لا تخدم الطلبة نظير الخدمات الرديئة والمتدنية التي تسيطر عليها.الأمر الذي يحتم على الوزارة الوصية والديوان الوطني للخدمات الجامعية التحرك بسرعة لتشديد الرقابة على "الريستو" ، ووضع حد للتجاوزات التي تشهدها بعض المطاعم الجامعية ليس في مستغانم فحسب و إنما في جميع أنحاء الوطن . هذا الوضع لا يزال يتكرر كل سنة ، دون وجود نية حقيقية للرفع من مستوى هذه الخدمة التي هي مرتبطة بالخدمات المقدمة لإطارات المستقبل، والتي من شأنها أن تساعد في التحصيل العلمي. طوابير طويلة ، مشادات و غرباء ب "الريستو" ولعل أهم ما يميز مختلف المطاعم الجامعية هي تلك المناظر المختلفة لخبز مرمي على الطاولات قبل أن يتحول إلى وجبة لطلبة الأحياء الجامعية ، فيما ترمى الأطباق الحديدية المخصصة لتقديم الطعام أرضا تماما كما ترمى النفايات ، ثم تصبح صحونا جاهزة لتسليم الوجبات الغذائية ، و هو ما يهدد صحة الطلبة في ظل عدم احترام مقاييس النظافة في الوجبات المقدمة ، أو على مستوى المطعم الذي لا يخلو من النفايات المتراكمة في كل ناحية منه . «الجمهورية" ارتأت إجراء استطلاع ميداني عبر عدة مطاعم جامعية بمستغانم ، أين وقفت على الواقع الكارثي للبعض منها والتي لاتزال تعاني من عدة نقائص، حيث سلطت الضوء على المشاكل التي يتخبط فيها الطالب من هذه الناحية و التي تعتبر من أهم الجوانب التي تساعدهم على التحصيل العلمي الجيد. كانت الساعة تشير إلى الثانية عشر، لحظة الدخول إلى المطعم ، حيث واجهنا أول مشكل و هو المتمثل في الطابور الذي خصص واحد للطالبات وآخر للطلبة الذكور ، كما لمحنا أشخاصا كبارا في السن وهم غرباء عن الجامعة في مقدمة الصف ، ولما استفسرنا قيل لنا بأن عمال الورشات و الموظفون يتسابقون إلى المطعم دائما قبل وصول الطلبة ليتقاسموا معهم وجبتهم، وهكذا يضطر الطالب إلى الانتظار لوقت طويل تتخلله أحيانا بعض الملاسنات بين الطلاب تزيد من تعبهم بعد يوم شاق قضوه في الجامعة. و بداخل المطعم لوحظ وجود سلاّت بها الخبز، و وعاء كبير يحوي الفاصولياء البيضاء، و آخر به كريات اللحم المفروم إضافة إلى موزع السلطة ، و موزع الفاكهة أو الياغورت . و ما شد الانتباه هو الطاولات المملوءة بالأوساخ ، وعدم تغيير الأطباق الحديدية التي يقدم فيها الأكل مند الموسم الفارط . إضافة إلى ذلك ، يعاني الطلبة من مشكل الماء الذي أصبح هاجسهم نظرا للإنقطاعات المتكررة له ببعض الإقامات ، وهي الظروف التي احتج في شانها الطلبة مرارا دونما فائدة تذكر. أكلات بلا ذوق و طالبات يستعملن أيديهن في غياب الملاعق ويجمع غالبية الطلبة في عدة اقامات جامعية ممن تم محاورتهم على أنهم يعانون من سوء التغذية ، وأن الإطعام الجامعي مجرد أكل يتناقض مع كل ما هو صحي ومفيد، بل هم يتناولوه فقط لسد جوعهم في ظل مخاوف من التسمم والمرض الذي قد يتعرضون له عند عند تناول الوجبات السريعة، وهو ما يؤثر سلبا على تحصيلهم الدراسي في ظل عدم وجود آذان صاغية تحل هذا المشكل. كما أكد طلبة آخرين على أنهم أحيانا يجدون نفس الوجبات تتكرر في الأسبوع على غرار " سباقيتي و المقارون و اللوبيا و العدس" وهي أكلات حسبهم غير صحية ولا ذوق لها، و نفس المعاناة بسبب غياب التنظيم الأمثل ، لاسيما عند الدخول إلى المطعم، بسبب الانتظار الطويل في الطابور. و ذكر آخر يدرس في كلية الإعلام انه تفاجأ مرة حين قدم لهم طبق "السردين " غير مطهو جيدا، و السلطة غالبا ما تقدم بلون يميل إلى الأحمر لأنها قديمة و الطين الملتصقة بها في قاع الإناء الذي يحويها، إضافة إلى علب "الياغورت" و«العصير" ذات ماركات غريبة ".مشيرا إلى أن البعض ممن يجدون في الطابور ليسوا طلبة وإنما منهم موظفين و آخرين غرباء عن الجامعة لا يمتون بصله للطلبة إلا أنهم يلجؤون إلى الحرم الجامعي طالما هناك مكان يجدون فيها الأكل بثمن بخس وبدراهم معدودات تشبعهم، ولا يشترطون نوعيته. مضيفا أن الطلبة غالبا ما يصلون متأخرين للمطعم ولا يجدون شيئا يأكلونه ، واكتشفوا أن المطعم يعمل بسياسة الاستفادة للأوائل ، وبالتالي فمن يقصد هذا المكان في حدود الحادية عشر والنصف صباحا يستفيد من الوجبة كاملة ، لتتقلص كلما مضى الوقت وتنقص مرة بحذف السلطة وأخرى اللحم ، وأخرى الفاكهة ، وفي مرات كثيرة الخبز ، إضافة إلى غياب النظافة . طالبة أخرى تدرس سنة أولى علوم إنسانية مقيمة بأحد الأحياء الجامعية بمستغانم ، كشفت أن الأكلات التي تقدم لهن غالبا ما تكون غير مطهوة بشكل جيد خصوصا الأرز و اللوبيا و البطاطا و التي تقدم لهن و هي خالية من أي ذوق مع الخبز القديم و الفاكهة اليابسة و الكاشير و الجبن الذي يتميز برائحة كريهة و ذات ماركة مجهولة إضافة إلى انعدام النظافة و المياه الصالحة للشرب و الملاعق ونحن مجبرون باستعمال أيدينا للأكل." التنظيمات الطلابية تطالب بتشديد الرقابة على الخدمات الجامعية من جانبهم أجمع بعض ممثلو مختلف التنظيمات الطلابية على أن مستوى الخدمات الجامعية المقدمة للطلبة ، رديء جدا، خاصة فيما يتعلق بالإطعام الجامعي، الذي يفتقر لشروط النظافة والصحة، وهو ما تثبته حالات التسممات الغذائية المسجلة كل موسم جامعي ، حيث طالبوا من الوصاية الإسراع في الرقي بهذه الخدمة، وكذا منحها إلى الخواص من أجل ضمان خدمة جيدة للطلبة وبالتالي الرقي بالجامعة الجزائرية. و قد أكد احدهم قائلا:« هناك بعض الاقامات التي تقدم وجبات في المستوى ، لكن في المقابل يوجد الكثير منها تتميز بسوء الإطعام بالرغم من الملايير التي ترصدها الحكومة في هذا المجال و نحن نطالب فقط بتشديد الرقابة على الجامعات من اجل الرقي بها ". و عن أسباب رداءة خدمة الإطعام الجامعي أجاب بأنها تتلخص في عدة نقاط أهمها العدد الكبير للطلبة ما يفقد عملية الطبخ في الجامعات الذوق في الأكل بما أن كمية الوجبة المطبوخة تكون كبيرة إضافة إلى عدم تكوين الطباخين لأنهم غير مهنيين و غياب الرقابة عن نوعية المواد الغذائية ناهيك عن عدم عرض اللحوم على البيطري .